الاثنين 20 مايو 2024 م - 12 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

تطبيقات على بعض الحكم النبوية

الأربعاء - 08 مايو 2024 05:28 م
10

لقد اصطفى الحكيم العليم الخبير أنبياءه لحكمته البالغة بهم، وبأغوار أنفسهم، وأفقية أخلاقهم، ومتانة شخصياتهم، وبُعْد قيادتهم.. ولقد سمى الله ما يتكلم به نبيه بالحكمة، وأمر زوجات نبيه أن يتلينها كما يتلين آيات الكتاب الحكيم لمن تسترت عليه تلك الحكم من غير المقربين منه، قال:(وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)(الأحزاب ـ 34).

وقد آتى الحكيم نبيه المصطفى جوامع الكلم عند من يبيعون الكلام في أسواق عكاظ وتتفتق سواقيهم بالبلاغة والبيان في ثوب الحكم العربية، في نواديهم ومحافلهم، حتى أتاهم من يجمل الشروح اللامتناهية في بضع كلمات جامعات عامات مانعات شاملات، ما زال شراح الأحاديث يبحرون بشروحهم دون توقف منذ أربعة عشر قرنًا، ومن تلك الحكم اختر لكم باقة في:

(أ) علاقتك مع الله، قال:(احفظ الله يحفظك): كانت هذه الحكمة بلسمًا اضفى بها النبي على رحابة صدر صبي وهو عبدالله بن العباس، صيرته مرجعًا للأمة الإسلامية، وترجمانًا للقرآن وحبرًا للناس، فحفظ العبد لربه يعني الحفاظ على محبته ومخافته، وتقواه وهدايته، وحفظك لبصرك وعرضك هو حفظ أبصار الناس عن عرضك، وحفظك للسانك هو حفظ ألسنة الناس من النيل منك، وحفظك لدينك وأخلاقك ووفائك لله هو حفظ الله لدينك وأمانتك وجعل ذلك الوارث في ذريتك، وكذا صحتك ومالك ودمك وعقلك وخواتيم أعمالك.. فأنت بحفظ تعاليم الله واتقادك لضميرك في هداه وعقلك واحترام علمك وفطنتك.. كان حقًّا على الله أن يهبك الحكمة البالغة تتجوهر بها.. وإنما حفظك لله وحده هو ضمان لك في كل معروف سهم ومن كل مكروب حصن، لأنك تحفظ مقربتك من بيده ملكوت كل شيء، وهو على كل شيء قدير.

(ب) علاقتك مع الناس عمومًا، قال:(خَالِقِ الناسَ بِخُلِقٍ حَسن): فكما تدين تُدان، وكما تحب أن تُعامل عامل، وكما ترضى أن تُصان صن، فلكل فعل ردة فعل، فإن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، ولا تعاملهم إلا بخلقك الإسلامي الحسن، وفي حال ردك على تعامل مشين، فلا تفسح لغيرك أن يكون لك قدوة من خلل وتشفّ، ولا ترضَ إلا بما رضي لك الله ورسوله من خلق.

(ج) علاقتك مع أقربائك، قال:(كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل):(كأنك غريب) بعيد عن موطنه لا يتخذ الدار التي هو فيها موطنا ولا يحدث نفسه بالبقاء، قال العيني هذه كلمة جامعة لأنواع النصائح إذ الغريب لقلة معرفته بالناس قليل الحسد والعداوة والحقد والنفاق والنزاع وسائر الرذائل منشؤها الاختلاط بالخلائق ولقلة إقامته قليل الدار والبستان والمزرعة والأهل والعيال وسائر العلائق التي هي منشأ الاشتغال عن الخالق. (عابر سبيل) مار بطريق وتعلقاته أقل من تعلقات الغريب.

(د) علاقتك مع جسدك، قال:(خذ من صحتك لمرضك) اشتغل حال الصحة بالطاعات بقدر يسد الخلل والنقص الحاصل بسبب المرض الذي قد يقعد عنها، (من حياتك لموتك) اغتنم أيام حياتك بالأعمال التي تنفعك عند الله تعالى بعد موتك، (شرح وتعليق الدكتور مصطفى ديب البغا). (هـ)علاقتك مع كرامتك، قال (إنما الأعمال بخواتيمها): الكرامة التي يتجه لها كل عاقل كيس، ويستهويها العقلاء أولى النضج هي الكرامة الكبرى المتمحورة في الخاتمة الطيبة، فلتكن نصب عينيك في كل عمل تقدم إليه، ومساء أنت في صباحه وصباح أنت في مسائه، وصحح بذلك نيتك وإخلاصك وإتقانك، فلا تدري لعلها الخاتم من الأعمال.

سامي السيابي

 كاتب عماني

(فريق ولاية بدبد الخيري)