الاثنين 20 مايو 2024 م - 12 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

سقوط أقنعة وانتهاء سردية كاذبة

سقوط أقنعة وانتهاء سردية كاذبة
الأربعاء - 08 مايو 2024 05:33 م

جودة مرسي

40

يعيش العالم اليوم طوفانًا جديدًا من الحقائق، بعد أن تساقطت الأقنعة، ولم يعُدْ يبقى إلَّا ورقة التوت التي تستر عالم المصالح. لا أحد كان لديه أيُّ نذر ـ ولو بسيطًا ـ من أنَّ الصهيونية العالمية هي التي تتحكم في سياسات واقتصاد الولايات المُتَّحدة والدول الكبرى في أوروبا، إلَّا أنَّ الكلَّ كان يتغاضى عن هذا تحت أسباب واهية ودعاية كاذبة تضخُّ في رؤوسنا ملايين الكلمات والمحاضرات والشعارات كُلَّ يوم وفي كُلِّ مناسبة، وتحوي مادَّة كلامية عن الديمقراطية وحُرية الرأي، وأنَّ النظام الفلاني نظام ديكتاتوري ولا يسمح بحُرية التعبير ولا يُجيد إلَّا التنكيل بمعارضيه، ويجِبُ على العالم أن يستمعَ إلى ديمقراطية أميركا والغرب. قد لا ننكر أنَّ هذا الكلام قد يكُونُ صحيحًا في بعض الأنظمة، إنَّما الحقيقة الكبرى هي أنَّ كُلَّ هذه الاتهامات يجِبُ أن توَجَّهَ إلى إله الديمقراطية والراعي الرسمي لها!! والذي فضَحَه حراك طلابي تمَّ التنكيل بهم والقبض على حوالي (1000) طالب منهم أساتذة، وجريمة هؤلاء رفضهم للسردية التي تفرض عليهم بعد أن تهاوت أمامهم حقائق الجرائم ضدَّ شَعب غزَّة. فجاء طوفان الطلبة فاضحًا كُلَّ مساوئ وأكاذيب أصحاب الادعاء الديمقراطي، إذ ينالون ما ينالون من اعتداء الشُّرطة عليهم وسحلهم وفضِّ اعتصامهم بالقوَّة، دون محاولة الاستماع إلى مطالبهم إلَّا في عددٍ بسيط من بعض الجامعات، وخرجت التهديدات التي توَجَّه للطلبة وينتج عنها تضحيتهم لمستقبلِهم العلمي والوظيفي، حتى أنَّ بعض رجال الأعمال ومعه العديد من أمثاله أعلنوا أنَّ هؤلاء الطلبة لا مستقبل مهنيًّا أو علميًّا لهم في استثماراته، بعد أن تمَّ تصوير الطلبة أثناء الاحتجاجات، وخرجت الآلة الإعلامية الكاذبة التي تشيطن هؤلاء الطلبة باتهامهم بتلقِّي أموال من بعض الجهات، أو أنَّهم محرومون جنسيًّا، وأنَّهم يتلقون تعليماتهم من محرِّضين خارجيين.

من أين تستمدُّ هذه الأيدي قوَّتها في إرهاب الطلبة المحتجين؟ والإجابة بوضوح هي اللوبي الصهيوني الدَّاعم لـ»إسرائيل» والمتحكم في كُلِّ مفاصل الولايات المُتَّحدة الأميركية، لِيُلقيَ الضوء على الحقيقة من وجود هذه الدَّولة العملاقة التي تتحكم في كُلِّ مصائر الشعوب باقتصادها وعملتها وقوَّتها العسكرية، بالإضافة إلى كونها الراعي الرسمي للديمقراطية، وهي أكبر أكذوبة لأسباب منها، أنَّ مَن يتحكم في القرار الأميركي هم اليهود الذين يُمثِّلون (2%) من تعداد الأميركان، ووضعوا قوانين أجيزت في أكثر من (35) ولاية تعاقب أي شركة تتخذ سياسة ضدَّ «إسرائيل»، عدم التعامل مع منظمة «BDS» التي تجرِّم التعامل مع «إسرائيل»، وهذه قوانين تجرِّم مطالب الطلبة التي تنادي بعدم الاستثمار والتعاون مع الجامعات «الإسرائيلية»، إنَّ الشُّرطة الاميركية وهي بالأرقام الأعنف، تتعامل مع الطلبة والأساتذة بمنتهى العُنف ولا مانع لديها من إطلاق النار إذا تطلب الأمر، والأمثلة عديدة في حوادث سابقة ندَّد بها العالم كُلُّه. إنَّ طوفان الطلبة أظهر هستيريا الأيباك (اللوبي الصهيوني) والأيباك هو مَن يقوم بتمويل المرشَّحين في الكونجرس وميزانيته السنوية (100) مليون دولار، ممَّا دفع بعض الأعضاء في الكونجرس من الخروج وإعلان رفضهم لهذا الحراك، ومعه الجماعات والحركات الأميركية المؤيِّدة لدَولة استيطانية، استعمارية، عنصرية، استعلائية، عدوانية ترتكب جرائم إبادة بشكلٍ يومي، وينتاب هذه الجماعات الخوف من الغد بعد أن تسببَ هذا الحراك الطلابي في تفنيد أكاذيبهم التي استمرَّت (70) عامًا بعد اتضاح الكثير من الحقائق، وأنَّ هذا الزحام في الدعاية المجملة للكيانِ المحتلِّ لم يعُدْ يصدقها أحَد بعد أن استخدم الجميع أسلوب فورست، وهو الجري هربًا من هذه الدعاية الكاذبة، لنتعمقَ أكثر في مواقف هؤلاء الطلبة وهم يعرفون أنَّ مصيرهم قد يكُونُ في غاية القتامة بسبب اللوبي الكبير المتحكم في تلك الجامعات والذي قد يحرمهم من مستقبل انتظروه كثيرًا ودفعوا من أجْلِه مئات الآلاف من الدولارات، رغم بوادر بعض الجامعات الأميركية في الاستجابة لمطالِبِ الطلبة وتوصلها لاتفاق، وهي جامعة كاليفورنيا «ريفرسايد»، جامعة «فيرمونت»، جامعة روتجرز بولاية نيوجيرسي، وجامعة مينيسوتا، وجامعتا نورث وسترن في ولاية رود إيلاند. مشوار الحقيقة وطمس الأكاذيب، ونهاية المغتصب، بدأ مع السابع من أكتوبر 2023 ومستمر في إسقاط الأقنعة، وقادم الأيام حبلى بالمفاجآت.

جودة مرسي

من أسرة تحرير «الوطن »