الاثنين 13 مايو 2024 م - 5 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : انتفاضة الجامعات ودعم الصهاينة

الاحد - 28 أبريل 2024 06:41 م

رأي الوطن

40

أظهر القمع الذي ترتكبه الحكومة الفيدرالية الأميركية ضدَّ المحتجِّين السِّلميين من طلاب الجامعات الأميركية الكبرى أكذوبة الديمقراطية الكبرى التي رسمتها الدعاية الأميركية على مدار عقود طويلة، والتي كانت العامل المرجِّح في الانتصار الأميركي في الحرب الباردة والذي أدَّى لإسقاط سور برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي، والتي استخدمتها واشنطن بعد ذلك كذريعة للعقوبات ضدَّ الدول التي رفضت الهيمنة الأميركية، كما أنَّها كانت العنوان العريض الذي اتخذته ذريعة لاحتلال دوَل وتدمير مقدَّراتها، وسرقة مواردها. فالديمقراطية والحُرية، وضمان حُرية التعبير كانت هي حصان طروادة الذي اعتمدت عليه السياسة الخارجية الأميركية في السيطرة المُطْلقة طوال العقود الخمسة الماضية، وكانت تهمة الديكتاتورية نصيب أيِّ دَولة تتجرأ، وتسير خارج السرب الأميركي الغربي.

ولعلَّ الجديد في الموقف الأميركي في العدوان على غزَّة هو أنَّها لم تكتفِ بما تمارسه من دعمٍ ومسانَدةٍ لِلكيان الصهيوني وحكومته الإرهابية برئاسة المُجرِم نتنياهو، والتي وصلت حدَّ المشاركة المباشرة فيما يرتكب من إبادة وتطهير عِرقي ضدَّ أبناء فلسطين العُزَّل، خصوصًا في قِطاع غزَّة الذي حوَّلته القنابل الأميركية والقذائف المُحرَّمة دوليًّا إلى ركامٍ قد لا يصلح لِلحياةِ في المستقبل القريب، وذلك بشهادة العديد من المنظَّمات الإغاثية والإنسانية العاملة في غزَّة المنكوبة، كما لم تكتفِ واشنطن بما تمارسه من حماية مفضوحة، ساعدت الصهاينة على الإفلات من المحاسبة الدولية على ما ارتكبوه من جرائم ستظلُّ وصمةَ عارٍ في السجلِّ الأميركي والتاريخ الإنساني على وَجْه العموم، فالمنصف يدرك أنَّ واشنطن تخلَّت بوضوح عن مزاعم حلِّ الدولتيْنِ، التي كانت تتوارى خلْفَها لِتُداري التحيُّز المستمرَّ مع كيان الاحتلال، وسياساتها العنصرية. أمَّا الأجدُّ في سلسلة المواقف الأميركية المُخزية التي اتَّخذتها إدارة بايدن، فإنَّها للمرَّة الأولى في تاريخها تقوم بممارسة القمع داخل حدودها، وأن يتفوَّقَ دعم الكيان الصهيوني عمَّا تشدَّقت به واشنطن دائمًا من حُريَّات مُتعدِّدة، على رأسها حُرية التعبير. فسياسة تكميم الأفواه في الداخل لم تكنْ مطروحةً منذ بداية أميركا، لكن لأجْلِ عيون كيان الاحتلال الإرهابي ومتطرفيه، تمارس الحكومة الأميركية أشدَّ طُرق القمع وإسكات الحُريات ضدَّ طلبة الجامعات الأميركية، الذين لم يرتكبوا أيَّ جريمة سوى الإعلان عن رفضهم لِمَا يرتكبه كيان الاحتلال الصهيوني من جرائم ضدَّ الإنسانية، والاحتجاج على ما تمارسه حكومتهم من مسانَدةٍ للكيان الغاصب المُجرِم. فالاحتجاجات المؤيِّدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية الكبرى لِلتَّنديدِ بالقصف الإسرائيلي لِغزَّة والمطالبة بسحبِ الأموال من الكيانات المرتبطة بكيان الاحتلال، لم ترتكب أيَّ جريمةٍ تستحقُّ اعتقال الشُّرطة الأميركية لِمئاتِ المتظاهرين في كبرى الجامعات الأميركية. لقد أسقط العدوان على غزَّة كافَّة الأقنعة الأميركية، وأحرقَ ورقة التوت التي كانت تُداري المزاعم الأميركية برعاية السَّلام على أساس حلِّ الدولتَيْنِ. فأميركا وجَّهت وجهها القبيح هذه المرَّة ـ الذي عرفناه في حروبها حَوْلَ العالم ـ إلى الداخل الأميركي، وباتَ النِّظام الأميركي الذي شاخت أركانه، في مواجهة الشَّباب الأميركي الذين تُشكِّل أحلامهم العاملة مستقبلًا للشَّعب الأميركي.