منذ زمن بعيد، ونحن نعيش مع هذا الموضوع الشائك المهم ـ كجهة من بين الجهات المعنية بالتربية الإسلامية في وزارة التربية والتعليم ـ نعيش معه من حيث مسؤولية متابعته، فهي وإن كانت مسؤولية مشتركة، تخص كل معني بالتربية والتعليم من معلم إلى وزير، ومن طالب إلى ولي أمر، إلا أن المتابعة المباشرة ـ من حيث كونها مهمة وظيفية، تنصرف ـ بصفة خاصة ـ إلى المنتسبين للتربية الإسلامية، سواء كانوا معلمين أو مشرفين في الحقل التربوي، أو كانوا موظفين ومنظِّرين في ديوان عام الوزارة .
وإذا أردنا أن نحدد بالضبط تاريخ بدء تجديد المتابعة لهذا الموضوع، بالنسبة لنا كجهة معنية بالتربية الإسلامية في وزارة التربية والتعليم كما ذكرت، وهي جهة الإشراف التربوي بالمسمى الجديد، فإن ذلك كان في عام 1993م، بإدارة التربية والتعليم بالرستاق ـ كما هو المسمى السابق لها، وهذا على مستوى إحدى المناطق التعليمية في الحقل التربوي كنموذج، وبعد تعيين رؤساء أقسام للتربية الإسلامية.
وأما بالنسبة لديوان عام الوزارة فقد كانت آخر متابعة للموضوع في نهاية العام الماضي 2015م، في اجتماع مع سعادة وكيل وزارة الترية والتعليم للتخطيط وتنمية الموارد البشرية، بحضور مدير عام تنمية الموارد البشرية، والمدير العام المساعد، ومدير دائرة الإشراف التربوي والمدير المساعد، ومنتسبي دائرة الإشراف التربوي ـ كما سيأتي تفصيله لاحقا ـ وهذا حتى يتبين أن الموضوع قيد المتابعة والإثارة، والأخذ والرد، ولمدة اثنتين وعشرين سنة .
وهذا بالنسبة للإشراف التربوي، وإلا فإن هناك بالتأكيد متابعات أخرى كثيرة للموضوع من قبل معنيين آخرين بالتربية الإسلامية، سواء كانوا على مستوى ديوان عام وزارة التربية والتعليم، كدائرة التربية الإسلامية، أو على مستوى الحقل التربوي وهم المشرفون والمشرفات والمشرفون الأوائل للتربية الإسلامية بالمديريات العامة للتربية والتعليم بالمحافظات التعليمية الأخرى، وبالطبع تختلف وتتنوع المتابعات من جهة إلى أخرى، وبأسلوب إلى آخر.
بل إنه قد يكون من بين المتابعين لهذا الموضوع المشرف الأول للتربية الإسلامية والمشرفون على المدارس الخاصة على مستوى ديوان عام الوزارة، ومشرفو التربية الإسلامية على المدارس الخاصة في الحقل التربوي، هذا فضلا عن الآباء والمعلمين ومديري المدارس وأعضاء مجلس الشورى، وذلك لكون الصلاة ركناً من أركان الإسلام، وبالتالي فهي محل اهتمام كل مسلم ومسلمة، وبلا شك أن من سبقنا من معنيين كانوا أكثر اهتماماً ومتابعة، وقد استطاعوا أن يستصدروا وقتها قراراً وزارياً يقضي بإقامة الصلاة في المدارس، وكما سيأتي ذكره لاحقا .
* دوافع إثارة الموضوع
ان الأمر الذي حدا بي للكتابة في هذا الموضوع ونشره ـ في هذا الوقت بالذات ـ هو حلقة من برنامج (سؤال أهل الذكر)، التي تم بثها خلال الفترة الماضية، وخصصت لموضوع (الصلاة)، وكان الضيف فيها هو سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة ـ حفظه الله تعالى ـ وتمت إدارة الحلقة من قبل الإعلامي الدكتور سيف بن سالم الهادي، والذي أثار موضوع إقامة الصلاة في المدارس، هو الاتصالات التي وردت من قبل آباء وتربويين ومعلمين وطلاب، يطالبون بتوصيل رسالة للمعنيين في وزارة التربية والتعليم، لإيلاء الموضوع عناية وأهمية، بل والتي دفعت بسماحة الشيخ في آخر الحلقة إلى أن يقول عبارة تحملنا جميعا مسؤولية كبرى وهي قوله:(لا خير في تعليم لا تقام فيه الصلاة).
ولكون الموضوع يضعنا في حرج نحن المعنيين بمتابعة التربية الإسلامية في وزارة التربية والتعليم، ويظهر أننا مقصرين في الاهتمام به ومتابعته، لذلك رأيت لزاما أن أشارك في الموضوع، بهذا المقال لأبين فيه ما قمنا ونقوم به حيال هذا الموضوع .
ومما ليس فيه أدنى شك أن كل المنتسبين إلى وزارة التربية والتعليم وبلا استثناء، يبحثون عن حل عملي يضع تنظيم وقت لإقامة الصلاة في المدارس أمرا واقعا وبصفة شمولية، وليست مقصورة على القليل من المدارس كما هو حاصل الآن تبعا لاجتهاد المعلمين ومديري المدارس، وقد يكون القليل جدا نظرا لكثرة المدارس وقلة المدارس المنظمة وقتا لإقامة الصلاة .
والمقصود هنا بالطبع تنظيم وقت تقام فيه صلاة الظهرعلى مستوى جميع المعلمين والطلاب بالمدرسة، بالنسبة لمدارس الفترة الدراسية الواحدة وهي الفترة الصباحية، ولصلاتي الظهر والعصر بالنسبة لبعض المدارس من ذات الفترتين الصباحة والمسائية، ونحن بحاجة ضرورية وماسة في وزارة التربية والتعليم، لعون كل فرد أو جهة يعزز دوره للموضوع ويعضد تطبيقه وتحقيقه، وبالطبع بالآليات التي يقتنع بها المسؤولون وتلقى منهم قبولاً وترحيباً، من حيث كونها تسهم في تحقيق الهدف بآلية منظمة وعملية .
وأنا أعتقد وبلا شك أن صدى حلقة برنامج (سؤال أهل الذكر)، قد وصل إلى المسؤولين في التربية والتعليم، ووصل معه ما تضمنته الاتصالات بالبرنامج من المطالبات والمناشدات، والتي كانت ثرية ومتنوعة، وممثلة للآباء والتربويين والمعلمين والطلاب على حد سواء، والمسؤولون في وزارة التربية والتعليم هم وبلا شك، لا يألون جهداً، بل يسعون لتحقيق كل ما فيه تطوير للعمليتين التربوية والتعليمية .
ولعل صدور قرار وزاري مؤخراً بتخصيص دائرة للتربية الإسلامية بديوان عام وزارة التربية والتعليم ــ واستحداث قسم جديد تابع لهذه الدائرة هو قسم الثقافة الدينية الطلابية بدائرة التربية الإسلامية، بالإضافة إلى استحداث قسم للتربية الإسلامية بدوائر تنمية الموارد البشرية بالمديريات التعليمية بالمحافظات ـ هو مؤشر بلا شك على عزم الوزارة إيلاء اهتمام أكبر بالتربية الإسلامية، وإنما هناك تحديات ـ كما سيتضح ـ والتي هي حسب ما يتبين لي ـ تقف كعقبة كؤود دون استصدار قرار وزاري يقضي بتنظيم وقت للصلاة ــ ولا بد فيها ــ من وجهة نظري ـ إلى تضافر الجهود حتى يتسع نطاق تنظيم وقت للصلاة من مدارس محدودة، إلى كل المدارس في السلطنة، وهو الهدف الذي يسعى هذا المقال لبسطه وبحثه وعرضه، بطريقة قد تكون موفقة نظرا؛ لكون المقال أتى بعد معايشة للموضوع والاطلاع على خلفياته وأبعاده وتحدياته، وبالتالي إمكانية التوصل فيه إلى حلول تنظيمية تسهم في التغلب على المعوقات والصعوبات التي تقف دون ذلك
واقع تنظيم وقت لإقامة الصلاة في المدارس (جهود وتحديات) أولاً: على مستوى الحقل التربوي:(المحافظات التعليمية).
وسوف أذكر هنا تجربيتين تم القيام بهما في مديريتين تعليميتين ـ كمثال ـ وهما محافظة شمال الباطنة ومحافظة جنوب الباطنة ـ حسب المسمى الحالي ـ وتم الاستناد في تطبيق هاتين التجربتين إلى القرار الوزاري القاضي بإقامة الصلاة في المدارس والصادر بإمضاء معالي عامر بن علي بن عمير المرهوبي وزير سابق في وزارة التربية والتعليم، حيث تم البحث والتقصي عن القرار، حتى تم التوصل إليه، كونه قراراً قديماً، وكون العمل به قد توقف بعد مرور فترة على صدوره، بسبب أن إقامة الصلاة في المدارس يعرقل استمرارها، اختلاف الاستعداد والقدرة لدى مديري المدارس، كون الأمر يحتاج لتنظيم وحزم وحسن تصرف من جهة، وعزم وإصرار من جهة أخرى، بالإضافة إلى الحفز والتشجيع والإسناد من الجهة المشرفة والمتابعة للمدارس، والتعاون الكبير من قبل المعلمين في المدرسة.
أما المحافظة الأولى فتم فيها نشر تعميم من مكتب مدير إدارة المنطقة حسب المسمى القديم في ذلك الوقت، وقد ارفق بالتعميم نسخة من القرار الوزاري المذكور، وكان ذلك في العام الدراسي (1994 ــ 1995م) .
أما المحافظة الثانية وهي محافظة الباطنة شمال، ولكونها كانت مديرية عامة وذات كثافة أكبر في عدد المدارس، فقد كان الاقتراح من قبل المدير العام في ذلك الوقت ـ وهو العام الدراسي (1985 ـ 1986م) ـ إعداد استبانة استطلاع رأي وتعميمها على مديري المدارس.
ويمكن أن تلخص نتائج تطبيق التجربتين بالمطالبة بتبني الموضوع من قبل المسؤولين في ديوان عام وزارة التربية والتعليم، كونه أمراً يحتاج إلى تهيئة للجدول المدرسي، لتكون هناك قناعة قوية للتطبيق من قبل مديري المدارس والمعلمين.
.. البقية العدد القادم.

سالم بن علي المشيفري
رئيس قسم التربية الإسلامية بديوان عام وزارة التربية والتعليم