الجمعة 18 أكتوبر 2024 م - 14 ربيع الثاني 1446 هـ
أخبار عاجلة

هنيئا لكم ضيوف الرحمن.. وحج مبرور

الأربعاء - 26 يونيو 2024 06:10 م
10


إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري*

هنيئًا لكم ضيوف الرحمن.. يا من وقفتم على تلك العرصات الطاهرة.. هنيئًا لكم بأداء الركن الأعظم من أركان دينكم العظيم.. هنيئًا لكم غفران الذنوب والمعاصي.. هنيئًا لكم يا من لبيتم نداء الرحمن الرحيم.. هنيئا لكم يا من أقبلتم إلى ربكم ملبين (لبيك اللهم لبيك).. يا من أقبلتم على الله بقلب خاشع منيب، وتجردتم من زينة الدنيا، وأقبلتم إلى رب الأرض والسماوات شُعثًا.. هنيئًا لكم يا من وقفتم بعرفات الطاهرة وانسكبت دموع الإنابة والخشوع والتوبة.. يا من طفتم حول البيت وسعيتم بين الصفا والمروة.. تقبل الله خشوعكم ودعاءكم وصالح أعمالكم.. حج مبرور وسعي مشكور.

لقد عاد حجاج بيت الله منعّمين مستبشرين فرحين (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ).. ما أعظم أن يعود الحاج إلى أرض وطنه وأهله وهو يتسلح بالأخلاق العظيمة والمعاملة الحسنة منتهجًا منهاج الاستقامة والحق الأعظم.. طاهر القلب كأنه ولد من جديد على الحياة وأن يرجع من بعد أداء فريضة الحج بتلك المعاملة الحسنة والأخلاق الفاضلة وهو ينهج ما عاشه خلال أداء مناسك الحج العظام مطبّقًا في حياته دروس ومعاملات تعلمها من الحج، إنه يربى نفسه على ما تبقى من حياته مبدى التقوى عاد يعيش حياة جديدة استقامت على منهاج الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وتغيرت حاله مع عباد الله بأحسن المعاملة وطيب المعاشرة، فهذا هو من خرج من حجه وقد استفاد حقًّا من هذا الركن العظيم.

فإلى كل من لبّى نداء ربه وأدى هذه الشعيرة المباركة إليك هذه الوقفات من أخٍ مُحبٍّ لك في الله وإلى هذه الوقفات.. الوقفة الأولى: يا من قضيت أعظم المناسك وأديت أفضل الطاعات وعشت أعظم النفحات في أيام مباركات.. داوم المسير على هذا الطريق المنير فأنت في هذه الدنيا تعيش عمرًا مؤقتًا لا تعلم متى الرحيل فشدَّ العزيمة وقويّ الهمّة في طريق الاستقامة وضاعف الطاعات والعبادات بنية صادقة من القلب، يقول بعض السلف:(من سرّه أن يَكْمُلَ له عمله فليُحسن نيته) وعش في هذه الدنيا بين الخوف والرجاء، والوقفة الثانية: المومن المتقي دائمًا متعلق قلبه بربه يعيش بين الطاعات والعبادات وجميع الاعمال الصالحة وليس له نهاية من هذه الأعمال الصالحة إلا الموت وللحج المبرور علامات، فليكن هذا لك الحج نور طريق مشرق يشعُّ في حياتك وأنت تتقلب في صنوف الطاعات، والوقفة الثالثة: يا من لبّى نداء الرحمن.. ويا من عشت أيامًا مع حجاج بيت الله الحرام لقد فتحت صفحة جديدة ناصعة البياض في حياتك بعد أن أديت فريضة الحج وأرديت ثيابًا جديدة نقية طاهرة تملؤها الخوف والتقوى من الله.. فالحذر الحذر من الرجوع إلى المعاصي والذنوب.. فما أعظم وأفضل الحسنة يتبعها حسنات عديدة وما أشنع وأكره وأقبح السيئة بعد هذه الحسنات، وأن الأعمال الصالحة التي تبعها أعمال صالحة من قبول الأعمال الصالحة، والوقفة الرابعة: يا من أديت الحج اعلم أن كل مشاعر ومناسك الحج يذكّرك بيوم الحساب عندما تقف وقفة مع الله وأنت تفتح لك سجل حياتك وما حمل به من أعمال قدمتها في حياتك وتذكرك كذلك بهذا الكون وما أنعم الله على عباده بالعديد من النِعم التي لا تُعدُّ ولا تُحصى وخلق الإنسان في أكمل وأحسن صورة.. فالحذر من إتيان المعاصي والذنوب ما بقي من عمرك.. ولتكن صحيفتك تشّع نورًا من الحسنات والعبادات طوال حياتك، والوقفة الخامسة: أيها الحاج.. توجه بقلب يملأه الحمد والشكر على ما أنعم الله عليك وأنت تغادر من بيتك ووطنك وتتوجه إلى بيت الله الحرام وأنت تنعم بموفور الصحة والعافية وتعيش في الهناء والاطمئنان وأديت جميع مناسك الحج وعشت مع تلك الوفود التي أتت من كل فج عميق وها أنت تعود إلى أهلك ووطنك وأنت في نعمة الصحة والعافية.. فكن دائمًا بالشكر والرضا إلى الله وادعُ الله دائمًا أن يعفو ويغفر لك ذنوبك ومعاصيك، والوقفة السادسة والأخيرة: يا من عشتم أعظم الأوقات وفي أفضل الأماكن.. ليكن حجكم توبة صادقة من قلب أقبل بإشراقة ميلاد صباح جديد يملأها التقوى والخوف والصدق والرجاء مع الله وجاهدوا الشيطان والنفس بالإصلاح والتمسك بأوامر الله واتباع المنهج المحمدي والسير على منهجه المشرق ومعرفة سيرته العطرة يتحقق لكم الطريق المنشود والموصل إلى دار الخلود (وَمَن يَعْتَصِم بِللَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى صِرطٍ مّسْتَقِيمٍ) (آل عمران ـ 101).

أخي المسلم.. إننا نودع أيامًا عظيمة من أفضل الأيام عند الله نودع أيام الحج العظام والأيام الأوائل من ذو الحجة.. فكنا نعيش في هذه الأيام نفحات إيمانية انشرحت القلوب وتسابق المسلمون في مضاعفة الأعمال.. فهنيئًا لمن استغل هذه الأيام في مختلف أنواع الذكر، والخسران العظيم لمن تكاسل وتهاون ولم يعطِ هذه الأيام أي أهمية، وابشر أخي المسلم أن الطاعات ستظل معك طوال العمر فواصل المشوار، وكن من المنافسين في جميع الأعمال الصالحة.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من الحجاج حجهم وسعيهم وللعباد اجتهادهم في مضاعفة الأعمال الصالحة.

* كاتب عماني