الأربعاء 01 مايو 2024 م - 22 شوال 1445 هـ
أخبار عاجلة

نقطة حبر : «المطير».. دروس مستفادة

نقطة حبر : «المطير».. دروس مستفادة
الأربعاء - 17 أبريل 2024 05:49 م

مصطفى المعمري

70

لم يكن منخفض «المطير» الذي تعرضت له سلطنة عمان خلال الثلاثة الأيام الماضية هو الأول ولن يكون الأخير في ضوء الكثير من المعطيات والمؤشرات التي يتحدث عنها خبراء وعلماء الطقس، وهو أن سلطنة عمان وبسبب العديد من التحولات المناخية ستكون عرضة للمنخفضات والأعاصير خلال السنوات القادمة.

هي توقعات بدت اليوم أكثر واقعية من ذي قبل، فما شهدته سلطنة عمان خلال السنوات القليلة الماضية يضعنا أمام مسؤوليات تستلزم أن نكون على أهبة الاستعداد للتعامل مع هكذا أنواء مناخية استثنائية، وهو ما يتطلب أكثر جاهزية وقدرة لإمكانية التعامل مع هذه الحالات، والبناء على الجهود والنتائج والنجاحات التي حققتها مؤسسات الدولة في التعامل مع هذه الأنواء، والتي ولله الحمد أثبتت قدرة عالية في تجنيبنا للكثير من الخسائر المادية والبشرية بقدر المستطاع.

إن الدروس المستفادة من تجربة المنخفضات والأعاصير التي تعرضت لها سلطنة عمان بدءا من جونو، وفيت، وشاهين، وموكو وغيرها من الأنواء التي تعرضت لها سلطنة عمان وتحديدا من العام 2007م، تضعنا أمام خيارات عديدة تتطلب دراسة واقع كل تجربة من تلك التجارب على حدة، والوقوف على التحديات والصعوبات ودراستها، ومعالجة مكامن الخلل والقوة لكل حالة ، وهو ما يمكننا من تحقيق الجاهزية الكاملة لهكذا متغيرات مناخية مؤثرة ومرتقبة. من المهم الوقوف على العديد من المناطق المتأثرة والتي يمكن أن تتأثر مستقبلا خاصة المناطق المنخفضة أو تلك التي تقع على مسارات الأودية أو بالقرب منها، وأهمية إعادة دراسة تلك المناطق والحلول المقترحة التي تجنبها أي تأثيرات قادمة، حتى لو اضطر الأمر نقلها لمناطق آمنة خاصة تلك القرى القديمة التي تقبع في مجري الأودية أو السفوح الجبلية القريبة منها، وهو الحال أيضا بالنسبة للمدارس، والمستشفيات، والطرق والمؤسسات الخدمية المختلفة، هو واقع بات يفرض توجهات ومعدلات جديدة على مجتمعاتنا، يتطلب من الجميع ان يكون واعيا ومدركا لطبيعة هذه التحولات والتأثيرات المناخية وما ينتج عنها من صعوبات وتحديات، مع إيماننا التام بأن الخيارات والبدائل في كثيرة من الأوقات تبقى محدودة ولا نملك القدرة أو الوسيلة للسيطرة عليها.

كلفت معالجة التأثيرات المناخية السابقة الدولة الملايين من الريالات لإعادة تأهيل المناطق المتضررة، ودفعت الدولة بكل جهودها لتعويض المتضررين والمتأثرين، إلى جانب احتواء الكثير من المشاريع المختلفة، وتمكين المؤسسات للقيام بدورها في إعادة البناء والتشييد، وبالتالي فإن المضي قدما في دراسة هذه المخططات القائمة أو المستقبلية، ومراجعة مواقع هذه المناطق، بات يمثل أولوية في برامج الدولة ،وأهمية أن تكون هناك حلول لدراسة واقع تلك المناطق ومعالجتها، وتوفير الحماية المناسبة لها.

واحدة من الجوانب الأخرى هو النهوض بثقافة التعلم عن بعد، وأهمية غرس أساليب التعلم الحديثة في النشء، والدفع والنهوض بها ،وتطويرها بما يحفز الطلبة والمدرسين، ويدفع بهذا التوجه ليكون منهجا معتمدا في المؤسسات التعليمية، كما هو الحال اليوم بالنسبة للجامعات الحكومية والخاصة التي دفعت بموضوع التعليم عن بعد ليصبح خيارا متاحا أمام الطلبة في كل الأوقات، وهنا فمن الأهمية تعظيم حجم الاستفادة من التقنيات الحديثة في مسارات التعليم، خاصة في أوقات التأثيرات المناخية أو غيرها من الأحداث، وهو ما يجنب أبناءنا الضرر لا سمح الله، هي دعوة لوزارة التربية والتعليم انتهاج أساليب تعليمية إلكترونية حديثة وفاعلة وملزمة للطلبة وولي الأمر التقيد بها ،كما أنه من الأهمية تعزيز قدرة المؤسسات المدنية والعسكرية بقدرات وإمكانيات تمكنهم من التعامل مع هذه الحالات، واستثمار القدرات المادية والبشرية في تعزيز الجاهزية التامة للتعامل مع هذه الحالات المناخية وهو أمر يتطلب تعزيز الخبرات والكفاءات الوطنية في كل أجهزة الدولة المعنية.

حفظ الله عمان - شعبا وقيادة - من كل مكروه، ورحم الله جميع من توفي في منخفض المطير وألهم اهلهم وذويهم الصبر والسلوان.

مصطفى المعمري

 كاتب عماني