إن الزواج من نعم الله على الإنسان فمن المعلوم أن الفقه الإسلامي مخصوص بالعلم الحاصل بجملة من الأحكام الشرعية الفرعية بالنظر والاستدلال، وقد تستحيل العشرة بين الزوجين فيكون اللجوء إلى الطلاق، والطلاق هو أبغض المباحات إلى الله عز وجل، وإن الشيطان ليحرص على أن يفرق بين الزوجين لأنها علاقة شرعية يرضى عنها الله، في حين أن الشيطان يزين الحرام ويقرب بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج لتشيع الفاحشة بين المسلمين، فيكره للرجل أن يفاجأ به المرأة من غير ذنب، ولا يجوز للمرأة أن تلجئه إلى طلاقها، فإذا أراد الرجل الطلاق فعليه أن يراعى أشياء منها: أن يطلقها في طهر لم يصبها فيه لئلا تطول عليها العدة، فإن الطلاق في الحيض أو في الطهر الذى جامع فيه بدعي وإن كان واقعًا، ويحتسب من عدد الطلقات التي يملكها الرجل، وقد قال النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِعُمَرَ حِينَ طَلَّقَ ابْنُهُ امْرَأَتَهُ حَائِضًا:(مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا إنْ شَاءَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ)، وعلى الرجل إذا طلق أن يطلق طلقة واحدة حتى إذا ندم استطاع أن يراجعها إذا بقي له طلقة أو طلقتان، وإذا كانت في العدة من حقه مراجعتها دون إذنها أما إذا انتهت العدة ولم يكن الطلاق باتًّا أي ثلاث طلقات وبقي له طلقة أو اثنتان فلا يستطيع نكاحها إلا برضاها وبمهر جديد وعقد جديد، وعلى الرجل إذا طلق زوجته أن يتلطف بها في الطلاق بإعطائها ما تتمتع به لينجبر الفاجع، ومما ينبغي أن يراعيه الرجل عند الطلاق ألّا يفشى سرها، فقد أخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ، ثم ينشر سرها).
وقد روى عن بعض الصالحين أنه طلق امرأته، فقيل له: ما الذي يريبك منها؟، فقال: العاقل الذي لا يهتك سر امرأته، فلما طلقها، قيل له: لم طلقتها؟ فقال: ما لي ولامرأة غيرى، فهذا كله بيان ما على الزوج، هذا والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.
د. أحمد طلعت حامد سعد*
* كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
