الثلاثاء 21 مايو 2024 م - 13 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

نقطة حبر : حراك عقاري ولكن

نقطة حبر : حراك عقاري ولكن
الثلاثاء - 30 أبريل 2024 05:56 م

مصطفى المعمري

30

شهدت فعاليات مؤتمر التطوير العقاري الثالث، وأسبوع التصميم والبناء في نسخته التاسعة عشرة الإعلان عن مجموعة من مشاريع التطوير العقاري فتم التوقيع على 6 اتفاقيات ضمن «مشروع المخططات والأحياء السكنية المتكاملة» والتي تبلغ تكلفتها 333 مليون ريال عماني، واتفاقيات «إسناد المخططات السكنية المتكاملة» في الرستاق، ونزوى، والمضيبي، بجانب طرح 7 مواقع استثمارية للمزايدة إلكترونيا عبر منصة «تطوير».

كل هذه المشاريع العقارية، وما سيعقبها من مشروعات تضاف لمجموعة المشاريع التي كشفت عنها وزارة الإسكان والتخطيط العمراني ولعل أبرزها مشروع مدينة السلطان هيثم الذي يعد أيقونة المشاريع العقارية التي ستنفذها سلطنة عمان، هو ما يوجد حراكا وطلبا عقاريا، ويوفر معروضا إضافيا من الخيارات الإسكانية والبدائل المتنوعة للجميع ، من منطلق يقوم على استيعاب الطلب المتزايد على قطاع الإسكان في مختلف محافظات سلطنة عمان.

ومع كل هذا الحراك النوعي سواء مع ما تم الإعلان عنه أو تلك المشاريع المرتقبة إلا أنه من الأهمية أيضا دراسة واقع السوق العقاري، وحاجته من مشاريع التطوير، فالمعروض من الوحدات السكنية في سوق العقار كما يعلم الجميع كبير، وهناك تراجع في معدلات الطلب وهو ما يمثل أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها السوق منذ فترة، خاصة إذا ما تحدثنا عن محافظة مسقط، حيث تشير الأرقام المتداولة عن وجود الآلاف من الوحدات التي تبحث عن مستأجرين أو مشترين، وهو ما حدا ببعض ملاك هذه العقارات على بيعها وتصريفها في محاولة لإنقاذ أنفسهم من المطالبات المالية.

القطاع العقاري يمثل واحدا من المرتكزات الاقتصادية الرئيسية التي تستهدفها الدولة ضمن رؤية عمان 2040 ومنها توفير السكن الآمن والمناسب لكل أبناء الوطن والمقيمين، وهو ما تعمل عليه وزارة الإسكان والتخطيط العمراني منذ سنوات لكن من المهم في المقابل أن يصاحب ذلك تحقيق التوازن بين العرض والطلب، والمحافظة على استقرار أسعار السوق، وتعزيز القيمة التنافسية للقطاع، والعائد الاقتصادي المنشود على المؤسسة الحكومية، والخاصة، والمستثمر، هذه وغيرها من العوامل تستدعى مراجعة حركة السوق، واحتياجات المرحلة من المشاريع العقارية النوعية وحاجة القوى البشرية بها.

الجانب الآخر فيما يتعلق بمشاريع التطوير العقاري يتمثل في أهمية تقديم مشاريع إسكانية تمتلك المواصفات والإمكانيات المتطورة والحديثة التي ترتقي بالقطاع وتمكنه ليكون بيئة استثمارية جاذبة ومحفزة، فما يحدث حاليا أن أغلب المشاريع العقارية، ومنها مشاريع التطوير العقاري تفتقد للمواصفات الحديثة، هي في أغلبها عبارة عن قوالب خرسانية في مساحات ضيقة لا تخدم القطاع ولا تواكب المرحلة واغلبها بلا هوية، وبالتالي فمن المهم إلزام الشركات المتطورة والمستثمرين بشروط من شأنها تغيير تلك الصورة النمطية التقليدية في مشاريع التطوير العقاري، وفي مقدمتها مراعاة هذه المشاريع للخصوصية العمانية في المسكن، والمساحة، والخدمة، والموقع.

كما أن دراسة أسباب ارتفاع أسعار هذه الوحدات بنسب يراها البعض أنها مبالغ فيها ولا تحقق الأهداف الرئيسية وفي مقدمتها تلبية تطلعات المواطنين واحتياجاتهم يجب أن تكون أولوية في مشاريع التطوير العقاري. كما أن توفير تسهيلات إقراضية وتمويلية مرنة سواء عن طريق بنك الإسكان والبنوك والمؤسسات التمويلية الأخرى، أو بالنسبة لشركات التطوير التي يمكن هي الأخرى أن توجد خيارات دفع سهلة ومرنة، هو جانب ربما سيعزز من حراك القطاع ويرفع من مستوى الطلب، ويسهل على الكثير من أبناء الوطن الباحثين عن الاستقرار، ويحفز الاستثمار في القطاع العقاري، ويفتح مجالات أكبر لمشاريع التملك العقاري بالنسبة للأجانب، هي عناصر رئيسية يجب دعمها ودراستها وتسريعها، إذا ما أردنا بالفعل أن نحقق الأهداف الوطنية، والاستدامة المنشودة من هذه المشاريع الوطنية الواعدة.

وقد يتساءل الكثيرون اليوم عن أسباب انتظار الآلاف من المواطنين لطلباتهم من بنك الإسكان، التي ما زال البت فيها يستغرق سنوات، رغم جهود الحكومة في تعزيز الموارد المالية للبنك، والتأكيد على ضرورة تسريع عمليات التمويل، بنسب فائدة مخفضة، وأقساط مرنة، كما أنه من المهم أيضا دراسة أسعار الوحدات السكنية في مشاريع التطوير العقاري، والعمل على توفير بدائل وخيارات تتناسب مع دخل الفرد وقدراته واحتياجاته من المسكن ، كل ذلك وغيره من العوامل التكاملية بين القطاعات الاقتصادية والسكانية والعمرانية يجب أن يأخذ في الاعتبار عند التخطيط لهكذا مشاريع عقارية.

مصطفى المعمري

 كاتب عماني