أجل هناك فرق بين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة، فرق بين الكلمة الحسنة والكلمة السيئة، فرق بين الكلمة الحانية والكلمة القاسية، فرق بين الكلمة اللطيفة والكلمة الجارحة الكلمة الطيبة بناء وسعادة وإصلاح وتلاحم وتراحم، بينما الكلمة الخبيثة هدم وشقاء وإفساد وفتنة وشقاق.الكلمة بنوعيَّها الطيب والخبيث لها تأثيرها وأثرها، لها دورها وثمرتها؛ إن كانت الكلمة خيرًا فعاقبتها خير، وإن كانت الكلمة شرًا فعاقبتها شر. إن كانت الكلمة طيبة فثمرتها طيبة زكية زاكية؛ طعمًا ورائحةً وأثرًا، وإن كانت الكلمة خبيثة فثمرتها خبيثة عفنة منتنة؛ طعمًا ورائحةً وأثرًا؛ فالكلمة الأولى من رضوان الله تعالى تكون سببًا في سعادة قائلها وفوزه بالجنة، والكلمة الثانية من سخط الله تعالى تكون سببًا في شقاء قائلها واستحقاقه النار، فقد روى الإمام الربيع رحمه الله تعالى عن أبي عبيدة قال: بلغني عن رسول الله )صلى الله عليه وسلم( قال:)إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة( )الحديث ـ 724)، وعن جابر بن زيد عن النبي (صلى الله عليه وسلم):(إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أنها بلغت ما بلغت فيهوى بها في النار سبعين خريفا) (الحديث ـ 969)، والحديث رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي. نعم كم من كلمة طيبة جمعت شمل الفرقاء والمتخاصمين والمتنازعين، وكم كلمة طيبة أسعدت الأسر والمجتمعات والدول، وكم من كلمة طيبة أصلحت ذات البين وأطفأت نار الفتنة، وكم من كلمة طيبة قربت وجهات النظر وبددت سوء الفهم، وكم من كلمة طيبة وطدت عرى المحبة وأواصر الجوار، وكم من كلمة طيبة وثقت العلاقات والروابط والصلات بين الناس.وفي المقابل كم من كلمة خبيثة فرقت بين الأحبة ورفقاء الدرب، وكم من كلمة خبيثة أشعلت نار الفتنة، وأججت لهيبها، وألهبت شرارتها، وكم من كلمة خبيثة مزقت شمل الأسر والأقارب، وكم من كلمة خبيثة هدمت البيوت والمجتمعات، وكم من كلمة خبيثة قطعت صلة الرحم وباعدت بين الجيران، وكم من كلمة خبيثة جعلت الشيطان يصول ويجول بيده ورجله بين الناس.الكلمة الطيبة لها تأثيرها وأثرها الطيب الرائع العجيب؛ فلذيذ الألفاظ مغناطيس القلوب، فصاحب الكلمة الطيبة يتربع في قلوب الناس، ويستقر في نفوسهم؛ إذا تحدث صغى إليه الناس، وإذا نطق استمع إليه الناس، وإذا تكلم صدقه الناس، وإذا نصح تقبل منه الناس، فهو موضع ثقة وأمانة واحترام وتقدير. لقد أمر الله تعالى بالكلمة الطيبة، وحث على القول الحسن، وبين فضل ذلك وثمرته، فقال تعالى:(وقولوا للناس حسنًا) (البقرة ـ 83)، وقال تعالى:(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (الإسراء ـ 53)، وقال تعالى:(ومن أحسن قولاً ممن دعا إليه وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين) (فصلت ـ 33) وقال تعالى:(قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم) (البقرة ـ 263)، وقال تعالى لموسى وهارون ـ عليهما السلام:(اذهبا إلى فرعون أنه طغى فقولا له قولاً لينًا لعله يتذكر أو يخشى) (طه ـ 44) وقال تعالى:(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (فاطر ـ 10)، وقال تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) (الحج ـ 24)، وقال تعالى:(لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء ـ 114).ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم):(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ولا يؤذي جاره أبدًا) ـ رواه الإمام الربيع رحمه الله تعالى (الحديث ـ 683)، وقال (صلى الله عليه وسلم):(يعجبني الفأل، قيل وما الفأل؟ قال الكلمة الطيبة) متفق عليه، وقال (صلى الله عليه وسلم) قوله:(اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة) ـ متفق عليه، وقال (صلى الله عليه وسلم):(والكلمة الطيبة صدقة) ـ متفق عليه. .. وللحديث بقية.يوسف بن ايراهيم السرحني