الاثنين 20 مايو 2024 م - 12 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

الاقتصاد العماني .. محركات التحدي والتعافـي

الاقتصاد العماني .. محركات التحدي والتعافـي
الأربعاء - 08 مايو 2024 05:35 م

عادل سعد

30

نهار أمس الأربعاء الثامن من مايو (مارس) كانت خاتمة الاجتماعات التي استضافت فيها سلطنة عُمان وفد صندوق النقد الدولي، وهي الاجتماعات الدَّوْرية السنوية بين الطرفين بموجب المادَّة الرابعة من اتفاقية عمل الصندوق.

تتضمن تلك المادَّة من الاتفاقية (إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء على أساس سنوي) للتداول في المعلومات مع المسؤولين الحكوميين بشأن السياسات الاقتصادية في هذه البلدان ومدى تطابقها مع المعايير التي وضعها الصندوق لتنظيمِ العلاقات مع البلدان الأعضاء من أجْلِ الإيفاء بالالتزامات المتقابلة بين الطرفين، الصندوق والبلد العضو، ولا شكَّ أنَّ تفعيل هذه المادَّة من اتفاقية صندوق النقد الدولي يقطع الطريق على أية اختراقات تنفيذية تلزم الطرفين، الصندوق والبلد المعني على التصدِّي لها.

وبقدر العلاقة الثنائية بين الصندوق وسلطنة عُمان، فإنَّ كُلَّ المؤشِّرات الخاصَّة به‍ذه العلاقة تُفيد بانسيابيتها على أساس الالتزام المتبادل. علمًا أنَّ السَّلطنة منذ انضمامها إلى اتفاقية الصندوق حرصت أشدَّ الحرص على مراعاة بنود الاتفاقية، والقيام بإجراء مسوح دَوْرية تتناسب مع مصنَّفات الحقوق والواجبات المنصوص عليها.

لقد أشار فريق صندوق النقد الدولي في تقريره الختامي للمباحثاتِ التي أجراها مع الحكومة العُمانية العام الماضي 2023 إلى وجود فرضية ميدانية ناجحة تتعلق بمفهوم التعافي، كما ظلَّ معدَّل التضخُّم قَيْدَ الاحتواء، واعتماد مواصلة تطبيقية جادَّة وفاعلة لبرنامجِ الإصلاحات الهيكلية تنفيذًا لرؤيةِ 2040.

إنَّ القراءة المُنصفة لواقعِ الاقتصاد العُماني لا بُدَّ أن تضعَك أمام حرص وطني عام على النُّمو الشامل، وتعزيز الاستدامة المالية وضمان تحقيق العدالة، واعتماد سياقات تنموية تتَّجه بهذا الاقتصاد إلى التحرُّر تدريجيًّا من الاعتماد الكلِّي على الريع المالي المتأتِّي من مبيعات النفط، وإرسال اليَّات تنويع النشاطات الإنتاجية التي توفِّر بيئة حاضنة لمفهومِ الاكتفاء الذَّاتي، ولكن غير المنقطع عن التعاون والتداول المنفعي الاستهلاكي والإنتاجي والتجاري المرتبط بحاجات المواطنين العُمانيين وبناء البلاد على أُسُس التنمية المستدامة.

لا شكَّ في أنَّ التعهُّدات المحرِّكة للاقتصاد العُماني تقوم على عددٍ من الركائز الضَّامنة للنُّموِّ المتوازن، وإذا كان لا بُدَّ من الإشارة إلى تفصيلات ذلك فلَنَا أن نتوقفَ عند النقاط الآتية:

•هناك اشتغال تنموي يضع بالاعتبار أنَّ حجم التحدِّيات البيئية التي تواجه البلاد ليست في تناقص، بل على العكس من ذلك تتوافر لها فرص أن تكُونَ أشدَّ في إطار المتغيِّرات المناخية الحادَّة المتقلِّبة، الأمر الذي شكَّل ضاغطًا شديدًا على البيئة التنموية العامَّة، وحين يوضع هذا التحدِّي بالاعتبار فإنَّ ذلك يُتيح المجال لاحتواء هذه التحدِّيات وتقليل الاندثارات الناتجة عنها، وهو ما يصبُّ لصالحِ التنمية بتقليلِ خسائرها، وفي ذلك فائض قيمة واضح مهمَّته التعويض اللازم.

•هناك ربط جدَلي يحرِّكه الانسجام بين السياسات العامَّة الإقليمية والدولية والسياسات التنموية العُمانية المعتمدة، وهذا بحدِّ ذاته عنصر ضمان للتنمية بمفهومها العام؛ لأنَّها تأخذ بنظر الاعتبار المحيط العامِّ في إطار المنافسات التجارية واستحقاقات السوق عمومًا.

إنَّ هناك العديد من العيِّنات التي تتميَّز بها السياسة التنموية العُمانية، لكن ذلك لا يُلغي بأيِّ حالٍ من الأحوال ضرورة استمرار الحذر الشديد من مفاجآت ليست بالحسبان، الأمر الذي يتطلب المزيد من حُسن التدبير القائم على المراجعة والتبصر فيها، تلك جزء أساسي لِمَا يُعرف بالإدارة العاطفية التي تحتاجها أرقام المحصِّلات.

إنَّ من شأن هذا المنهج تسهيل الإجراءات التي تستقطب المزيد من الاستثمارات، ولكن مع الحرص على اعتماد قراءات تتوخَّى متطلبات المستقبل على قياس (غدنا يبدأ اليوم)، وتلك ضمانة لا بُدَّ منها إذا أريد للاقتصاد العُماني أن يكُونَ قادرًا على توفير حصانات تمنع الوقوع في الانكشاف الاقتصادي.

عادل سعد

كاتب عراقي