الجمعة 09 مايو 2025 م - 11 ذو القعدة 1446 هـ

الحكمة من العبادات

الأربعاء - 15 مايو 2024 05:39 م
50

في عموم العبادات لا شك أنّ كلها إنما شُرعت لحكمة علمها الله سبحانه، إذ أعمال الحكيم لا تخلو أبدًا من الحكمة، وقد تتجلى تلك الحكمة فيما يذكر الحكيم ـ جلَّ جلاله ـ في تفريعات الشريعة، لكنها بالنسبة إلى العبادات في عمومها هي متجلية، لأن الله تعالى بَيَّن أن الغاية من العبادات ومن مشروعيتها تقوى الله، فهو القائل:(يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)، (لعلكم تتقون) على تفسير (ابن جرير الطبري) وجماعة من المفسرين ومنهم سماحة الشيخ أحمد الخليلي.

ففي الصلاة نفسها الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول:(وأَقم الصلاةَ إنَّالصلاةَ تنهى عن الفحشاءِ والمُنكر)، وفي الزكاة يقول:(خُذ من أموالهم صدقةً تُطهّرهم وتُزكّيهم بها)، وفي الصيام:(يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم الصيامُ كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، وفي ارتباط الحج بالتقوى مذكور في أكثر من آية، الله تعالى يقول:(وأتموا الحجَّ والعمرةَ..) إلى أن ختم هذه الآية بقوله:(واتقوا الله إنَّ اللهَ شديدُ العقاب)، ثم قال بعد ذلك:(الحجُّ أشهرٌ معلومات فمن فرض فِيهّنَ الحجَّ فلا رَفثَ ولا فُسوقَ ولا جِدالَ في الحج وما تفعلوا من خيرٍ يعلمه الله وتزودوا فإنَّ خيرَ الزادِ التقوى واتقونِ يا أولي الألباب)، ثم قال:(واذكروا اللهَ في أيامٍ معدوداتٍ فمن تعجَّلَ في يومين فلا إِثمَ عليه ومَنْ تأخَّرَ فلا إِثمَ عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنَّكم إليه تُحشرون)، وقال فيه:(ومن يُعَظّم شعائرَ اللهَ فإنَّها مِن تقوى القلوب) وقال أيضًا:(لن يَنالَ اللهَ لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم). ولكن بالنسبة إلى جزئيات العبادات، (لا نستطيع أن ندخل في هذه الجزئيات: لماذا كان فرض المغرب ثلاث ركعات؟ لماذا كان فرض الفجر ركعتين؟ لماذا كان فرض الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات؟ لماذا صلاة الظهر صار وقتها ممتدًا إلى بداية وقت صلاة العصر، وهكذا صلاة المغرب، بينما بعد صلاة الفجر ينقطع الوقت إلى صلاة الظهر؟)(الفقه الإسلامي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة) لقاء (قناة الجزيرة) بسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي. والتعليل بالحكمة: إنّ التعليل بالحكمة أو المناسبة هو الأصل في القياس الشرعي، وذلك بشرط انضباط العلة عند جمهور الأصوليين، وانضباطها يكون بتحقق المناسبة بين الفرع الفقهي المنظور فيه وبين الحكم الشرعي المتعلق به، ويكون انضباطها ظاهرًا، لسببين هما: ضبط القياس بضوابط يتفق عليها الأصوليون ويعمل بها الفقهاء، لمنع التشهّي في الاجتهاد وتفادي كثرة الاختلاف بين المجتهدين، وكذلك لتفادي نقض بعض الفروع بالمناسبة في حال عدم انضباطها عند بعض الفقهاء، وفيما أثر عند بعض أئمة المذاهب كثير من التعليل بالحكمة دون العلة المنضبطة، ومنهم الإمام مالك، ومحمد بن الحسن، وخميس الشقصي من الإباضية.

سامي السيابي

 كاتب عماني

(فريق ولاية بدبد الخيري)