لا يُمكِن بمكان فصل الاعتداءات والجرائم الصهيونيَّة، الَّتي يرتكبها كيان الاحتلال الصهيونيِّ وحكومته الإرهابيَّة في الأراضي الفلسطينيَّة، عن العدوان الإرهابيِّ المستمرِّ على لبنان وسوريا والَّذي يروح ضحيَّته مواطنون لبنانيون وسوريون. فتلك الجرائم الَّتي تحدُث على مرأى ومسمع من العالَم أجمع دُونَ أنْ يحرِّكَ المُجتمع الدوليُّ ساكنًا، أو يهمُّ على محاسبة الكيان الصهيونيِّ المارق، باتَتْ تُشكِّل الخطر الأكبر على أمْنِ واستقرار المنطقة، بل والعالَم أجمع، ذلك أنَّ استمرار تقديم المساعدة لحكومة الاحتلال الإرهابيَّة، خصوصًا المنْعَ والحيلولة دُونَ محاسبتها على ما ترتكبه من جرائم، سيعصف بالبقيَّة الباقية من استقرار في الشَّرق الأوسط، المُبتلَى بهذه النَّبتة الشيطانيَّة الَّتي تروى وتترعرع بالقتلِ والإرهاب، على مدار أكثر من (75) عامًا، وسط حماية أميركيَّة غربيَّة تمنع أيَّ محاسبة جديَّة على تلك الجرائم المتواصلة منذُ الإعلان عن قيام هذا الكيان الصهيونيِّ.
ويدفع هذا التَّمادي في العدوان والاستخفاف بالقانون الدوليِّ نَحْوَ إصرار حكومة الإرهاب الصهيونيِّ على التنصُّل من استحقاقاتها الخارجيَّة أمام العالَم، والداخليَّة أمام سكَّان الكيان الَّذين أتَوا من شتات الأرض، برفع وتيرة العدوان ليس على قِطاع غزَّة الَّذي يرتكب العدوُّ الصهيونيُّ ضدَّ سكَّانه أبشع جرائم الإبادة الجماعيَّة الَّتي عرفها العصر الحديث في العالَم أجمع. ولعلَّ ما خلَّفته مجزرة (مُجمَّع الشِّفاء) خير دليل على همجيَّة ودمويَّة كيان الاحتلال وحكَّامه، وكذلك ما يحدُث من عدوان مستمرٍّ في الضفَّة الغربيَّة والقدس، وإطلاق يَدِ المستعمِرِين الإرهابيِّين في الحَرق والقتل، واستهداف كُلِّ ما هو فلسطينيٌّ بشَرًا أو شجرًا أو حجرًا، بالإضافة إلى توسيع قاعدة العدوان لِتشملَ كُلًّا من سوريا ولبنان، وتوتير أجواء المنطقة وأخذها نَحْوَ حرب شاملة، قَدْ تقضي على ما تبقى من أمنٍ واستقرار، وهو ما سيدفع ثَمَنه العالَم أجمع، الَّذي لَمْ يَشْفَ بعد ممَّا يمرُّ به من أزمات مُتعدِّدة في العقد الأخير. إنَّ الاعتداء الصهيونيَّ الإرهابيَّ الَّذي استهدف القنصليَّة الإيرانيَّة في دمشق يرفع من خطورة الوضع؛ كونه يتخطَّى كافَّة أعراف الحرب التقليديَّة، والصِّراعات القائمة؛ لأنَّه يُمثِّل انتهاكًا لسيادة الجمهوريَّة العربيَّة السوريَّة ولكُلِّ القوانين والحصانات الدبلوماسيَّة الدوليَّة الدَّاعية لِحمايَةِ وصونِ البعثات الدبلوماسيَّة والقنصليَّة، فهذا التصرُّف الأحمق الَّذي نؤكِّد أنَّه خطوة تهرب بها حكومة الإرهاب الصهيونيِّ من أيِّ حلٍّ قَدْ يفرضُه المُجتمع الدوليُّ، وتوَجُّه يسعَى لِضَمانِ ولاء المتطرِّفين والمستعمِرِين الَّذين أصبحوا أكبر داعمٍ لحكومة الاحتلال بعد السَّابع من أكتوبر الماضي، وهو ما يستلزم موقفًا دوليًّا يعمل على ضرورة وقفِ التَّصعيد في المنطقة ورفضِ العدوان وسائر الأعمال الَّتي تُهدِّد الأمن والاستقرار، خصوصًا الَّتي تستهدف المَدَنيِّين الأبرياء، وعلى العالَم أجمع التَّأكيد على حرمة استهداف المَدَنيِّين، خصوصًا العاملين في القنصليَّات والعلاقات الدبلوماسيَّة؛ لأنَّ الدخول في هذا النَّفق المُظلم سيقوِّضُ أيَّ جهود لِفَرضِ سيادة القانون الدوليِّ بكُلِّ صوَره وأشكاله. فما حدَث سابقة لا يُمكِن الصَّمت عَلَيْها وتجاهلها. فالقول بأنَّ كيان الاحتلال الصهيونيِّ ينتهك القانون الدوليَّ أمُرٌ غير كافٍ، وما يجري من عدوان يحتاج إلى إجراءات على الأرض فورًا، خصوصًا وأنَّ الأدلَّة على حدوث إبادة جماعيَّة في غزَّة واضحة، ومن ينكرها شريك يوفِّر الحماية والدَّعم والحصانة لأقذرِ احتلال عرفه التَّاريخ على وَجْه الأرض.