السبت 27 يوليو 2024 م - 21 محرم 1446 هـ

فرص العمل فـي سلطنة عمان .. التبشير بالإتاحة

فرص العمل فـي سلطنة عمان .. التبشير بالإتاحة
الأربعاء - 03 أبريل 2024 04:23 م

عادل سعد

20

يظلُّ الرَّبط التَّجاذبي التوسُّعي النَّوْعي والكمِّي بَيْنَ التَّنمية الاقتصاديَّة المستدامة وخصوصيَّة التَّنمية البَشَريَّة المُستدامة واحدًا من أوضح المؤشِّرات على مدى جودة التَّنمية عمومًا.

لا شكَّ، أنَّ عين الاعتبار في هذا المؤشِّر الاستيعابي للتَّنمية يأتي من كون التَّنمية هي بالمحتوى التَّوصيفي العامِّ منطلق تلبية لِصيانَةِ حقوق وتطلُّعات الإنسان في حياةٍ كريمةٍ.

ولا شكَّ أيضًا، يُعَدُّ تشغيل فُرَص سُوق العمل المدخل المركزي لأيَّة تنمية بَشَريَّة متوازنة، فبقدر ارتفاع معدَّلات تلك الفُرَص تكُونُ التَّنمية على درجة من المقبوليَّة، وبمعنى اخر، يُلبِّي أحَد أهمِّ مخرجات التَّنمية.

إنَّ قياس معدَّلات هذه الفُرَص يعتمد على هذه المعادلة في كُلِّ الأحوال والأوقات، وحين تكُونُ المؤشِّرات إيجابيَّة فإنَّ ذلك يبعد الاقتصاد عن أيَّة ظواهر انكشافٍ، خصوصًا إذا تنوَّعت الفُرَص ولَمْ تقتصر على ميدان استيعابي مُعيَّن وهكذا أيضًا بنيويَّة سُوق العمل. الحال، يُمثِّل رهان توافر فُرَص العمل بمعدَّلات تتماشى مع النُّمو العامِّ لأيِّ اقتصادٍ رهانًا لا غبارَ عَلَيْه في الاطمئنان على التَّنمية شرْطَ المحافظة على الاستمراريَّة. وبقدْر تعلُّق الوضعِ بالتَّنمية المستدامة في سلطنة عُمان يُفيد تتابع البيانات الَّتي تتطرق إلى فُرَص العمل بوجود معدَّلات تستحقُّ التَّقدير مع إضافات نَوْعيَّة، إذا أخذنا بالمنهج الميداني وهوامش مواصلة تقليص فرضيَّات الريع النِّفطي لِصَالحِ تعدُّد الريع الإنتاجي الزِّراعي والصِّناعي والخدمي المتنوِّع. من المؤشِّرات على هذا المتغيِّر الإيجابي في سلطنة عُمان الإتاحة الَّتي أعلَنَها معالي الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل في مؤتمر معلوماتي تطرَّق فيه إلى التطوُّر الحاصل في سُوق العمل، فقَدْ أشارَ معاليه إلى عددٍ من النِّقاط الإيجابيَّة الَّتي لا يُمكِن لأيِّ خبير تنمية مُنصِف إلَّا أن يَعُدَّها معالَم واضحة لخصوبة التَّنمية، وإذا كان لا بُدَّ من الاستدلال أكثر فَلِي أن أُشيرَ إلى عددٍ من النِّقاط الَّتي تضمَّنها حديثه:

• ارتفاع معدَّل توفير فُرَص العمل خلال العام المنصرم 2023 إلى (115) بالمئة، وبواقع يزيد على (40) ألفَ مواطن عُماني حصل على فُرَص عمل، لاحظوا المعدَّل بزيادة (115) بالمئة عن السَّقف المعادل العام مئة بالمئة، وعَلَيْكم أيضًا أخذ المقارنة بعددِ نفوس السكَّان، وتبايُن معدَّلات العمر، ومدَّة سنَة واحدة، الوضع الَّذي يعني وجود فُرَص تتناسَب مع حركة النُّمو العامِّ للتَّنمية مع رديفة قياسيَّة تتعلق بالمقارنة بَيْنَ المعدَّل المُتحقِّق ومعدَّل الاستجابة لِمتطلَّبات التَّنمية وما تفرض من زيادات في الكلف التشغيليَّة.

• إنَّ تعدُّدَ الأرقام الإيجابيَّة الَّتي أشار إِلَيْها معالي الوزير تعطي استبانةً واضحة للمحتوى الاستراتيجي المركزي للتَّنمية في سلطنة عُمان مع توافر فائض قِيمة لِصَالحِ الإنسان العُماني وحماية الاقتصاد من أيِّ انكسار محتمل، وتلك بحقٍّ إحدى مرتكزات التَّنمية الوازنة.

• الإشارة بوجود حوكمة تغطِّي مسار التَّنمية البَشَريَّة المستدامة في البلاد وحرص دائم عَلَيْها، الوضع الَّذي يؤكِّد حجْم المواصلة على هذا الطَّريق بالرّغم من أن ليس كُلُّ المؤشِّرات البيئيَّة والإقليميَّة والدوليَّة المحيطة تعمل بسياقات ضامنة لِحقوقِ التَّنمية. وإذا كان من المناسِب أن نسردَ هنا بعض تلك التحدِّيات فَلِي أن أُشيرَ إلى المتغيِّرات المناخيَّة القاسية، توحُّش المنافسة، نزعة التَّغالب الَّتي تحكُم العلاقات الدوليَّة.

• هناك ربطٌ جدَلي بَيْنَ إتاحات الاستثمار البنيوي الَّذي يشتغل عَلَيْه الاقتصاد العُماني وحقوق العُمانيِّين بالحصول على الفُرَص الَّتي توفِّر لَهُم توظيف قدراتهم في بناء بلدهم، وهذا هو المنهج الَّذي يجعل حقوق التَّنمية البَشَريَّة المستدامة على طاولة التَّشغيل المركزي.

• معالي الوزير أشارَ ضمنًا إلى تسهيل اليَّات منظومة (تصاريح العمل وخدمات التَّشغيل وخدمات الرِّعاية العمَّاليَّة) والمنظومات الأخرى المرتبطة بها، وفي تلك التوَجُّهات ما يحمي العُمانيِّين من صعوبات البحث عن الفُرَص مِثلما يغنيهم بقدرة الانتظام في تتبُّع الفُرَص الَّتي تلائم اختصاصاتهم المعرفيَّة والتدريبيَّة.

• إنَّ الصورة الوازنة لِسُوقِ العمل بالإتاحات الَّتي أشار إِلَيْها معالي الوزير تؤكِّد وجود منظومة معايير تغطِّي المزيد من متطلَّبات التَّوظيف، وتحرِّر العُمانيِّين من الانتظار الطويل، ولكن بالمقابل عَلَيْهم تفهُّم سياقات التَّنمية البَشَريَّة الَّتي تعتمدها السَّلطنة. وإزاء ذلك تظلُّ قدراتهم الذَّاتيَّة في إشغال وظائفهم عِنْد منصَّة الاختبار المُتجدِّد، وليس الاستكانة.

• إنَّ أيَّة زيادة غير منتظمة، ولا أقُل اعتباطيَّة لِمخرَجات التَّعليم، من شأنها أن تطيحَ بمغذِّيات فُرَص العمل وتُمثِّل خروجًا على طاعة الانتظام، ولذلك لا بُدَّ من الحرص على تعميق التَّوازن بَيْنَ المسارَيْنِ.

عادل سعد

كاتب عراقي