الاثنين 13 مايو 2024 م - 5 ذو القعدة 1445 هـ
أخبار عاجلة

أصداف : الأول من مايو 2003

أصداف : الأول من مايو 2003
الاحد - 28 أبريل 2024 05:07 م

وليد الزبيدي

10

لا أعرف فيما إذا يحصل «توبيخ» سرِّي أو علني للرئيس الأميركي، لكنَّ ما هو مؤكد أنَّ الرئيس جورج بوش الابن قد تعرَّض لهذا النَّوع من التوبيخ أو الانتقاد على خلفيَّة خِطابه الشهير في الأول من مايو العام 2003.

في ذلك الخِطاب الذي ألقاه بوش من على ظهر البارجة الأميركية الشهيرة «ابراهام لنكولن» أعلن عن «النصر الكبير» الذي تحقق في حرب العراق، وكان قد مضى على احتلال العراق ثلاثة أسابيع فقط، وظهر الرئيس وهو يتحدث بثقة مُطْلقة عن «النصر» المُطْلق، وكانت التقارير تصله تباعًا من الميدان عن تمركز القوات الأميركية في القصور الرئاسية وفي مقرَّات الجيش والقواعد التابعة للقوَّة الجوِّية العراقية وأماكن أخرى من بينها دوائر ومؤسسات حكومية، معتقدًا أنَّ قوَّاتهم ستتمكن من بسط الأمن في بلد أنهكه الحصار القاسي وبنيته دمَّرتها الصواريخ والقصف بدءًا من مطلع العام 1991 والسنوات العجاف اللاحقة، وصولًا إلى القصف التدميري في حرب العام 2003.

وقَبل ذلك تمَّت تعبئة عقول وأدمغة قادة البيت الأبيض بمعلومات تؤكد أنَّ العراقيين سيستقبلون الأميركيين والبريطانيين وقوَّات الاحتلال الأخرى بالزهور والهتافات، وهذا الكلام ما ردَّده بصورة يومية أشخاص يجلسون في عواصم عربية، وأفردت بعض الفضائيات ساعات طويلة يومية لِتَرديدِ هذه المعزوفة المشروخة، وفي داخل البيت الأبيض واصلت مجاميع «عراقية» وأخرى من «المحافظين الجُدد» العزف على هذا الوتر الذي يبدو لهم الأقرب للواقع. فإذا ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية قد سجَّل شَعبها أعلى حالات الانكسار والخنوع (ولم يظهروا أيَّة مقاومة تُذكر) فهل سيُوجِّه عراقي واحد سلاحه ضدَّ أقوى جيش في العالم، هذه المعلومات وغيرها تمَّ بثُّها وتداولها على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأميركية والدولية والعربية.

وبينما كان بوش مؤمنًا بأنَّ ما أسماها في خِطابه «الجيوب القتالية» سوف تتلاشى بسرعة البرق، كانت هذه ثقته المُطْلقة، في حين كان النشاط مختلفًا جدًّا، إذ يزداد العمل في تشكيل نواة لفصائل ويلتحق بها المزيد من المقاومين لتفاجئ الأميركيين وغيرهم بمقاومة شرسة وعنيدة، ولم يتأثر المقاومون والمؤسسون للمقاومة لا بخِطاب بوش ولا بطروحات الإعلام العربي التي تسعى لِلتَخويفِ والتَّثبيطِ وعلى أوسع نطاق.

لقد بنى بوش وإدارة البيت الأبيض فرضياتهم على نقاط تشير جميعها إلى أنَّ احتمالية ظهور مقاومة مسلَّحة في العراق أمر مستحيل، في حين شرع المقاومون في تجهيز أنْفُسهم للقتالِ وأهمِّ خطوة بدأوا بها، أنَّهم لم ينتظروا التنظير والخطط والاستراتيجيات، وكانت البداية تستند إلى (باشروا بقتل المحتلين فورًا) وواصلوا التأسيس والتوسع، وهذا ما حصل فعلًا.

وليد الزبيدي

كاتب عراقي