الأربعاء 01 مايو 2024 م - 22 شوال 1445 هـ
أخبار عاجلة

.. وماذا بعد المدرسة الرمضانية؟ «1»

الأربعاء - 17 أبريل 2024 06:32 م
30

الحمد والشكر على نعمائه العظيمة التي لا تُعدُّ ولا تُحصى.. بالأمس عشنا أعظم المواسم عند الله، إنه شهر رمضان المبارك.. سيد الشهور وشهر الخيرات والبركات والنفحات، فكان ميدان تنافس بين الصالحين خلال أيامه التي مرّت سريعًا، وها نحن والحمد والشكر لله في صحة وعافية يا لها من نعمة عظيمة إن بلغنا إتمام الشهر.. وها نحن الآن نعيش نسمات شهر شوال.

لقد زرع شهر رمضان في نفوسنا أعمالًا صالحة.. طهّر نفوسنا من الحقد والبغضاء والحسد والكراهية، وأيقظنا من سبات وكسل وخمول إلى المسارعة والاجتهاد في الطاعات وإصلاح قلوبنا إلى حب الله وحب الرسول وحب الفقراء والمساكين والإحساس بأحوال ومعاناة هؤلاء الفقراء الصابرين في حياتهم على حالهم، ومن استفاد من هذه المدرسة الرمضانية على إصلاح نفسه وتربيتها على مختلف أصناف العبادات والطاعات والبعد عن المعاصي والذنوب فإنّ حاله بعد رمضان خير له من حاله قبله، ومن علامات قبول الحسنة بعدها ومن علامات البطلان العمل ورده.

إن من عاش مع الطاعة طوال شهر رمضان وذاق حلاوة وطعم الطاعة لا يمل ولا يتضايق من حقيقة لذة الطاعة قال تعالى:(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ((النحل ـ 97)، وإن الصلة مع الله والتوكل على الله في سائر الاعمال حياة عظيمة طيبة هي أعظم سعادة وراحة بال في مناجاة رب الأرض والسماوات والقيام بما فرضه الله علينا، فمع الحياة الطيبة مع الله أُنس وحب في الله لا يرجى منها كسب مادي ولا منصب ولا جاه ولا شئ

من أعراض الدنيا الزائلة وإنما حب وشوقا وارتباط بالله ـ جلًّ شانه، قال تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ((آل عمران ـ 102).

لقد عشنا مع أيام وليالي رمضان المباركة فكنا نتسابق على كل الأعمال الصالحة التي تقربنا إلى المولى ـ جلّت قدرته ـ فعلينا أن ننهج على هذا المنوال طوال حياتنا في الدنيا، ومما أضرَّ على المسلم الفتور والتقصير والإعراض بعد رمضان، ويا لها من خسارة عظيمة بعد جهد مبارك عظيم في مختلف أصناف الطاعات والعبادات، وإن الإعراض عن الطاعة بعد رمضان وهجران بيوت الله المساجد من أعظم التقصير في حق الله، فبعد أن كنا لا نفارق القرآن الكريم طوال الشهر تركنا أعظم كتاب القرآن وهجرانه وقصرنا في أداء الفرائض في المسجد وحضور حلقات العلم عظيم الخسران، وبعد أن عشنا معها نفحات إيمانية فكانت النفس تعيش في اطمئنان وراحة وسعادة ما بعدها سعادة فهذا التقصير والإعراض عن البيئة الإيمانية ومفارقة حلقات العلم من قساوة القلوب.

إن الذين جاهدوا وشمروا عن سواعدهم وكانوا يفعلون كل أعمال الخير في الشهر الفضيل وبعد ما ودعنا رمضان عادوا على حالهم عما كانوا عليه قبل رمضان من الذنوب والمعاصي، فهم كمن يجاهد نفسه طوال شهر مبارك ثم ينقض عهده في آخره، وكأنهم يتعبدون في شهر رمضان فقط، ولا يدرون أن رمضان يأتي في العام شهر فقط وتنقضي أيامه.

ومن هنا علينا أن نتوقف ونحاسب أنفسنا بعد شهر رمضان، وعلينا الاستمرار عما كنا فيه من الطاعات وغيرها من القربات، ونبقى على موسم نفحات شهر رمضان الذي يبقى مع صاحبه أثرّا عظيمًا وكبيرًا ويقربه إلى خالقه فيعيش أكثر حبًّا لربه وشوقًا إلى جنته، فالمؤمن الحق لابد أن يبقى على هذه الثوابت والعزائم دائما حتى يلقى الله تعالى.

إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري

 كاتب عماني