الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 م - 30 ربيع الأول 1447 هـ
أخبار عاجلة

رسائل : الحياة بعد الزواج

رسائل : الحياة بعد الزواج
الأحد - 07 أبريل 2024 04:23 م

محمد الكندي

90


العلاقة العاطفيَّة والزواج أمْرٌ مُعقَّد وعلاقة خطيرة، وهو يُشكِّل جزءًا من شخصيَّاتِنا ومستقبلِنا وعلاقتِنا بأنْفُسِنا والآخرين.. قَدْ ننتقل من الحزن إلى السَّعادة والعكس.. ومن الفشلِ إلى النَّجاح والعكس.. ولكنَّ أخطرَ شيء أنَّه يُحوِّلنا من أشخاص اجتماعيِّين سُعداء مُحاطِين بالأصدقاء والمعارف.. إلى أشخاص مُنطوِين يَدُور عالَمُهم حَوْلَ شخصٍ واحد فقط وهو الشَّريك.

مدوَّنتنا هذه تتكلَّم عن واقع حياتنا بعد الزواج، وكيف تختفي الصَّداقة ونفقدها شيئًا فشيئًا.. فنخسر جميع أصدقائنا ومعارفنا.. والسَّبب أنَّ الزواج يبتلعُنا حتَّى نذوبَ فيه تمامًا.. وتتلاشى حياتنا الخاصَّة ونخسر كُلَّ مَن نعرفهم من أصدقاء ومعارف... حتَّى أصدقاء الطفولة.. فتذهب أحلى أيَّامنا وسنيننا وننطوي لِحالِنا وكآبتِنا.

أخي العزيز.. عَلَيْك أنْ تنتبهَ.. سواء كُنتَ ذكرًا أو أُنثى!!

إذا كان شريكُك يسيطر عَلَيْك ودائمًا ما يصدر الأوامر الَّتي يرغب في أن تقومَ بتنفيذها ولا غير سواها.. فقَدْ يرجع ذلك إلى شخصيَّتك السلبيَّة والضَّعيفة بعض الشَّيء، وأنَّك لا تُجيد التحدُّث والتَّعبير عمَّا يجُولُ بداخلك بالشَّكل الكافي.. فهو لَمْ يَعْتَدْ أن يسمعَ لَك وأن يتجاوبَ معك.. فيجِبُ عَلَيْك أن تنتبهَ لِذلك..! ولِعِلْمك سيطرته واستبداده وتحكُّمه فِيك لا يعني ممارسته لِلْعُنف ولا تعني العصبيَّة والصَّراخ.. وإنَّما يكُونُ تحكُّمه بأسلوبٍ هادئ لِلغَايةِ.. وبعد ذلك سيَمتلِك زمام الأمور وأنتَ راضٍ عَنْه.. حتَّى تُدركَ لاحقًا الشُّعور بالقهر والظلم.

هذا ما أتكلَّم عَنْه وجود شخص أو شريك حياتك مسيطر في العلاقة الزوجيَّة.. يُشعرك بالبُعد والانسحاب ويُفقدك من أصدقائك ومعارفك وحتَّى من أهْلِك.. فهذا هو هدفه أن يسيطرَ عَلَيْك وتخسرَ أصدقاءك ومُحبِّيك، ويكُونَ هو الآمِرَ والنَّاهي لك. في هذه الحالة لا بُدَّ أن تفرضَ لِشَريكِك مهما كانت أساليبُه البارِعة في السَّيطرة والتحكُّم الاعتراف بِحقوقِك وما تريده.. والتَّأكيد مراًرا على هذه الحقوق.. وهو يجِبُ أن يُدركَ ويتقبَّلَ دَوْرك في الحياة الزوجيَّة. فالصَّراحة لهَا دَوْر مُهِمٌّ وهو يجِبُ أن يعرفَ ذلك. أيَّام وسنين محلاها.. وعِشنا صفا ونجواها.. معقول أنسى وفا من صادني بالمودة من زمان الصبا.. وأخسرها بلحظة.. وأفقد جميع أصدقائي بلحظة.. بسبب شريك حياتي.. هنا يجِبُ أن أقفَ بكُلِّ جموح.. وأقول: لا يا عزيزي أو عزيزتي.. حياتي مُلكي وحدي فقط ليست ملكَ أحَد. إخواني لا تضعوا حياتكم وكُلَّ أحلامكم تحت تصرُّف أُناس آخرين.. أنت المتحكِّم الوحيد بمُجريات حياتك، لا تسمحْ لأحَدٍ بأن يُمليَ عَلَيْك أيَّ شيء أو أيَّ تصرُّف حتَّى من شريكِك.. أنتَ اِختَرْ ما يناسبك وما تراه يتماشى مع أخلاقك ومع قِيَمك ومع مبادئك.. طبعًا هناك حقوق وواجبات تؤدِّيها لِشَريكِك وعائلتِك وأُسرتِك.. أتْمِمْها كُلَّها ولا تقصِّر عَلَيْهم بشيء، ولكن بعد ذلك اُنظُر لِحَياتِك؛ لأنَّ في النِّهاية أنتَ الكاسب أو الخاسر، لا أحَد غيرك... فانْتَبِه..! لأنَّه كيف يُمكِنك أن تقبَلَ أيَّ شخصٍ أن يُعلِّمَك الأخلاق أو أن يُعلِّمَك الطَّريقة لِلعَيشِ القويم.. وتخسرَ أصدقاءك شيئًا فشيئًا.. أنتَ وأنتَ فقط مَن يملِكُ هذا الحقَّ.. كُنْ مَن يملِكُ نَفْسه، فلا شيءَ يستحقُّ الحياة إذا خسرتَ هذا الحقَّ. أيُعقل أخي العزيز أن تعيشَ حياةً أشْبَه بالسِّجن.. سجن وهمي يضعُك داخله.. ويتحكَّم بِك بأحلامِك وأفكارِك وحياتِك وحتَّى نومِك.. يسيطر عَلَيْك في كُلِّ شيء بفقدِك أصدقاءك وزملاءك ومعارفك وحتَّى أهْلَك.. يأمرُك أن تذهبَ هنا وهناك.. وأن تفعلَ هذا وذاك.. هذه أصعب حياة تعيشها وأنتَ حُرٌّ.. صدِّقوني حُر النَّفْس والفِكر مستحيل ولا يُمكِن أن يقبلَ أن يوضعَ داخل سجن محاطٍ بكُلِّ القِيَم والأفكار والصِّفات الَّتي يجِبُ أن يملكَها دُونَ أن يكُونَ لَهُ اختيار أو تأثير عَلَيْها.. فهي كالثَّوابت داخل هذا السِّجن.. يكاد يكُونُ هذا السِّجن الوهمي أصعبَ بمراحل من السِّجن الحقيقي بالنِّسبة للإنسان الحُر.. لأنَّه سجن أبَديٌّ وليس مؤقتًا.. وإن رضيت بذلك ستضع نَفْسك فيه حتَّى مماتك. أقولُها وبكُلِّ صراحة، الاحتفاظ بالأصدقاء والأهل بعد الزواج شيء مُهِمٌّ جدًّا، فلا يُمكِن التَّخلِّي عن الأصدقاء والمعارف بعد الزواج أو التَّخلِّي عن دائرة علاقاتنا حتَّى لا نُصابَ بالمَلَل.. وللاحتفاظ بالأصدقاء بعد الزواج قاعدته المُهِمَّة هو تخصيص وقت وموعد ثابت لِهؤلاءِ الأصدقاء.. على ألَّا يخلُقَ هذا عدم توازن مع شريكِ حياتِك وأُسرتِك. إخواني لا تنتظروا من أحَد أن يُحقِّقَ لَكُمُ السَّعادة حتَّى شريكُ حياتِك لَنْ يُحقِّقَ لَكَ السَّعادة.. اِسْعَ بنَفْسِك لِتَحقيقِها.. وخُذها قاعدةً ونصيحة مِنِّي: لَو حاول العالَم كُلُّه أن يسعدَك وأنتَ بداخلِك منغلِق على حُزنك.. فلَنْ تكُونَ سعيدًا ولَو بمقدار ذرَّة.. فالسَّعادة تأتي من داخل الإنسان لا من الخارج.

أيضًا في النِّهاية لهذِه المدوَّنة.. يجِبُ عَلَيْك أن تملكَ نَفْسَك، وتتحكَّمَ بحياتِك وبكُلِّ تفاصيلها.. لا ترْضَ بالقليلِ أبدًا.. لا ترْضَ بأن يسيطرَ عَلَيْك أحَد.. كُنْ دائمًا المُسيطر الوحيد على حياتِك.. أسعدْ نَفْسَك بِنَفْسك ولا تربط حياتك بأحَد.. فحياتُك ملكُك وحْدَك فقط.

محمد الكندي

 كاتب عماني