- صيغ إعراب أسلوب المدح والذم

إعراب أسلوب المدح والذم (نعم وبئس) إذا تأخر المخصوص بالمدح والذم أو تقدم:
إذا تأخر المخصوص بالمدح أو الذم فله أربعة أعاريب، وإذا تقدم فله إعراب واحد، ويتضح ذلك من خلال إعراب هذا المثال: (نِعْمَ الرجلُ محمدٌ).
1 ـ فعل ماض يفيد إنشاء المدح وفاعل (والجملة في محل رفع خبر مقدم) ومبتدأ مؤخر، وهو المخصوص بالمدح.
2 ـ فعل ماض يفيد إنشاء المدح وفاعل (جملة فعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب) وخبر لمبتدأ محذوف تقديره هو، أو مبتدأ لخبر محذوف تقديره الممدوح (جملة اسمية لا محل لها من الإعراب).
3 ـ فعل ماض يفيد إنشاء المدح والفاعل (جملة فعلية ابتدائية لا محل لها من الإعراب) وبدل من الفاعل.
أما إذا تقدم المخصوص بالمدح أو الذم فليس له إلا إعراب واحد، أن يعرب المتقدم مبتدأ، والجملة بعده من الفعل والفاعل في محل رفع خبر هذا المبتدأ.
وهنا نقطة مهمة وردت في القرآن الكريم، وهي قضية (مجيء (ما) بعد نعم وبئس)، وحو: (إن الله نعما يعظكم به)، (بئسما اشتروا به أنفسهم)، (إن تبدوا الصدقات فنعما هي).
وتتناول هكذا: إذا جاء بعد "نعمّا" جملة كاملة فَلِـ (ما) توجيهان:
1 ـ نعمّا (فعل وفاعل اسم موصول) وجملة: يعظكم به صلة الموصول.
2 ـ نعمّا: نكرة ناقصة فهي تمييز للفاعل الضمير المستتر وجوباً، وجملة بعده تعرب في محل نصب صفة له: يعظكم به
أما إذا جاء بعد نعمَّا مفرد فل (ما) توجيهان أيضاً، هما:
1 ـ معرفة تامة، فهي بمعنى الشيء، وتعرب فاعلاً، والمفرد بعدها هو المخصوص بالمدح ويعرب مبتدأً مؤخرًا.
2 ـ نكرة تامة بمعنى شيء، وتعرب تمييزاً للفاعل المستتر، والمفرد بعدها هو المخصوص بالمدح: أي تكون: نعمّا: فعل وفاعل ضمير مستتر وتمييز(والجملة خبر مقدم)، و(هي) المخصوص بالمدح (مبتدأ مؤخر).
ما يُحْمَلُ على أسلوب المدح والذم من صيغ المدح والذم: ما جاء على وزن فَعُلَ مفيدا المدح والذم:(مثل: حَسُنَ وحَمُد، وكذًبَ، وخبُث) بضم الحرف الثاني في كل فعل.
ويأتي ذلك من كل فعل ثلاثي صالح للتعجب منه، فيصاغ منه فعل على وزن (فعُل) إما بالأصالة مثل:(ظَرُفَ وشَرُفَ)، وإما بالتحويل مثل:(ضَرُبَ وفَهُمَ، وفقُه وعلُمَ)، فيجري مجرى (نعم وبئس) في إفادة المدح والذم، وكذلك في حكم الفاعل وفي حكم المخصوص.
(2) حبذا ولا حبذا:(الأولى للمدح، والثانية للذم، بزيادة لا النافية قبلها) .
نقول: حبذا الصدق، ولا حبذا الكذب .. حبذا الإيمان، ولا حبذا الكفر.
كيفية إعراب ما يحمل على أسلوب المدح والذم (فيه أربعة أعاريب).
إعراب تركيب: حبذا الصدق.
له أربعة أعاريب: (أ) حب: فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل، والجملة في محل رفع خبر مقدم. الصدق: مبتدأ مؤخر مرفوع وهو المخصوص بالمدح، (ب) فعل وفاعل وبدل من اسم الإشارة الفاعل (حب الصدق)، (ج) (حبذا) كلها فعل والصدق: فاعل، (د) (حبذا) كله اسم مركب غُلِّبَتْ فيه الاسمية:(مبتدأ وخبر).
وقال الشاعر:
ألا حبَّذا عاذري في الهوى
ولا حبذا الجاهلُ العاذلُ
إعراب البيت: ألا: حرف استفتاح لا محل له من الإعراب.
حبذا: فعل وفاعل، والجملة في محل رفع خبر مقدم.
عاذري: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة للمناسَبة ،وياء المتكلم مضاف إليه ، وهو المخصوص بالمدح.
ومثل: نعم الثواب وحسنت مرتفقا، وبئس الشراب وساء ت مرتفقا.
ومن شواهد المدح والذم في القرآن الكريم التي يمكن أن نتوقف عندها تحليلا نحويا ودلاليا قوله تعالى:(أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا) (الكهف ـ 31) ونحو: (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ) (النحل ـ 30)، ونحو:(أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (آل عمران ـ 136)، مثل:(إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(البقرة ـ 271)، ونحو:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء ـ 58)، ونحو:(وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأعراف ـ 150)، نحو:(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ) (البقرة ـ 90)، ونحو:(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (البقرة ـ 93)، ومثل:(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (البقرة ـ 102)، ومثل:(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (آل عمران ـ 162)، هذه بعض آيات المدح والذم في كتاب الله الكريم، ولو شئنا تتبُّعَها لخرجنا بعدد كبير من آيات هذا الأسلوب العربي القرآني الكريم، ونكتفي بهذا في أسلوب المدح والذم، وما يحمل عليه من لغة العرب، والله يتقبل منا ومنكم، ويرزقنا فهم أساليب كتابه، وتعابير قرآنه إنه ولي ذلك، والقادر عليه وكل عام وأنتم بخير، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


د/ جمال عبد العزيز أحمد
كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة
جمهورية مصر العربية
[email protected]