الجمعة 18 أكتوبر 2024 م - 14 ربيع الثاني 1446 هـ
أخبار عاجلة

أوقاتنا كل أعمارنا

الأربعاء - 17 يوليو 2024 06:12 م
10

ودعت الأمة الإسلامية عامًا هجريًا واستقبلت عامًا جديدًا.. فما أسرع الأعوام!، ها هو عام يمضى من حياتنا يهز مشاعرنا من أحداث عديدة عشناها بين سمينها وغثها رسمت مصير كل انسان ليعتبر ويتعظ من سنوات عمره التي مضت كيف كانت ماذا قدم لآخرته.

إن انقضاء الأعوام بسرعة عجيبة تذكرنا برحلينا من هده الدنيا واقترابنا من مفارقة الأهل والخلان وإلى أول ليلة نقضيها في القبر وبعد القبر، وهكذا حياة الدنيا التي نعيشها لا بد من زوال وحلول الآخرة كل يومٍ نودع أخًا أو أبًا أو أمًّا أو صديقًا أو جارًا ونستقبل في كل يوم مولودًا جديدًا يشرق ضياء على هذه الدنيا يعيش فيها مرّها وحلوها، كم من فقير خسر في هده الدنيا.. وكم من استغنى من فقره وكم من عاش سعيد بالحمد الله وكم من مريض يصارع المرض سنوات.. وكم من قتل وشرد من وطنه، قال تعالى:(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ( (آل عمران26 ـ 27(، قَالَ رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ):(أَعمَارُ أُمَّتي مَا بَينَ السِّتِّينَ إِلى السَّبعِينَ، وَأَقَلُّهُم مَن يَجُوزُ ذلِكَ) (رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبانيُّ).

أخي المسلم.. قف وقفة محاسبة مع نفسك منذ بلغت سن الرشد وإلى ما بلغت من العمر إلى يومك هذا هل تبت توبة نصوحًا صادقة كيف حالك مع الصلاة في الجماعة ومع السنن والنوافل هل من السباقين إلى المسجد أم تأتي عند إقامة الصلاة أو تكون أحيانًا مستدركًا في الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة متى وصولك إلى الجامع هل قبل الأذان الأول بوقت كافٍ لتصلي بعض السنن وتقرأ كتاب الله وتدعو الله بما تيسر لك من الدعاء أم تأتي بعد الأذان الثاني وبدأ الخطيب في الخطبة أم تأتي عند إقامة فريضة الجمعة وقد فاتتك خطبة الجمعة وماذا عن الصيام هل بعد صيام رمضان تصوم أيام البيض والأثنين والخميس وغيرها من صيام النفل، وخلال نهاية عام هجري هل تخرج زكاة أموالك بعد ما أكمل عام عليها، هل تتصدق في يومك في أسبوعك في شهرك ولو ما تيسر من المال وكيف حالك مع ارحامك وزيارتهم والسؤال عنهم وكذلك جيرانك واصدقائك، أخي.. انظر إلى حالك وأنت تركض في هذه الدنيا وتجمع المال الذي هو حطام زائل هل حاسبت نفسك وتحريت فيه الحلال من الحرام وهل تنفقه فيما يرضى الله، وكيف وضعك مع زيارة المريض هل إذا سمعت أحد مريض تزوره أو تتصل به، وهل أديت فريضة الحج إلى بيت الله أم تؤجل من عام إلى عام مع توفر لديك الصحة والمال وما زلت تركن إلى هذه الدنيا وإلى يومنا هذا لم تؤدي الركن الخامس من إركان الإسلام هل ذهبت إلى العمرة، القرآن في يومك كم جزء تقرأ وهل تتدبر وتخشع أثناء القراءة وكم سورة أو جزء حفظت من القرآن كيف حالك مع الأعمال الصالحة والتي تقربك إلى الله خلال يومك، هل تذكرت مفرق الجماعات وهادم اللذات الموت الذي سوف خلال لحظة من يومك وتفارق الأحبة والخلان وتنتقل من دار إلى دار، الدعوة إلى الله هل أنت من الذين يدعون أرحامهم واخوانهم إلى الله أم ما عليك إلا من نفسك، أولادك كيف حالك معهم هل أنت المربي الناصح والداعي لهم إلى اتباع أوامر الله والنهج على هدى حبيب الله وسيد الشرية سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، راجع أنفسك أخي لأننا كل لحظة من يومنا نقترب إلى القبر .

والله يدعونا لنستفيق من غفلتنا ونستيقظ ونصحح من أحوالنا (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المنافقون 9 ـ 11). كم مضى من عمرك هل تقينت وتصورت الدي مر من حياتك كانه لحظة مضت بين أحلام نائم واستيقظ وهو يعيش فوق أربعين أو الخمسين أو الستين أو أكثر أو اقل أعلم أن ما تستقبل ما بقى من حياتك كذلك سوف يمر مرور السحاب سريعا والذي مضى من عمرك لن يعود فأنتبه لنفسك واستدرك ما بقى من حياتك ليوم آخرتك. أنت حاليا تعيش في مزرعة الأخرة فأحسن الذي تزرعه بأحسن الأعمال الصالحة لتحصد ثمار يانعة مشرقة تكون لك خير زاد ومعين ليوم الحساب فأغنتم هذه الحياة قبل رحيلك منها وخذ من صحتك قبل سقمك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك فتذكر دائمًا قصر الأمل والأماني وكن دائمًا على التقوى وإصلاح العمل الدي يسوقك إلى حياة إيمانية ترفرف عليه حب صادق وإخلاص لله من صميم القلب لتعم الجوارح بجميع الأعمال الصالحة، لا نعطي هذه الدنيا كل حياتنا وآمالنا ووقتنا وإنما ليكن كل أعمالنا تكون في الدنيا تقربنا إلى الأخرة بأفضل وأعظم الأعمال التي يرضى الله عنا من خلال كل عمل نقوم به في حياتنا، ونتخذ في هذه الحياة قدوتنا معلم البشرية الأول والسراج المشرق المضي الذي أنار الكون بالنور.

إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري

 كاتب عماني