عقب هطول الأمطار وجريان الأوديةالرستاق - من سيف بن مرهون الغافري:شهد فلج (الميسّر) بولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة عقب هطول الأمطار وجريان الأودية خلال الأيام الماضية ارتفاعا كبيرا في منسوب المياه حيث يعتبر فلج الميسّر من أكبر وأشهر الأفلاج بالولاية وعلى مستوى السلطنة قياسا لكمية مياهه المتدفقة وطوله الذي يمتد لمسافة (5783) مترا ونظامه الفريد في كيفية توزيع مياهه بشكل متوازن ، وتم إدراجه ضمن سجل التراث العالمي لليونسكو في 2006م .يرجع تاريخ شق هذا الفلج كما تذكر المصادر إلى عهد الدولة اليعربية ، ويتميز بهندسته المعمارية الفريدة بدءا من منبعه الأصلي وانتهاء بآخر نقطة يصل إليها لري المزروعات حيث يصل طول قناة الفلج (5783) مترا تبدأ من أم الفلج التي تسمى بفرضة (الغدادية) وتقع بالقرب من مجرى وادي بني عوف ، ويصل عمقها لأكثر من (50) مترا ومن هنا تظهر براعة الإنسان العماني في الوصول إلى هذا العمق وعبر أدوات حفر بسيطة حيث تم نحت صخرة في هذا المكان بعمق (20) مترا كما أن طريقة حفر هذه الصخرة مثيرة للاهتمام نظرا للأسلوب العجيب الذي أتبع في كيفية نحتها فيخال للناظر وهو يشاهد هذه الصخرة المنحوته بحثا عن المياه طريقة المثلثات المتبع في تقطيع ثمار البطيخ ، كما أن علو سقف العامد بشكل عام يبلغ ستة أمتار ليس هذا فحسب بل أن لهذا الفلج سواعد إضافية كل واحد ممتد إلى جهة معينة فيخال إلى كل من ينزل إلى عمقه أن هناك متاهة نظرا لتفرع هذه السواعد والبالغ عددها خمسة وهي: ساعد وادي السن وساعد الحلاة وساعد القرن وساعد المنصور وساعد وادي الكور ، ولا شك أن وجود هذه السواعد إضافة إلى ساعده الأصلي دورا في بقاء تدفق الفلج وعدم تأثره بالجفاف إلا نادرا كما أن لسد وادي الفرعي والذي انشأ قبل أم الفلج دور في استمرارية تدفقه ، وتوجد كذلك العديد من الفتحات التي تعين الأهالي على صيانته وتوفير التهوية اللازمة لهم أثناء إزالة كل ما يعيق تدفقه حيث يصل عدد الفتحات أو ما يعرف محليا (بالفرضة) حوالي (270) فرضة .إن لفلج الميسّر أهمية كبيرة فهو يغذي منطقة العلاية بأكملها وهي أكبر رقعة زراعية على مستوى الولاية التي تبلغ مساحتها (1,574,580) مترا مربعا ويروي حوالي (20) ألف نخلة ، وينقسم فلج الميسّر إلى فلجين أو (غيزين): غيز الفوق وغيز التحت في مكان يسمى بـ (سيف لغياز) وكل واحد منهما أيضا ينقسم إلى فلجين وبذلك يكون عدد الأفلاج التي ينقسم إليها فلج الميسّر أربعة أفلاج وهذا لا يوجد إلا في القليل من أفلاج السلطنة ، ويعتمد الفلج في ري المزروعات على نظام فريد من نوعه يسمى محليا بـ (الآد) وهو مقسم إلى ثلاثة عشر آدا وهي: (آد الخالص ، وآد البقل ، وآد علي ، وآد مهنا ، وآد سحتن ، وآد النير الكبير ، وآد النير الصغير ، وآد شاذان ، وآد الجابري ، وآد القعد) وهذا الأخير ملك للفلج ويتم بيع مياهه هذا الآد لمن يرغب ويتم بهذه المبالغ صيانة الفلج ، و(الآد) مدته يوما كاملا يتم توزيع مياه هذا اليوم إلى آثار والأثر الواحد مدته نصف ساعة ويتم معرفة دور كل واحد عن طريق عريف الفلج الذي يميز ذلك بنظام (اللمد) وهو عبارة عن مكان مبني بالحصى ومقسم بشكل يضمن العدالة ويتوسط هذا اللمد عصا كبيرة وهذا النظام متعارف عليه ليس في ولاية الرستاق فحسب بل في العديد من الولايات أما في فترة الليل فيتم تقسيم مياه الفلج بنظام الساعات .جدير بالذكر أن فلج الميسّر تم إدراجه ضمن سجل التراث العالمي لليونسكو بتاريخ 16/يوليو2006م ، ويوجد بالقرب منه لوحة تعريفية عن الفلج بعدة لغات ، كما يحظى الفلج بمتابعة مستمرة من قبل منظمة اليونسكو فهو تحفة هندسية نادرة في شق الأفلاج ورمزا للولاية مما سيساهم في تعزيز وتنشيط الجانب السياحي للولاية وللسلطنة بشكل عام كونه محطة للزائرين نظرا لما يتمتع به من مقومات تجعل منه وجهة لزائري الولاية فهو واحد من الآثار العمانية الخالدة وشاهد على إبداع العمانيين وبراعتهم في شق الأفلاج لاستخراج المياه من باطن الأرض وتصريفها في قنوات تمتد لمسافات بعيدة يستفاد منها في الكثير من الاحتياجات0