الاحد 19 مايو 2024 م - 11 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : طفح الكيل

الثلاثاء - 07 مايو 2024 06:31 م

رأي الوطن

70

جاء الموقف الصَّارم الذي اتَّخذته منظَّمة التعاون الإسلامي، في بيانها الأخير (إعلان بانجول)، لِيؤكِّدَ أنَّ ما يحدُث في الأراضي الفلسطينية، خصوصًا في قِطاع غزَّة، قد تخطَّى نطاقه الجغرافي والإقليمي، وتحوَّل ـ بفعل الإرهاب الصهيوني ـ لقضيَّة عالمية ذات بُعد ديني، خصوصًا في ظلِّ الممارسات الصهيونية التي تستهدف المقدَّسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف، والذي اتَّضح للجميعِ أنَّها جوهر الصراع. فالعدوان على غزَّة ـ رغم ما يشمله من حرب إبادة جماعية وتطهير عِرقي وما ارتكب فيها من جرائم ضدَّ الإنسانية ـ كان تصعيدًا لِمَا تمارسه دَولة الاحتلال الصهيوني من جرائم مستمرَّة متواصلة ضدَّ الحقِّ الفلسطيني والإسلامي، بل والمسيحي، في كامل الأراضي الفلسطينية المُحتلَّة، في مسعًى واضحٍ لا لبْسَ فيه لِجرِّ المنطقة والعالم لِحُروبٍ دينية تسعى من ورائها حكومة الاحتلال الإرهابية إلى لَفْتِ الأنظار عن الغضب والفشل الداخليَّيْنِ. لا يُمكِن فصل الدَّعوة التي أطلقها الإعلان للدوَلِ الأعضاء في المنظَّمة الإسلامية الجامعة بفرض عقوبات على دَولة الاحتلال، وممارسة ضغوط دبلوماسية وسياسية وقانونية وفرض عقوبات على جميع المستويات الاقتصادية والرياضية والثقافية والدولية، عن المخاوف من التصعيد الصهيوني، الذي يسعى إلى جرِّ العالم أجمع إلى حرب دينية لن تبقيَ ولن تذرَ، حيث ربطت الدوَل الإسلامية بين حتمية إعلان وقفٍ فوري وغير مشروط لإطلاق النَّار في الأراضي الفلسطينية، والسَّماح بإيصال المساعدات، باتِّخاذ كافَّة التدابير لِحمايةِ الهُوِيَّة الإسلامية للقدسِ الشريف من محاولات التهويد، بالإضافة إلى دعم جهود توسيع الاعتراف العالمي بدَولة فلسطين، كحلٍّ وحيد يُعِيد الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم.

إنَّ هذا الموقف الإسلامي لا يُمكِن عزْلُه عن موافقة حركة حماس على الهدنة، الذي جاء بجهود قطرية ـ مصرية، فيما يظلُّ التعنُّت الصهيوني عنوانًا للجهودِ الرامية للوصولِ إلى حلٍّ نهائي، خصوصًا في ظلِّ تلويح الحكومة الصهيونية برئاسة نتنياهو باجتياح مدينة رفح، الذي سيُفاقِم الوضع الإنساني الكارثي في القِطاع، ما يستلزم جهودًا دولية تُلزم دَولة الاحتلال بوقف العدوان والانسحاب الكامل من قِطاع غزَّة، حيث تتجنب حكومة العدوِّ المحتلِّ أيَّ فرصةٍ لوقْفِ النَّار، وتُمهِّد فعليًّا لارتكاب أكبر جريمة إبادة جماعيَّة باجتياح رفح. وهنا يجِبُ على واشنطن تحمُّل المسؤولية الكاملة لهذه السياسات الصهيونية الخطيرة، خصوصًا في ظلِّ الدَّعم المُطْلق الذي تقدِّمه الإدارة الأميركية الحالية.

إنَّ الإدارة الأميركية التي توفِّر الدَّعم المالي والعسكري للاحتلال، وتقف بوَجْهِ المُجتمع الدولي لِتمنعَ تطبيق قرارات الشرعية الدولية ووقف العدوان، هي التي تشجِّع نتنياهو وقادته على الاستمرار في مجازرهم ضدَّ الشَّعب الفلسطيني، سواء في قِطاع غزَّة أو في الضفَّة الغربية.

إنَّ تجاهُل اتِّفاق الهدنة بشكلِه الحالي والتهديد باجتياح رفح يعني أنَّ مليونًا ونصف مليون مواطن فلسطيني سيتعرضون لمذبحةِ إبادة جماعية، ومحاولات تهجير قسري، لذا وجَبَ على واشنطن وحلفائها التحرُّك فورًا ومنع الإبادة الجماعية والتهجير، ومحاسبة الاحتلال على الانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها بحقِّ القانون الدولي قَبل فوات الأوان، فقد طفح الكيل. ونعود ونكرِّر أنَّ السَّلام والأمن في المنطقة بأسْرِها لن يتمَّ دُونَ حلٍّ عادل للقضيَّةِ الفلسطينية وقيام دَولة فلسطينية مستقلَّة وعاصمتها القدس بمقدَّساتها الإسلامية والمسيحية.