تعود إلى العصر الطباشيري قبل 70 مليون عام

مسقط ـ الوطن:
أظهرت مسوحات جيولوجية حديثة قام بها الدكتور محمد بن هلال الكندي والجيولوجي يوسف السناني عن وجود موقع جديد لأحافير الأشجار المتحجرة الفريدة في ولاية دماء والطائيين.
وتعود الأحافير المكتشفة إلى نهاية العصر الطباشيري، قبل نحو 70 مليون عام، وهي ذات المدة التي عاشت فيها الديناصورات في عُمان، إذ تغذت الديناصورات آكلة النباتات على الأشجار في حين تغذت الديناصورات آكلة اللحوم على الحيوانات الأخرى ، ويحتوي موقع أحافير الأشجار الجديد على مجموعة من أحافير جذوع وثمار وأوراق وجذور الأشجار، وهو بذلك يحوي أهم أجزاء النباتات، وتنتمي هذه الأحافير لمجموعة مختلفة من أشجار ذلك العصر، ويُعد هذا الموقع فريدا من ناحية عمر الأحافير وتنوعها.
وقال الدكتور محمد الكندي : يبدو أن هذه الأحافير تنتمي لمجموعة النباتات عاريات البذور (Gymnosperms) مثل الصنوبريات والسرخسيات والسيكاديات، وربما تكون بعض هذه العينات أيضا أحافيرَ لبعض أنواع أشجار النخيل التي تعود لأكثر من 70 مليون عام ، وهي إن صحت نسبتها لأشجار النخيل ستمثل أقدم دليل معروف على ظهور النخيل في الجزيرة العربية، علماً بأن أقدم دليل معروف في العالم حاليا لأحافير أشجار النخيل أو فصيلة النباتات النخلية التي يصل أنواعها إلى أكثر من 2500 نوع هو نحو 80 مليون عام.
وأضاف: تتميز السلطنة بوجود تاريخ أحفوري نباتي متميز وواسع منذ ظهور النباتات في حقبة الحياة القديمة ومروراً بحقبتي الحياة المتوسطة والحديثة، حين تنوعت النباتات وانتشرت في يابسة الأرض، فعمان تحتوي على أحافير لأبواغ وحبوب لقاح مجهرية تعود لنحو 470 مليون عام في حقبة الحياة القديمة، وهي تعد من أقدم أحافير النباتات في العالم، وتم نشرها في عام 2004م في المجلات العلمية كأقدم دليل أحفوري في العالم على ظهور النباتات في العالم، وبها مواقع لأحافير تلك الحقبة في محافظة الوسطى ، وهي تتضمن مجموعة واسعة من أحافير أشجار الصنوبر وثمارها وأوراقها، بالإضافة إلى أشجار من أنواع مختلفة أخرى بعضها انقرض في العصور الغابرة، ويمثل الموقع الجديد في ولاية دماء والطائيين أبرز مواقع أحافير النباتات من حقبة الحياة المتوسطة في عمان، وهناك موقعان آخران لأحافير النباتات من هذه الحقبة في محافظتي مسقط والبريمي، غير أنهما لا يحويان ذات التنوع الأحفوري الموجود في الموقع الجديد ، ويُعد العصر الطباشيري فترة انطلاقة كثير من أنواع النباتات وتنوعها خصوصا النباتات الزهرية، وعند مقارنة أحافير جذور الأشجار في الموقع من الممكن رؤية التشابه الكبير بينها وبين جذور أشجار النخيل، سواء أشجار نخيل التمور أو أشجار النارجيل، التي تعيش في عُمان اليوم.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الموقع الجديد لم يتم مسحه بصورة كاملة بعد، وأن العينات الموجودة به تحتاج إلى مجهود واسع لنقلها من مواقعها وحفظها في متحف التاريخ الطبيعي تمهيدا لعرضها مستقبلا في متاحف السلطنة.
وأشار الكندي إلى أن عُمان تحتوي على أحافير رائعة لأشجار متحجرة تعود لحقبة الحياة الحديثة في مواقع جديدة أيضا في فنجاء ونيابة الجبل الأخضر وفي عين صحلنوت بولاية صلالة، وهي تحتوي على تنوع أحفوري رائع لأشجار عاشت سابقا في مصاطب الينابيع وعلى امتداد مجاري المياه، إذ ترسبت في تلك الأماكن صخور تعرف بصخور الترافرتين قامت بحفظ أحافير تلك الأشجار، وهي تحوي معلومات رائعة عن تنوع الغطاء النباتي وتباين المناخ في عُمان خلال المليون عام الماضية ، ونستطيع القول اليوم: إن عُمان وتاريخها تجسد تطور النباتات منذ نشأة الحشائش الطحلبية في حقبة الحياة القديمة مروراً بظهور النباتات الزهرية، وهي من النباتات كاسيات البذور (Angiosperms) في حقبة الحياة المتوسطة وتنوع وانتشار النباتات بكافة أنواعها في حقبة الحياة الحديثة.
ويُتوقع أن تتم دراسة هذه الأحافير بدقة في المرحلة المقبلة للتوصل إلى أنواعها وفهم المناخ السائد في عُمان في نهاية حقبة الحياة المتوسطة، علماً بأن هذه الأحافير ستشكل في يوم ما مخزوناً رائعاً من المقتنيات الأحفورية العمانية في المتاحف العمانية.