الأحد 08 سبتمبر 2024 م - 4 ربيع الأول 1446 هـ
أخبار عاجلة

إبليس يغوي أصحاب القلوب الخَرِبة

الأربعاء - 24 يوليو 2024 06:04 م
20

أيها الأحبة الكرام.. ينبغي علينا أن ننتبه من الشيطان إذا ما كنا على طاعة، فإنه يقف لنا بالمرصاد حتى يضيع علينا نعمة الطاعة، (فالشيطان عدوٌّ للإنسان، فأيّما سبيل سلكه الإنسان يمين أو شمال، أمام أو خلف، إلا وجد الشيطان عليه رصدًا له، فإن سلكه في طاعة قطعه أو عاقه، وإن سلكه في معصية حمله وزينها له فالشيطان كما أخرج آدم وزوجه من الجنة، يريد أن يفتن ذريته كذلك، ويخرجهم من التوحيد إلى الشرك، ومن الإيمان إلى الكفر، ومن الطاعات إلى المعاصي، ومن السنن إلى البدع، وبذلك ينقلهم من أعمال الجنة إلى أعمال النار، ويخرجهم من الجنة إلى النار كما أخرج أبويهم وأغراهم بمعصية الله، فليحذر الناس من فتنته كما أمرهم ربهم الشيطان للإنسان عدو مبين، وقد كشف الله لنا عن هذه العداوة، فهو يريد إضلال بني آدم وإهلاكهم، وقد غرَّ أكثرهم فزين لهم عبادة الأصنام والأوثان والكواكب والأحجار والأشجار.. وغيرها، وهم في الحقيقة إنما يعبدون الشيطان الذي زينها لهم، وأمرهم بعبادتها فيجب على الإنسان أن يتخذه عدواً، يجاهده ويخالفه، ولا يطيعه أو يغتر به، فالشيطان وَعْده للناس أن يأمرهم بالشر، ويخوفهم من فعل الخير، وهذان الأمران جماع ما يطلبه الشيطان من الإنسان، فإنه إذا خوف الإنسان من فعل الخير تركه، وإذا أمره بالفحشاء وزينها له ارتكبها، والشيطان بمكره وكيده وتلبيسه يتلطف في دعوة الناس إلى الباطل، ويأتيهم بصورة ناصح لهم، مشفق عليهم، فيشم قلب ابن آدم لينظر ماذا يحب؟ وماذا يكره؟ وماذا يريد؟ وماذا يشتهي؟ فإن رأى في قلبه كسلاً سعى في رده عن الدين بالكلية، وإن رأى فيه قوة سعى في حمله على مجاوزة الحق، والزيادة على ما شرعه الله ورسوله، ليقع في الظلم والعدوان، وإن رأى فيه حب الشهوات شغله بالشهوات والزينات عن السنن والواجبات، والشيطان في كل يوم، بل في كل لحظة، يستفز كثيرًا من بني آدم، ويرغبهم ويوقعهم في ألوان الفساد واللهو.. والزنا والسرقة.. والسكر والفواحش.. والظلم وسفك الدماء.. وذلك بالوسوسة والتزيين، والغرور والإغواء.. ولا يزال حتى تم له ما أراد) (موسوعة فقه القلوب 4/ 3206).

ويقول صاحب (آداب النفوس للمحاسبي، ص: 50):(وَإِن إِبْلِيس إِنَّمَا يسور عَلَيْك فِي الآثام من وَسْوَسَة نَفسك وخراب قَلْبك، وخرابه إِنَّمَا يكون اذا كَانَ فَارغًا من الْخَوْف اللَّازِم والحزن الدَّائِم فَحِينَئِذٍ ينفث فِيهِ بالوسوسة لآمال الدُّنْيَا وَالْجمع لَهَا مَخَافَة فقرها مَعَ لُزُوم طول الأمل لقلبك وإعراضه عَن الله تَعَالَى وَانْقِطَاع مواد عَظمَة الله مِنْهُ وفراغه من الهيبة وَالْحيَاء مِنْهُ، فَإِذا وجد الْقلب عَامِرًا خنس وَنَفر مِنْهُ وَلم يجد فِيهِ مساغا وَلَا من جوانبه مدخلًا لِأَن الْقلب عَامر بالخوف وَالْأَحْزَان والفكر فَهُوَ مُنِير مضيء، يرى العَبْد بِنور قلبه مدَاخِل إِبْلِيس فيرميه بالإنكار لما يَدْعُو إِلَيْهِ ويعتصم بِمَا أيده الله بِهِ من نور قلبه فيدحره عَنهُ فولى الْخَبيث الى قلب قد فقد الْخَوْف فخرب وأظلم فَلَا نور فِيهِ، فَلَا شَيْء أثقل على الْخَبيث من النُّور فَإِذا وجده خنس وَنَفر مِنْهُ، لَا يقدر عَلَيْهِ إِلَّا من قبل الْغَفْلَة من العَبْد، وَنور الْقلب إِنَّمَا هُوَ من يتعظه وحياته فَإِذا غفل مَاتَ وأظلم وطفئ نوره فيلتبس على العَبْد مَا يدْخلهُ عَلَيْهِ الْعَدو اَوْ يكدر عَلَيْهِ فاختلس إِبْلِيس من العَبْد واستدام الْقلب بالغفلة فتسور عَلَيْهِ بالآثام فَإِذا اصر على الاقامة عَلَيْهَا وَرَضي بهَا علاهُ الرين فاظلمه وَاسْتقر إِبْلِيس فِيهِ ثمَّ سلك بِهِ سَبِيل الآثام إِلَى ان يوصله ويوقعه فِي الْكَبَائِر، وَلَا شَيْء اعْجَبْ إِلَى إِبْلِيس من ظلمَة الْقلب وسواده وانطفاء نوره وتراكب الرين عَلَيْهِ وَلَا شَيْء أثقل على الْخَبيث من النُّور وَالْبَيَاض والنقاء والصفاء وَإِنَّمَا مَأْوَاه الظلمَة وَإِلَّا فَلَا مأوى لَهُ وَلَا قَرَار فِي النُّور وَالْبَيَاض” فانتبهوا من الشيطان ولا تجعلوا قلوبكم له مأوى).

محمود عدلي الشريف

[email protected]