**
تناولنا في الحلقة السابقة ونحن نتحدث عن نفقة المعتدة، تناولنا نفقة المعتدة من الطلاق بشقيه "البائن والرجعي" وقلنا أن المعتدة من طلاق بائن إما أن تكون حاملاً وهذه لها النفقة والسكنى باتفاق الفقهاء وبسطنا الأدلة في ذلك .
أما المعتدة من طلاق بائن ولم تكت حاملاً، فقد اختلف الفقهاء في وجوب النفقة لها , وأوضحنا ما ذهب إليه بعض الفقهاء من وجوب النفقة لها مع الأدلة التي استدلوا بها.
وسنكمل في هذه الحلقة ـ بمشيئة الله وتوفيقه ـ القول الثاني الذي ذهب إليه جمهور الفقهاء إلى أن المعتدة من طلاق بائن ولم تكن حاملاً لا نفقة لها، واستدلوا بما روي عن فاطمه بنت قيس أن زوجها طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها بكيلة شعير فسخطته فقال: والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تذكر له فقال:(ليس لك عليه نفقة ولا سكنى فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك).
وهذا القول الذي أخذ به الإمام السالمي يقول – رحمه الله – في الجوهر:
وإن يك الطلاق بائناً فلا
يلزمه انفاقها عند الملا
وهكذا عندهم المختارة
بحادث صارت به مختارة
وهكذا قد قيل فيمن تحرم
عليه بالفعل الذي يُحرم
وذات حمل فعليه ينفقا
في هذه الوجوه قولاً مطلقا
وقد أوجب القانون النفقة للمعتدة ولم يفرق بين الطلاق البائن والرجعي، حيث نصت المادة "52" من قانون الاحوال الشخصية على أنه: "تجب على الزوج نفقة معتدته ما لم يتفق على خلاف ذلك".
ثانياً : نفقة المعتدة من وفاة اختلف الفقهاء في وجوب النفقة للمتوفي عنها زوجها إذا كانت حاملاً.
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا نفقة على المرأة المتوفي عنها زوجها إذا كانت حاملاً وذلك لأن النفقة إنما تجب للتمكن من الاستماع وقد زال بسبب الموت.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن المرأة المتوفي عنها زوجها لها النفقة إذا كانت حاملاً قياساً على المطلقة الحامل.
أما المرأة المتوفي عنها زوجها ولم تمكن حاملاً فلا نفقة لها باتفاق الفقهاء , وإنما لها الإرث.
يقول الإمام السالمي – رحمه الله – في الجوهر:
وإن تكن مميته فابعد
من ذاك لو كان هناك ولد
وبعضهم أوجبه للحامل
ولو مميته بحكم عادل
تأخذه من مال ذاك الهالك
لأنه مثل الضمان الدارك
وأول القولين هو الأشهر
وهو الذي مضى عليه الأكثر
ولم يوجب القانون نفقة للمعتدة عدة الوفاة سواء كانت حاملاً أم غير حامل وإنما لها السكنى مدة العدة حيث نصت المادة "53" من قانون الأحوال الشخصية على أنه:"لا نفقة لمعتدة الوفاة وتستحق السكنى في بيت الزوجية مدة العـدة".
.. وللحديث بقية.

د/محمد بن عبدا لله الهاشمي
قاضي المحكمة العليا
ـ رئيس محكمة الاستئناف بإبراء
[email protected]