الرياض ـ العمانية (فانا):احتل المسرح مرتبة مهمةً في حياة الشعوب على مر العصور والأزمنة، وفي كل الحضارات كان المسرح حاضرًا كمرآة تعكس ملامح المجتمع، وبصفته شكلاً من أشكال التعبير الثقافي. وتأتي أهمية المسرح في تشكيل الوعي والفكر لدى المتلقي، من خلال محاكاته للأحاسيس وحشد الانفعالات ومن ثم بثّها في الآفاق الاجتماعية، رافعًا مستويات الوعي في كثيرٍ من الأمور والموضوعات المختلفة التي تشغل المجتمع.كما أن المسرح ظل ملازمًا للإنسان، ومجسدًا للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي يعيشها، بل إنه كان مؤثرًا ومشاركًا في بلورة هذه الأنساق وصياغتها وبثها للمجتمع.ومن هذا المنطلق أخذ المسرحيون على عاتقهم رسالة المسرح في التأثير والتأثّر، حتى أن كثيرًا من دول العالم المتقدم تصنّف المسرح جهازاً تربوياً كسائر الأجهزة ومنها المدارس والمعاهد والجامعات. واستخدم المسرح منذ القدم أداة تعليمية وتربوية في المدارس، كان لها الأثر الفعال في تنمية ثقافة النشء وتطوير مهاراتهم وقدراتهم، وإيصال القيم التربوية لهم، ومساعدتهم في فهم واستيعاب مناهج التعليم. وتعددت الأنماط والأشكال التي استخدمت في مسرح الطفل، واعتمدت في مجملها على المحاكاة من خلال استخدام الدمى وخيال الظل، والمؤثرات الصوتية والتقنية والفنية التي تحفز الخيال لدى الطفل. كما أضحت الكليات والمعاهد والجامعات، مركزًا لعرض الكثير من المسرحيات التي تعنى بهموم الطلبة وقضاياهم المختلفة، إيمانًا من القائمين على هذه المؤسسات العلمية بأهمية المسرح ودوره في التوعية. ومن هذا المنطلق أخذت وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية بالتعاون مع عددٍ من الجهات ذات العلاقة، على عاتقها العناية بالنشاط المسرحي الذي ظل حاضرًا في جميع المناسبات والأعياد، من خلال عرض العديد من المسرحيات التي تتنوع في مضمونها وأشكالها المسرحية لتخاطب شرائح مختلفة من الجمهور. كما تعمل الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون منذ أكثر من " 40 " عامًا على تقديم العديد من الدورات والبرامج التدريبية الخاصة بصناعة المسرح وتأهيل الكتّاب والممثلين المسرحيين، إيمانًا منها بأهمية دور المسرح بصفته شكلاً من أشكال التعبير ووسيلة مهمة من وسائل التوعية والتثقيف. وحول بدايات النشاط المسرحي بالمملكة، يؤكد مسرحيون أن النشاط المسرحي بدأ في مدارس التربية والتعليم والجامعات والأندية الرياضية التي كانت تلقى دعمًا من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وكان لها الأثر البالغ إلى جانب نشاطات الجمعية في نشوء حركة مسرحية ناضجة، استقطبت الجمهور في تلك الفترة. وفي هذا الشأن يؤكد رئيس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي، أن للمسرح قيمة تربوية عالية، يتعلم من خلالها الشباب العمل بروح الفريق الواحد، والقدرة على الخطابة ومواجهة الجمهور"، مشيرًا إلى أن المسرح وسيلة إعلامية ساخنة يمكن توظيفها في الدعوة والإرشاد والتوعية والتثقيف، وهي ذات أثر عالٍ وقوي كونها وسيلة حيوية تمتاز بالتفاعل والاستجابة المباشرة بين الممثلين والجمهور.