الاحد 19 مايو 2024 م - 11 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

أصداف : قصة ودلالاتها

أصداف : قصة ودلالاتها
الاحد - 05 مايو 2024 04:56 م

وليد الزبيدي

10

قصَّة وصول بول بريمر حاكم الاحتلال الأميركي في العراق وكيف غادر بغداد لها أكثر من دلالة، فقد وصل العاصمة العراقية في الثالث عشر من مايو2003، أي بعد شهر وثلاثة أيام من احتلال العراق من قِبل القوات الغازية، وغادر العراق في الثامن والعشرين من يونيو ـ حزيران 2004، وكانت مغادرته قَبل الموعد المقرر لإنهاء مهمَّته بيومين، إذ تمَّ الإعلان أنَّ الأميركيين سيسلِّمون «السيادة» للعراقيين في الثلاثين من يونيو ـ حزيران من ذلك العام، لكنَّ الرجل استعجل المغادرة وقد فسِّر ذلك بطريقة أخرى.

بعد عدَّة أيام من وجود بول بريمر في بغداد زار منطقة الكرادة المقابلة لمقرِّ السفارة الأميركية التي اتخذت مقرًّا لها في القصور الرئاسية الواقعة بجانب الكرخ على ضفَّة نهر دجلة، وتجوَّل في المنطقة وقطع وعدًا بأنَّ العراقيين سينعمون بـ»الطاقة الكهربائية» بعد أن دمَّرَ القصف الأميركي البنية التحتية في العراق ـ بالمناسبة. لقد مضى أكثر من عقديْنِ على وعدِ بريمر وما زال العراق يعيش فقرًا هائلًا في الطاقة الكهربائية ـ ونقلت زيارته الفضائيات العربية والأجنبية، ونشرت الخبر صحيفة «عراقية» توزعها مجانًا قوَّات الاحتلال، إضافة لصحفٍ خارج العراق، ثم تلَتْ تلك الحقبة القصيرة إطلاق مئات الصحف والإذاعات والفضائيات المموَّلة والموَجَّهة من قِبل إدارة الاحتلال الأميركي ـ البريطاني لخدمةِ مشروعهم. وبدون شكٍ، تصدَّرت أخبار «المنطقة الخضراء» واجهات وسائل الإعلام تلك وما زالت.

بعد زيارة بريمر لمنطقةِ الكرادة تقلَّص ظهوره تمامًا، وحضر مرَّة مباراة لكرة القدم شارك فيها العراق في إحدى دوَل الخليج، إضافة إلى وجوده في «مجلس الحكم الانتقالي» الذي أشرف على تأسيسه في منتصف يوليو ـ تموز 2003.

لم تكُنْ هناك معلومات تفصيلية عن حياته اليومية طيلة الفترة التي أمضاها في العراق قَبل صدور مذكّراته لاحقًا، وكانت المقابلات التي تجرى معه خصوصًا في الصحف الأميركية تتحدث عن «الديمقراطية» واحترام حقوق الإنسان في العراق.

كشَف بول بريمر عن حالته النَّفْسيَّة التي كان يعيش تحت وطأتها الثقيلة في آخر مقابلة أجرتها معه قناة (سي أن أن) الأميركية في بغداد، وكان أحد الأسئلة: ماذا ستعمل بعد العودة إلى الديار؟ قال بسرعة ويبدو أنَّه لم يدقِّق في تبعات ما قال (سوف أنام لأنَّ القصف وسقوط الصواريخ تؤرقني)، في تلك الأشهر والسنوات واصل المقاومون بقصف يومي بالقنابل والصواريخ على المنطقة الخضراء حتى أحالوا ساعاتهم إلى جحيم حقيقي.

وقَبل موعده بيومين التقى بـ»سياسيين عراقيين» وقال إنَّه يسلم «السيادة لهم» وفي واقع الحال حتى الآن يدرك العراقيون أنَّ البلد بلا سيادة حقيقية.

وليد الزبيدي

كاتب عراقي