السبت 14 يونيو 2025 م - 18 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

أصداف : لماذا يختلف مؤسس «تلجرام»؟

أصداف : لماذا يختلف مؤسس «تلجرام»؟
الأحد - 07 يوليو 2024 05:35 م

وليد الزبيدي

20


اسمه بافيل دوروف من مدينة سانت بطرسبورج الروسيَّة، بدأ حياته في عالَم التقنيَّات الحديثة مقلِّدًا مارك زوكربرج حيث أسَّس مع أخيه منصَّة مُشابهة لـ(فيسبوك) وانتشرت بسرعة في روسيا وأوروبا، لكنَّه تفرَّد بعد ذلك بتطبيق (تلجرام) العملاق ليس لانتشار التطبيق فقط، ولكن لِمَا يُقدِّمه (التلجرام) لجمهوره أوَّلًا ولتقبُّل دوروف حياة الغربة بعيدًا عن بلده دافعًا ضريبة المحافظة على خصوصيَّة الآخرين.

لِمَن لا يعرف قصَّة حياة بافيل دوروف، وكيف جعل من منصَّة (تلجرام) وجهة لملايين المستخدمين، فإنَّ موقفًا عاشه داخل شقَّته دفعه للتفكير في منصَّة لا يُمكِن اختراقها، وبعد خلافات مع السُّلطات الروسيَّة الَّتي طلبت مِنْه حسابات بعض المعارضين للرئيس بوتين في العام 2011، دهمت شقَّته الشُّرطة، ولأوَّل مرَّة وجدَ نَفْسَه محاصَرًا ويريد إبلاغ شقيقه عالَم البرمجة الَّذي ساعده في بناء منصّة (vk) لكنَّه وبحُكم معرفته لِمَا يحصل في شبكات التواصل والاتِّصال أدركَ أنَّ كُلَّ كلمة سيقولُها لأخيه سوف تستمع إِلَيْها الجهات الأمنيَّة كما هو الحال في دوَل العالَم الأخرى، وفي الأخير انصاع للضغوطات وباع المنصَّة بثلاثمئة مليون دولار وغادر البلاد.

بعد الموقف الَّذي مرَّ به بافيل انصبَّ تفكيره على تأسيس منصَّة تعتمد الخوارزميَّات ولا يُمكِن اختراقها، ولكَيْ لا يقعَ تحت أيِّ سُلطات أمنيَّة وسياسيَّة أخذَ يتجول في بُلدانِ العالَم حتَّى استقرَّ به المطاف في مدينة دبي في الإمارات، وبجهود أخيه المتخصِّص في البرمجة وبعد أن وضعا التصميم الأساسي لتطبيق (التلجرام) شرَعا في بنائه.

في واقع الحال يتفرد بافيل بتقديمه منصَّة فريدة من نَوْعها ووسط الكمِّ الهائل من التطبيقات، فإنَّه عندما قرَّر خوض غمار هذه التجربة لم يكُنْ متأكدًا من تحقيق النجاح، وحاله حال آلاف التطبيقات الَّتي يكُونُ مصيرها الفشل الذَّريع لأسبابٍ عديدة، بل إنَّ الخبراء يقولون إنَّ أكثر من تسعين في المئة من هذه التطبيقات تغلق أمامها الأبواب وتفشل. فـ(تلجرام) ليس لدَيْه واردات من الإعلانات كما هو حاصل في المنصَّات الأخرى، وبذلك فإنَّ المؤسِّس يضطرُّ للصَّرف على مشروع عملاق من مدَّخراته الشخصيَّة، والأمْرُ الثاني أنَّ مواصفاته التقنيَّة تتفوَّق على جميع التطبيقات بما في ذلك الأشْهَر (واتساب)، فجودة إرسال الصوَر والفيديوهات في غاية الجودة والسرعة وبأحجامٍ كبيرة، وقَبل هذا وذاك، فإنَّ (تلجرام) في غاية الأمان ولا يخضع لرقابةِ الأجهزة الأمنيَّة والاستخباريَّة الدوليَّة والمحليَّة، لهذا يزداد الإقبال عَلَيْه بصورةٍ غير مسبوقة ما حدا ببافيل التصريح بأنَّه قريبًا سيصلُ المليار مستخدِم.

تجربة مؤسِّس (تلجرام) ورؤيته في عالَم التقنيَّات الحديثة تستحقُّ التوقُّف عندها؛ لِمَا ذكرناه من ميزاتها وخصائصها.

وليد الزبيدي

كاتب عراقي