السبت 27 يوليو 2024 م - 21 محرم 1446 هـ

رأي الوطن : هل ينتظر العالم نكبة جديدة لكي يستفيق؟

الأربعاء - 15 مايو 2024 06:14 م

رأي الوطن

50

يُعبِّر الموقف العُماني عن الضمير الإنساني فيما يتعلق بالموقف من القضيَّة الفلسطينيَّة، وحرب الإبادة الجماعيَّة والتطهير العِرقي والتهجير القسري، التي تشنُّها دَولة الاحتلال الصهيوني على قِطاع غزَّة. فالرؤية العُمانية تنطلق من موقفٍ راسخ يؤكِّد أنَّ إنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط لن يتأتَّى إلَّا بإقامة الدَّولة الفلسطينية، ومنحها العضوية الكاملة غير المنقوصة في منظَّمة الأُمم المُتَّحدة، حيث ترى السياسة الخارجية العُمانية أنَّ الاعتراف بِدَولة فلسطين، وإقامة دَولة فلسطينية مستقلَّة ذات سيادة هو ضرورة استراتيجية تتطلبها المرحلة القادمة، ومطلَب عالميٌّ مدعوم من الأُسرة الدولية. فالضمير العالمي يئنُّ تحت وطأة الإرهاب والقمع والقتل الذي يُحدثه الكيان الصهيوني في كامل الأراضي الفلسطينية، خصوصًا في قِطاع غزَّة، إلَّا أنَّ هناك بعض الدوَل التي ترضخ للتهديد الأميركي، الذي يحُولُ بين الكيان الصهيوني وبين ما يستحقُّه وقيادته الإرهابية من عقاب على الجرائم التي يرتكبها على مرأى ومسمَع من العالم أجمع. ومن هذا المنطلق يؤكِّد الموقف العُماني الصُّلب المدافع عن الحقوق الفلسطينية قدرته على التعبير عن الضمير العالمي المَنسيِّ تحت التهديد والوعيد الأميركي والصهيوني لكُلِّ مَن يحاول دعمَ ومسانَدة الشَّعب الفلسطيني الأعزل. وكعادتها، استخدمت سلطنة عُمان المنابر الدولية للتعبير عن الحقوق الفلسطينية، ففي كلمة ألقاها عضو وفد سلطنة عُمان الدَّائم لدى الأُمم المُتَّحدة في نيويورك أمام الجمعية العامَّة للأُمم المُتَّحدة في إطار الدَّوْرة الاستثنائية الطارئة العاشرة المستأنفة للجمعية، دعت السَّلطنة مجلس الأمن الدولي إلى إعادة النظر في مسألة منح دَولة فلسطين العضوية الكاملة في الأُمم المُتَّحدة، محذِّرةً من أنَّ رفْضَ مِثل هذا الطلب سيجرُّ العالم والمنطقة لصراعٍ لا يُحمد عقباه. فالرَّفض لإعادة الحقوق الفلسطينية لا يخدم الأمن والسِّلم في منطقة الشرق الأوسط والعالم، ويؤثِّر سلبًا على مصداقية مجلس الأمن في ضوء المعايير المزدوجة حينما يتعلق الأمر بالقضيَّة الفلسطينية. لذا على الغرب وعلى رأسه الولايات المُتَّحدة الأميركية الاستماع لصوتِ العقل العُماني، حتى لا يتعرضَ العالم والمنطقة لهزَّةٍ تأتي على كافَّة الجهود التنموية. ويأتي هذا الموقف العُماني تعبيرًا عن الموقف السائد بين دوَل العالم، والذي تجلَّى في تصويت أعضاء الجمعية العامَّة للأُمم المُتَّحدة بأغلبية ساحقة على القرار الذي يدعم حقَّ ‫دَولة فلسطين في الحصول على العضوية الكاملة بالأُمم المُتَّحدة، ما يؤكِّد أنَّه السبيل العملي الذي سيمهِّد الطريق لحلِّ الدولتين وإحلال السَّلام العادل وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، على الرَّغم من استمرار آلةِ القتل في جرائم الحرب والإبادة التي ترتكبها ضدَّ المدَنيين العُزَّل في قِطاع غزَّة والأراضي الفلسطينية المُحتلَّة، وهي جرائم تُنذر بآثارٍ كارثية خطيرة قد تؤدِّي إلى توسيع نطاق الصِّراع والتوتُّر في المنطقة. الغريب أنَّ تلك الجرائم التي تأتي في ذكرى نكبة فلسطين لم تكُنْ تُرتكَب لولا قيام الإدارة الأميركية بتوفير الدَّعم المالي والعسكري للاحتلال، ومنع إدانته في المحافل الدولية، فاستمرار العدوان المدعوم أميركيًّا سيؤدِّي إلى ارتكاب المزيد من المجازر بحقِّ الشَّعب الفلسطيني، وتعريضه لنكبة ونكباتٍ جديدة، ذلك أنَّ ما يحدُث في الأراضي الفلسطينية يذكِّرنا بما حدَث في 1948 و1967، وهو ما يتطلب تحرُّك الإدارة الأميركية نَحْوَ إثبات مصداقيتها إن كانت جادَّة فيما تُعلنه، وعدم الاكتفاء بالبيانات والإدانات، والعمل على وقف العدوان فورًا، والسَّماح بدخول المساعدات الإنسانية، ووقف تهجير الشَّعب الفلسطيني، خصوصًا من مدينة رفح، فالسَّلام والأمن في المنطقة بأسْرها لن يتمَّ دُونَ حلٍّ عادلٍ للقضيَّة الفلسطينية، وقيام دَولة فلسطينية مستقلَّة وعاصمتها القدس بمقدَّساتها الإسلامية والمسيحية.