الثلاثاء 21 مايو 2024 م - 13 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

أوراق الخريف : سقط القناع فـي البيت العالمي

أوراق الخريف : سقط القناع فـي البيت العالمي
الثلاثاء - 30 أبريل 2024 05:04 م

د. أحمد بن سالم باتميرا

60

لقد سقطَ القناع الثاني، في بيت العدالة والقانون، في مقرِّ الأُمم المُتَّحدة بنيويورك، عندما أفشلت الولايات المُتَّحدة الأميركية قرارًا أمميًّا بمنح دَولة فلسطين العضوية الكاملة في الأُمم المُتَّحدة باستخدامها حقَّ النقض (الفيتو) بعد أن قطعت فلسطين شوطًا طويلًا ومؤلمًا في هذا الاتجاه بحصولها على صفة دَولة مراقب لدى الأُمم المُتَّحدة منذ عام 2012 وليست عضوًا في المنظَّمة الدولية. أميركا كشفت عن وجهها الحقيقي، وهي التي تنادي دومًا أنَّها مع السلام ومع دعم حلِّ الدولتيْنِ ـ فلسطين وإسرائيل ـ، وأكدت للعالم أنَّها مع الدَّولة اليهودية في السرَّاء والضرَّاء، ولِتكشفَ تناقضاتها السياسية الكاذبة التي كانت تدعو بها في المؤتمرات والزيارات والندوات شرقًا وغربًا، حقًّا إنَّه يوم حزين للعدالة، وانتكاسة لجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم. لقد حان الوقت للدوَل المُحبَّة للسَّلام أن تتحركَ ككتلة واحدة مع الصين وروسيا لِتَحقيقِ وتثبيت عضوية فلسطين في الأُمم المُتَّحدة، وإنشاء تكتُّل عالمي أُممي جديد وقوَّة سلام مختلفة، وليس الاعتماد على أصحاب الوجهين والنفاق الذين ليس لديهم في قاموسهم السياسي والديني سلام ولا عدالة ولا إنسانية. فمجلس الأمن أيضًا يكرِّر فشله في اعتماد مشروع قرار إنساني، وعجزه عن الاضطلاع بمسؤولياته ودَوْره في إطار حفظ السِّلم والأمن الدوليين، لا سيما بعد سقوط القناع الأول في ظلِّ الحرب الغاشمة على قِطاع غزَّة، التي أدَّت إلى أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم في القرن الحادي والعشرين. لذا علينا بعد أن سقط القناع الثاني، التحرك نحو تصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشَّعب الفلسطيني منذ أكثر من (75) عامًا، فلا كامب ديفيد ولا وادي عربة، سينقذنا من المُخطَّط اليهودي الأميركي الغربي، ولن يُعيدَ لنا فلسطين كاملة، وحرب الإبادة الإسرائيلية ضدَّ شَعبنا في فلسطين عامَّة هي تطهير وإلغاء لكيانها الوجودي نهائيًّا بما فيها القدس ودفع المنطقة إلى شفا الهاوية بدعم ورعاية من الولايات المُتَّحدة الأميركية. دَولة تعلن للملأ أنَّها مع عملية السَّلام وقيام الدولتيْنِ، وفي الجانب الآخر تستخدم الفيتو العدواني المتناقض وترسل يوميًّا كُلَّ أنواع الأسلحة المُحرَّمة وغيرها لِقَتلِ الأطفال الأبرياء والنِّساء وتمنع المؤسسة الدولية من تنفيذ قوانينها لِتَحقيقِ السَّلام والأمن والاستقرار في المنطقة العالم. فلا تطبيق لقرارات الشرعية الدولية، ولا إنهاء للاحتلال الإسرائيلي لأرض دَولة فلسطين والاعتراف بها نهائيًّا، وتقرير المصير وإقامة دَولته المستقلَّة بعاصمتها القدس الشرقية، فهذا لن يتحققَ إلَّا بوحدتنا واستخدام أدواتنا وأسلحتنا الاقتصادية والمالية وتغيير سياستنا مع أميركا وغيرها من الدول التي تدعم هذه السياسة العنترية والغطرسة الإسرائيلية. فشكرًا للدوَل التي صوَّتت لِصَالحِ حصول دَولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأُمم المُتَّحدة؛ لأنَّ الاعتراف بفلسطين مع إسرائيل سيُسهم في حلِّ هذه القضية الطويلة، ولكن الله أراد لنا أن نعرفَ كذب ونفاق السياسة الأميركية، ولأكثر من أربعين سنة ونحن نسمع عن التزام واشنطن بحلِّ الدولتيْنِ، تلك التبريرات الكاذبة كلّ هذه المدَّة، واليوم انكشف المستور بأنَّ الفلسطينيِّين لا يستحقون أن تكُونَ لهم دَولة خاصَّة بهم! وشكرًا لوطني سلطنة عُمان وللدوَل العربية وغيرها التي جدَّدت موقفها الثابت والدَّاعم لِلحُقوقِ المشروعة للشَّعب الفلسطيني الشقيق، وفي مقدِّمتها حقُّه في إقامة دَولته المستقلَّة وعاصمتها القدس الشرقية. إنَّ استخدام الولايات المُتَّحدة الأميركية حق «الفيتو» خطوة لِلوَراءِ في جهود تحقيق السَّلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، والمُجتمع الدولي مطالب بشكلٍ حازم وفوري لِضَمانِ الاعتراف بدَولة فلسطين، وتمكين الشَّعب الفلسطيني من حقوقه الأساسية والمشروعة. فالتواطؤ الأميركي لن يمرَّ مرور الكرام مع القادة الشرفاء والدوَل الحُرة، لِتَصحيحِ الخطأ التاريخي، والمصداقية سقطت سياسيًّا وأخلاقيًّا لِدَولةٍ عظمى كانت تدَّعي أنَّها تُناصر حقَّ الشعوب في تقرير المصير. فليفهم الجميع هذه الحقيقة.. فالقناع الأول سقط بعد السابع من أكتوبر والموقف من حرب غزَّة واليوم يتكرر السقوط المتتالي، ممَّا يؤكد أنَّ الخطَّة الأميركية الصهيونية تُنفَّذ تدريجيًّا لِتَحقيقِ الأهداف الكيسنجرية.. والتي ستسقط بإذن الله تعالى على أيدي الثورة الطلابية للجامعات الأميركية والغربية. فهذا التطوُّر والحراك العالمي والمتضامن مع القضية الفلسطينية وعزل «إسرائيل» تدريجيًّا رغم مناصرة البعض، يخلُّ بكُلِّ ما كان تدَّعيه الدوَل المسانِدة لها من المطالبة بالسَّلام وحقوق الإنسان.. فالشعوب الحُرة والثورات والحركات الطلابية معنا وتأثيرها يتعاظم ويزداد قوَّة لِنُصرةِ الحقِّ وليس زيارات ولقاءات بلينكن وحاشيته.. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا