السبت 04 مايو 2024 م - 25 شوال 1445 هـ

رأي الوطن : «الفيتو» الذي أسقط ورقة التوت الأميركية

السبت - 20 أبريل 2024 07:14 م

رأي الوطن

70


كانت الولايات المتحدة الأميركية ولا تزال تسوِّق نَفْسَها راعيةً لعملية السَّلام في الشرق الأوسط، بشكلٍ قائم بوضوح على «حلِّ الدولتين»، وهو ما يعني اعترافها الكامل بحقِّ الفلسطينيين الموثَّق بكافَّة القرارات الدولية السابقة في إقامة دولتهم الخاصة ذات السيادة على كافَّة الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، إلَّا أنَّ هذا الزعم الأميركي يصطدم الآن مع الانحياز المُطْلق للكيان الصهيوني وحكومته الإرهابية، ليس فيما يرتكب من جرائم وحرب إبادة جماعية في قِطاع غزَّة وباقي الأراضي الفلسطينية فحسب، عَبْرَ تقديم الدَّعم غير المحدود وتوفير الحماية الدولية التي جعلت كيان الاحتلال الصهيوني كيانًا فوق القانون الدولي، لِيأتيَ (الفيتو) الأميركي الأخير الذي رفضت من خلاله واشنطن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومنحها العضوية الكاملة في الأُمم المتحدة. إنَّ هذا الموقف الأميركي المتخاذل والانفصامي عن دَوْرها كراعيةٍ للسَّلام، تحمل شعار «حلِّ الدولتين»، وسعيها الواضح إلى إعاقة مجلس الأمن الدولي عن تحمُّل مسؤوليته التاريخية في دعم حقوق الشَّعب الفلسطيني المشروعة، والتي طال انتظارها، والذي يرتكن على قائمة طويلة من القرارات والقوانين الدولية التي تدعم هذا الحقَّ المتأصِّل، ينسف هذا الموقف الأميركي كل ما حاولت أميركا ترويجه عن السَّلام والخطط والمشروعات المشبوهة التي ساقتها من قبل ولا تزال، وينسف مصداقيتها الكاملة. فكيف بكيان دخيل جمع مواطنيه من شتات الأرض يعترف العالم به، ويظل صاحب الأرض غير قادر على تقديم طلب ـ ولو بسيطًا ـ يتعرض فيه ما يتعرض له من إرهاب وعبث صهيوني؟ ولا يمكن القول أمام هذا (الفيتو) الأميركي إلَّا أنَّه يُمثِّل وصْمة عارٍ أخرى تضاف إلى سجلِّها الحافل في ضرب وتقويض أُسُس العمل الدولي الجماعي، وانحيازها الأعمى لِصَالحِ الاحتلال الصهيوني، ودليل على تعاملها الانتقائي مع تنفيذ قرارات مجلس الأمن، التي تؤكِّد جميعها ضرورة تلبية الحقوق المشروعة للشَّعب الفلسطيني.

ولعلَّ (الفيتو) الأميركي الأخير العبثي يُنهي أسطورة رعاية السَّلام الأميركية، فالموقف الأخير يشير بوضوح إلى أنَّ واشنطن لم ولن تعترفَ بدَولة فلسطينية، وأنَّ إعلانها السَّابق عن تبنِّي «حلِّ الدولتين» ما هو إلَّا ألاعيب صهيوـأميركية، كانت تسعى من ورائه إلى استهلاك الوقت اللازم، لِتَحقيقِ كيان الاحتلال الصهيوني خططه الخبيثة، لِسرقَةِ ما تبقَّى من الأراضي الفلسطينية. فقد أظهر (الفيتو) الأخير أنَّ «أوسلو» وأخواتها ما كانت إلَّا وسيلةً لِكَسْبِ المزيد من الوقت؛ لِتَحقيقِ المشروع الصهيوني الاستعماري الاحتلالي، لذا فمن العبث أنْ يستمرَّ هذا المسلسل، وأنْ يظلَّ بعض بني جلدتنا متمسِّكين بشعارات السَّلام الجوفاء، ورعاية واشنطن لها، فالعدوان على غزَّة وما تلاه، وما قدَّمته أميركا خلاله من دعم ومساندة لِكَيانِ الاحتلال، أسقط ورقة التُّوت وكشفَ العورة الأميركية.

ويبقى الرِّهان الأكبر على عاتق المجموعة العربية والإسلامية والمُجتمع الدولي، فأوَّلًا قَبل تحرير فلسطين وإعلان دَولتها المُستقلَّة، يجِبُ تحرير المنظَّمات الأُممية، خصوصًا مجلس الأمن من الهيمنة الأميركية، فقاعدة (الفيتو) التي اتُّخذت بعد حرب عالمية دامية، لم تستطع توفير السَّلام المنشود ولا حقْنَ الدماء طوال عقود طويلة، لذا يجب العمل على تغيير هذا العبَث الذي جعل من واشنطن وحليفتها دَولتين فوق القانون الدولي، لا يُمكِن محاسبتهما على ما ارتكبتا من جرائم، وعلى المُجتمع الدولي تحمُّل مسؤولياته القانونية والتاريخية من أجْلِ تحقيق حلٍّ عادل ودائم للقضية الفلسطينية وإلى بذل أقصى الجهود لحماية الشَّعب الفلسطيني والمحافظة على مقدِّراته ومكتسباته وحقوقه المشروعة في إقامة دَولته المُستقلَّة.