لقد ملأ الله تعالى هذا الكون بآياتٍ يعجز الحال عن عدها وعن وصفها ويعجز الفكر عن الإحاطة بكل جوانبها، وقد نشر الله تعالى في هذا الكون الفسيح آياته بغية التفكر والاعتبار والاتعاظ وبغية الوصل إلى حقائق أن الله وحده هو خالق هذا الكون والمتصرف فيه والمستحق للعبودية، ولا يقع نظر العين على شيء من هذا الكون إلا هو آية من آيات الله تعالى، فهذا الكون آية وفيه آيات وجسم الإنسان آية وفيه آيات والإنسان في بحث مستمر عنها وفي كل يوم تظهر له عجائب الله تعالى وآياته في كل ذرة من ذرات هذا الكون الفسيح:(سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبن لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) (فصلت ـ 153).
ومع هذه الآيات الكثير والعظيمة يرى الإنسان – مع ضعفه وقلة حيلته – معرضًا عنها غير متفكر فيها:(وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون) (يوسف ـ 105)، ودعا الله تعالى إلى التفكر في هذه الآيات والتدبر فيها: (قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون)، وقال تعالى:(وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) (يس ـ 46)، وما على الإنسان إلا أن يؤمن بهذه الآيات ويسلم لها حتى يخشع قلبه وتذعن نفسه فتسلك الطريق المستقيم.

يحيى بن أحمد بني عرابة