الجمعة 20 يونيو 2025 م - 24 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

رحاب : لعبة القريع .. كأسلوب لممارسة الحياة

رحاب : لعبة القريع .. كأسلوب لممارسة الحياة
الثلاثاء - 21 مايو 2024 04:00 م

د ـ أحمد بن علي المعشني

30


منذ سنوات تعودنا نحن مجموعة من الأصحاب أن نلعب لعبة (أتوفياه) المتعارف عليها شعبيًّا بلعبة (القريع) وهي لعبة شَعبية معروفة في بعض مناطق سلطنة عمان وخصوصًا في محافظة ظفار.

وتُشبه لعبة (الكريكت) لدى سكان شِبه القارة الهندية، ويؤدي لعبة (القريع) فريقان من الذكور يتكون كلُّ فريق ما بين 6 إلى 8 لاعبين، وقد يزيد العدد إلى أكثر من ذلك حسب ظروف اللاعبين وعددهم، وتبدأ اللعبة بأن يختار الفريقان حكمًا ويقوم على مرأى من قائدي الفريقين بإجراء قرعة بدء اللعب، يلتقط الحكم حصاة صغيرة مسطحة ويبصق على ظهرها أو بطنها بحيث يظهر وجهها مبتلًّا وظهرها جافًّا، ثم يتجه الحكم إلى الفريقين قائلًا: مبتل ولا يابس؟! يختار أحد الفريقين الجزء المبتل أو الجزء اليابس، ثم يرميها الحكم إلى أعلى وعندما تسقط يتسابق الفريقان لرؤية الجزء الذي يظهر منها هل هو يابس أم مبتل؟ وهذا يحدد الفريق الفائز الذي يبدأ بضرب الكرة، وتقوم فكرة التنافس فيها بأن يقوم الفريق الفائز في القرعة ببدء اللعب، يكون لهم الدور في ممارسة الهجوم بينما يقوم الفريق الآخر بالتصدي لهذا الهجوم حتى يبطلوا دور منافسيهم، وتتكون أداة اللعبة من مضرب (عصا غليظة) وكرة مطاطية أو من القماش أو من لفة من خيوط سيقان التين البَري أو من أي شيء آخر.

المُهمُّ تعودت أنا بطريقة معينة عندما يأتي دوري لضرب الكرة أن أضربها بطريقة مائلة فتندفع الكرة بطريقة مائلة ناحية اليمين أو اليسار، بينما يقوم اللاعبون الممتازون بضرب الكرة من الأسفل وبقوة شديدة تندفع الكرة إلى أعلى إلى مسافة أبعد قد تصل إلى مائة متر أحيانًا فلا يستطيع لاعبو الفريق الخصم أن يتلقفوها، لأنهم لو تلقفوها فإن الفريق الذي عليه الدور يخسر اللعبة ويستلم الفريق المنافس اللعب في دور الفائز، وكم كنتُ أتمنى أن أضرب الكرة بطريقة قوية تدفعها بسرعة إلى أعلى وتطير في مسافة بعيدة، خصوصًا عندما يكون أغلب المشجعين من النساء اللاتي يتحلقن حول الملعب ويشجعن نجوم تلك اللعبة الساحرة، ويتحمس المشجعون وتتعالى صيحاتهم التي تلهب الحماس وقد تثبط الروح المعنوية للفريق الذي تتكالب عليه الخسائر.

أدركت بعد سنوات أن لعبة (القريع) تمثل أسلوب التعامل مع جميع ظروف الحياة، فالأسلوب الذي كنتُ أمارس به اللعبة، والطريقة التي أضرب بها الكرة والوقفة التي أقفها والمشاعر التي تحكمني أثناء تناول العصا الغليظة ووقفتي وموقفي من الجمهور المربك، واستقبالي لأصوات المشجعين أو المثبطين، كلُّ ذلك كان يؤثر في جودة الطريقة التي ألعب بها، وكذلك هي الحياة، وقد تساءلت بمرور السنين، هل أنا مجبور طيلة حياتي أن أبقى مقيدًا بالأسلوب الذي تعودت أن أمارس به لعبة القريع؟! هل أنا مقيد بأن أفكر بنفس الطريقة التي كنتُ أفكر بها منذ سنوات؛ ألا يمكنني أن أعيد التفكير في الأسلوب الذي أمارس به لعبة (القريع) الجميلة؟! لماذا اضرب الكرة باتجاه واحد فقط؟ لماذا لا أبذل مزيدًا من الوقت والجهد في التدريب من أجل تغيير النتيجة التي أحصل عليها، وعندئذ سيتغير موقف الجمهور مني ويحرص كل فريق أن أكون لاعبًا رئيسيًّا في أعضائه؟ أليس بوسعي ذلك؟ طبعًا ويمكنك أن تجيب بـ(نعم)، نعم أستطيع أن أغيِّر كلَّ شيء في حياتي إذا غيرت الطريقة التي أفكر بها، وغيرت الأسلوب والممارسة التي أتعامل بها مع مواقف وظروف الحياة المختلفة.

أحمد المعشني

 رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية