السبت 04 مايو 2024 م - 25 شوال 1445 هـ

«إسرائيل» وترجيح احتمالات الانتخابات المبكرة

«إسرائيل» وترجيح احتمالات الانتخابات المبكرة
السبت - 20 أبريل 2024 05:13 م

علي بدوان

30


ليست التظاهرات والتفاعلات الجارية منذ فترة ليست بالقصيرة في «إسرائيل» وليدة اللحظة، فهي ما فتئت تتوسع منذ نهايات العام 2023 المنصرم، مع فشل حكومة نتنياهو و(كابينيت الحرب والطوارئ) من إنجاز تحوّل ملموس في سياق العدوان الهمجي على قِطاع غزَّة، ومقتل المزيد من العسكريين «الإسرائيليين» الموجودين بقبضة قوى المقاومة الفلسطينية، وعجز قوات الاحتلال من الوصول إليهم وإطلاقهم. فأندلعت التظاهرات وما رافقها ويرافقها من تفاعلات حتى الآن، وما زالت تتواصل، وقد باتت تَرفَع شعاراتٍ جديدة تتعدَّى مسألة إبرام صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية، باتجاه المطالبة بعناوين مُستجدَّة بعد الصمود الكبير للشَّعب الفلسطيني، وفشل نتنياهو في دفع الفلسطينيين لرفع الرايات البيضاء.

موجات الغضب تتصاعد في «إسرائيل» على نتنياهو، وقد لوحظ الأمر واضحًا في مظاهرات الأيام الأخيرة من شهر آذار/مارس 2024 المنصرم، وبدايات شهر إبريل ـ نيسان 2024، وقد انتقلت تلك المطالب لتزاوجَ بين عدَّة أغراض وأهداف معلنة من قِبل المتظاهرين: تحميل نتنياهو فشل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى. ومعارضة تشريع إعفاء الحريديين من التجنيد من قبل الأحزاب الحريدية (شاس ويهوديت هتوراة), وصولًا للمطالبة برحيل نتنياهو عن المشهد السياسي «الإسرائيلي»، والعودة لإجراء انتخابات تشريعية مُبكِّرة للكنيست (وهذا ديدن الأمر الآن في إسرائيل). والمُضحك أنَّ الصحافة العبرية كتبت يوم الاثنين الأول من نيسان/إبريل 2024 الجاري، أنَّ الجمهور «الإسرائيلي» عندما سَمِعَ أنَّ نتنياهو سيخضع لعملية جراحية لمعالجة (فتاق)، رفض تصديق ذلك. وقال بعض المتظاهرون في تل أبيب إنَّ «الأمر خدعة. وقد أُختلق هذا الأمر من أجل إسكاتنا. وهذا ليس فتاقًا. إنَّه مُصاب بمرض آخر وأسوأ بكثير. جميعهم يكذبون». إذًا، مظاهرات تل أبيب، القدس، وانتقالها من المطالبة بتوقيع صفقة بشأن الأسرى، إلى مطالبتها برحيل نتنياهو والعودة للانتخابات المُبكّرة أضحت هي العنوان في الشارع، وعند صفوف قِطاعات متزايدة من «الأنتلجنسيا الإسرائيلية». وكلُّها لها تفاصيل، وحيثيات، ومعانٍ، ودلالات، مضافًا إليها استخدام نتنياهو ورقة التلويح بالهجوم على رفح، بعد الفظائع التي ارتكبها جيش الاحتلال في مجمَّع الشفاء الطبي وما حوله. في واقع الحال، مع اندلاع العدوان على قِطاع غزَّة، كان «الإجماع الإسرائيليّ» ينطلق من أنَّ «الحرب هي حالة طوارئ استثنائيّة تُحيَّد فيها السياسة، وأنَّ الوحدة هي حاجة وطنيَّة في سبيل الانتصار في الحرب، وأنَّ الخلافات السياسيَّة يجب أن تبقى جانبًا حتّى انتهاء المعارك».

لذا، في بداية الحرب تم التوافق على تشكيل مجلس مُصغّر عنوانه «كابينيت الطوارى والحرب»، وقد ضمَّ من المعارضة بيني جانتس، من أجْلِ خوض الحرب بجبهة داخليّة موحَّدة، لكنَّه أصبح الآن يدعو لانتخابات مُبكّرة. وهو ما دفع نتنياهو لإعلاء صوته ضدَّ فكرة الانتخابات، مُعتبرًا أنَّ «المطالَبة بإجراء انتخابات في إسرائيل تخدم أعداء إسرائيل»، وصرَّح أنَّه «لن تكون هنالك انتخابات قبل إبريلـ نيسان عام 2025». ويؤكِّد هذا التصريح أنَّ نتنياهو لن يتوجَّهَ إلى انتخابات حتَّى بعد انتهاء الحرب. لذا، يتمسَّك بحكومته الحاليَّة، ويرفض الاستقالة، وهذا ما يفسِّر حرصه على إطالة العدوان، أو تحقيق «انتصار ساحق» (على حدِّ تعبيره) من أجْلِ أن يستعيدَ شَعبيَّته، أو أن يعطيَه الانتصار شرعيَّة لخوض الانتخابات.

علي بدوان

كاتب فلسطيني

عضو اتحاد الكتاب العرب

دمشق ـ اليرموك