الاثنين 20 مايو 2024 م - 12 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

الكرة فـي ملعب نتنياهو

الكرة فـي ملعب نتنياهو
الأربعاء - 08 مايو 2024 05:32 م

علي بدوان

10

الكرة أصبحت الآن في الملعب «الإسرائيلي»، والجميع ينتظر موقف «كابينيت الحرب والطوارئ» الواقع تحت حالة الانقسام، وموقف الحكومة الائتلافية «الإسرائيلية» بشأن التفاهمات التي وردت في الأوراق الأخيرة عَبْرَ الوسيطين المصري والقطري، وقد وافقت عليها الفصائل والقوى الفلسطينية، بعد مماطلةٍ وأخذٍ وردٍّ والتفافٍ «إسرائيلي» طوال فترات التفاوضية غير المباشرة عَبْرَ القنوات النشطة.

نتنياهو راهن مرارًا طوال فترات التفاوض على عامل الضغط العسكري من خلال التصعيد اليومي واستهداف المَدَنيين بشكلٍ خاصٍّ، وصولًا لحربِ التعطيش والتجويع، وكُلُّ ذلك لدفعِ الفلسطينيين للتنازلِ عن مُعْظم المطالب التي تمسَّكوا بها حتى اللَّحظات الأخيرة. لكنَّ فصائل المقاومة الفلسطينية واصلت تمسُّكها بموقفها وفق رزمة متكاملة تبدأ بوقف العدوان أولًا، وفتح المعابر الأرضية لتدفُّق مُقوِّمات الحياة من غذاء وكساء ودواء للقِطاع المُحاصَر ثانيًا، وصفقة تبادل أسرى وفق ما تراه فصائل المقاومة ثالثًا، وصولًا لرفعِ الحصار الظالم عن القِطاع رابعًا.

وبالطبع فإنَّ موقف المُجتمع الدولي والعالم بأسْرِه كان له الأثَر الكبير في إنزال صورة دَولة الاحتلال إلى الحضيض، وإظهارها على حقيقتها. كما شكَّلَ الموقف الدولي انتصارًا للسردية الوطنية الفلسطينية، فقد هَزَّ صمود غزَّة وشَعبنا على أرضها الخريطة الدولية بأسْرِها، التي تحشَّدت إلى جانب فلسطين وقضيَّة شَعبها.

نتنياهو يُماطل الآن، بعد التوافق على ورقة الحلِّ لِوقْفِ الحرب، وديدنه في ذلك محاولة استخدام القوَّة مُجددًا للضغطِ على الفصائل والقوى الفلسطينية المقاتلة، من خلال تسخين الأوضاع على تخوم مدينة رفح، وتسريب المعلومات عن نيَّته ببدء العملية العسكرية الواسعة. لكنَّه (أي نتنياهو) يواجه الآن واقعًا صعبًا داخل مُجتمعه «الإسرائيلي» في ظلِّ التصدُّع الاجتماعي العميق نتيجة الحرب، ووجود الأسرى بِيَدِ المقاومة، فاشتعلت تل أبيب ليلة الإعلان عن التوصل للتفاهمات على ورقة الحلِّ، ليلة السادس من أيار/مايو 2024 الجاري، بالمظاهرات الضاغطة والمناوئة لنتنياهو لدفعِه لتنفيذِ ما تمَّ التوافق عليه، وإتمام صفقة التبادل كبندٍ من بنود الحلِّ في إطار التفاهمات التي تمَّت وبرعاية وضمان عدَّة أطراف. كما اندلعت مظاهرات صاخبة في الشوارع قرب مقرِّ نتنياهو في القدس، للمطالبةِ بتنفيذ الاتفاق وخصوصًا ما يتعلق بتبادل الأسرى، لدرجةِ أنَّ والدة الأسير الجندي «الإسرائيلي» (تسين جوكر) قالت «تبادل الأسرى وإلَّا سنحرق «إسرائيل». على كُلِّ حال، واستنادًا إلى تجربتنا الوطنية الفلسطينية المديدة مع الاحتلال وسياساته وكُلِّ الحكومات التي سبَقَت نتنياهو، فإنَّ ضمانات الأطراف قد يقفز عنها نتنياهو ويحوِّلها إلى ضمانات واهية ونيَّات كاذبة، وهو ما يجِبُ أن يدفعَ الجميع لليقظةِ، والتشديد على مطالبة المُجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال، لوقْفِ العدوان وتنفيذ ما تمَّ في أوراق التفاهمات. إنَّ وقف العدوان على القِطاع، ولملمة الجراح وتضميدها، مهِمَّة وطنية فلسطينية، يقع على الجميع العمل لإنجازها، وعلى الأُمَّة العربية والإسلامية، وعموم المُجتمع الدولي تقديم يد المساعدة للشَّعب الفلسطيني، وبسخاء، بعد حرب الإبادة الواسعة وغير المسبوقة في التاريخ الحديث والمعاصر والتي شنَّت عليه.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك