عزيزي القارئ.. نواصل معكم ما تبقى من حلقات حول هذه الموضوع الذي نشرت بعض حلقات خلال شهر رمضان المبارك.. ونقول: وأما عن تحديد مكانه وفضله فيقول ابن عطية:(ولا خلاف أن في الشام جبلا يسمى الطور، وهو طور سيناء، وقال نوف البكالي: إنه الذي أقسم الله به لفضله على الجبال. إذ قد روي أن الله تعالى أوحى إلى الجبال إني مهبط على أحدكم أمري. يريد رسالة موسى ـ عليه السلام، فتطاولت كلها إلا الطور فإنه استكان لأمر الله وقال حسبي الله، فأهبط الله الأمر عليه. ويقال إنه بمدين) (تفسير ابن عطية 5/ 185).
وفي (تفسير القرطبي 17/ 58):(أقسم الله به تشريفًا له وتكريمًا وتذكيرًا لما فيه من الآيات، وهو أحد جبال الجنة، عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(أربعة أجبل من جبال الجنة وأربعة أنهار من أنهار الجنة وأربعة ملاحم من ملاحم الجنة، قيل: فما الجبال؟ قال: جبل أحد يحبنا ونحبه)، و(الطور) جبل من جبال الجنة ولبنان جبل من جبال الجنة والجودي جبل من جبال الجنة، وإن لهذا الجبل (الطور) عجائب كبرى، عن مجاهد قال:(أمر موسى قومه أن يدخلوا الباب سجّدًا ويقولوا:(حِطّة) وطؤطئ لهم الباب ليسجدوا، فلم يسجدوا ودخلوا على أدبارهم، وقالوا:(حنطة)، فنتق فوقهم الجبل: أي: أخرج أصل الجبل من الأرض فرفعه فوقهم كالظلة، كالسحابة، فقيل لهم: لتؤمنن أو ليقعن عليكم. فآمنوا) (تفسير الطبري 2/ 158). وقد ذكر الله ذلك في آيات أخرى، ومن عجائب هذا الجبل أن الله ـ جلَّ جلاله ـ تجلى له دون غيره، قال الطبري: يقول تعالى ذكره: فلما اطّلع الرب للجبل، جعل الله الجبل دكًّا، أي: مستويًا بالأرض، (وخر موسى صعقًا)، أي: مغشّيًا عليه) (تفسير الطبري، مرجع سابق 13/ 97).
جانب الطور
لقد ذكر الله تعالى جانب الطور في عدة مواضع من كتابه الكريم، والمعنى (ناداه الله من ناحيته اليمنى. وفيه وجهان: أحدهما: من يمين موسى، والثاني: من يمين الجبل) (النكت والعيون 3/ 376)، ويقول الشيخ المراغي:(أي: وكلمناه من الجانب الأيمن للطور أي الذي عن يمين موسى حين أقبل من مدين متوجها إلى مصر، وأنبأناه بأنه رسولنا، ثم واعدناه إليه بعد إغراق آل فرعون، ورحمنا بنى إسرائيل بإنزال الكتاب عليهم) (تفسير المراغي 16/ 61)، وقد قيل:(وعد موسى بعد إغراق فرعون أن يأتي جانب الطور الأيمن فيؤتيه التوراة، فالوعد كان لموسى ولكن خوطبوا به لأن الوعد كان لأجلهم) (تفسير القرطبي 11/ 230). وقد سبق الحديث عن تفسيره.
محمود عدلي الشريف