السبت 27 يوليو 2024 م - 21 محرم 1446 هـ

غرائب القرآن : قراءة فـي غريب القرآن وبيان جلال معانيه وكمال مبانيه والوقوف على الفروق اللغوية بين ألفاظه ومراميه «مفهوم إِلًّا ولا ذِمَّةً» «3»

الأربعاء - 03 أبريل 2024 03:24 م
10



والدليل على هذا التأويل قراءة عكرمة: « لا يرقبون في مؤمن إيلا « بالياء، يعني: الله- عز، وجل-، مثل جبرائيل وميكائيل. ولا ذمة، أي عهدا، ومعنى: «يرضونكم بأفواههم» أي: يعطونكم بألسنتهم خلاف ما في قلوبهم، وتأبى قلوبهم الإيمان، وأكثرهم فاسقون.

فإن قيل: هذا في المشركين، وكلهم فاسقون، فكيف قال: «وأكثرهم فاسقون» ؟.

قيل: أراد بالفسق هنا: نقض العهد، وكان في المشركين مِن وَفَى بعهده، وأكثرهم نقضوا، فلهذا قال: «وأكثرهم فاسقون».

أما ابنُ كثير فقد شرحها بقوله:» يقول- تعالى- محرضًا للمؤمنين على معاداة المشركين، والتبرِّي منهم، ومبيِّنا أنهم لا يستحقون أن يكون لهم عهدٌ؛ لشركهم بالله، وكفرهم برسول الله، ولو أنهم إذ ظهروا على المسلمين، وأديلوا عليهم، لم يبقوا، ولم يذروا ، ولا راقبوا فيهم إلا، ولا ذمة»، قال علي بن أبي طلحة، وعكرمة، والعوفي عن ابن عباس : «الإل»: القرابة، « والذمة «: العهد، وكذا قال الضحاك والسدي.

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: «لا يرقبون في مؤمن إلا» قال: الله، وفي رواية: « لا يرقبون الله، ولا غيره»، وعن مجاهد أيضا: «الإل»: العهد، وقال قتادة: «الإل» الحلف، وقال في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي:» قوله- تعالى- كيف وإن يظهروا عليكم» أعاد التعجب من أن يكون لهم عهدٌ مع خبث أعمالهم، أي كيف يكون لهم عهد، وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة، يقال : ظهرت على فلان أيْ غلبته ، وظهرت البيتَ علوتُه ، ومنه:» فما اسطاعوا أن يظهروه»، أي يعلوا عليه، وقال في تفسير قوله- تعالى- لا يرقبوا فيكم، يرقبوا: يحافظوا، والرقيب: الحافظ، إلا: عهدا، عن مجاهد وابن زيد، وعن مجاهد أيضا: هو اسم من أسماء الله- عز، وجل-، وعند ابن عباس والضحاك: قرابة، وقال الحسن: جوارًا ، وقتادة : حلفا، وذمة، وعهدا، وأبو عبيدة : يمينا، وعنه أيضًا: إلا العهد، والذمة التذمم. الأزهري: (الإل) اسم الله بالعبرانية، وأصله من الأليل، وهو البريق، يقال: ألَّ لونُه يَؤُلُّ ألًّا: صفا، ولمع. وقيل: أصله من الحدة، ومنه الألَّة للحربة، ومنه أذنٌ مؤللة أي محددة.

د. جمال عبد العزيز أحمد

 جامعة القاهرة - كلية دار العلوم بجمهورية مصر العربية