الخميس 24 أكتوبر 2024 م - 20 ربيع الثاني 1446 هـ
أخبار عاجلة

الدروع البشرية

الدروع البشرية
الأربعاء - 10 يوليو 2024 05:38 م

علي بدوان

30

جاءت تصريحات الوزير في حكومة نتنياهو الائتلافية ايتمار بن غفير باطلاق النار «فوراً على رأس كل اسير فلسطيني، وعدم تركه على قيد الحياة» بمثابة تعبير صارخ عن تغلغل تلك الــ (NEO فاشية) في مُجتمع كيان دولة الاحتلال حتى على أعلى المستويات السياسية والتنفيذية. فالوزير بن غفير كان في قمة (فصاحة الوقاحة) حين دعا إلى إعدام الأسرى الفلسطينيين بإطلاق الرصاص على رؤوسهم، بدلا من إعطائهم المزيد من الطعام، وذلك بعدما دعا في وقت سابق إلى إعدامهم لتخفيف الاكتظاظ بالسجون.

فالفجاجة، بل الوقاحة، وغياب روح الإنسانية في مسارب (ما بعد الفاشية الصهيونية) تتجلى الآن أكثر فأكثر مع تغوّل العدوان الدموي والإفراط في القتل والتنكيل بالشعب الفلسطيني شبه الأعزل في قطاع غزة، وخاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن، وكل ذلك أمام البشرية كلها وبالصوت والصورة والنقل المباشر، فأي فاشية، وأي وقاحة، واي إسفاف واستهتار في الشرعية الدولية وحقوق الإنسان من قبل دولة الإحتلال «الإسرائيلي» التي تتسلح بدعم وتغطية وإسناد واشنطن.

إن تلك الفاشية الجديدة التي تتغذى من نسغ روح العنجهية والغطرسة والتطرف الى أبعد الحدود، دفعت بها الأمور لإستخدام المواطنين المدنيين في القطاع كــ «دروع بشرية» أمام عمليات جيش الإحتلال في القطاع من شماله الى وسطه الى جنوبه. مما دفع بعضو المكتب السياسي لحركة حماس، عزت الرشق للقول بأن «استخدام جيش الاحتلال النازي، المعتقلين والمدنيين الفلسطينيين دروعاً بشرية جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاك صارخ لكل قوانين الحروب وحقوق الأسرى وعموم المدنيين، واستهتار بكل المواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية».

فتحويل المدنيين العزل والأسرى إلى دروع بشرية أمام جيش الاحتلال، تأتي لتضاف لسجل الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون في معسكرات الاعتقال الأسوأ بألف مرة حتى من معتقلات النازية الألمانية التي زجت قوميات وإثنيات من مختلف شعوب العالم في زنازينها في البلدان التي اجتاحتها قواتها زمن الحرب العالمية الثانية. والآن تكرر دولة الاحتلال الصورة والنسخة الأسوأ بحق عموم المواطنين الفلسطينيين المدنيين، والتي شملت كل أشكال الانتقام الوحشي وصولاً للإعدامات الميدانية لعشرات الشبان والفتيان، وحتى الكادر الإسعافي في مجمّع الشفاء الطبي على سبيل المثال. وعليه، إنَّ المجتمع الدولي مطالب ليس فقط بإدانة هذه الجرائم، بل بالتحرك من أجل وقفها ومعاقبة دولة الاحتلال، ويترتب على محكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية بإضافة جرائم الدروع البشرية إلى ملف جرائم الحرب التي يُحاكم عليها قادة الاحتلال بطلب تقدمت به العديد من دول العالم بدءاً من جمهورية جنوب افريقيا. لقد أكَّدَت الوقائع للمرة الألف خلال اشهر العدوان الفاشي على القطاع، أنَّ السياسة الحالية لــ «إسرائيل» هي تدمير قطاع غزة بالكامل وتهجير اكبر عدد من مواطنيه، ومن ثم نقل «الجيش الإسرائيلي» إلى الشمال للحرب مع لبنان. وتتمثل إحدى القضايا في الحاجة إلى زيادة عددية في «الجيش الإسرائيلي» لخوض حرب برية واسعة النطاق في الشمال، لذلك تم السعي من قبل أركان حكومة نتنياهو لدفعهم الحريديين للخدمة العسكرية، وهو أمر يعارضه نتنياهو على كل حال خشية من انسحاب الحزبين الحريديين (شاس + يهوديت هتوراه) من إئتلافه الحكومي وتفكك الحكومة.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك