السبت 27 يوليو 2024 م - 21 محرم 1446 هـ

أماكن وبلدان ذكرت فـي القرآن الكريم «وادي حنين»

الاحد - 31 مارس 2024 03:46 م
20

لقد ذكر الله تعالى هذا المكان لما فيه من مميزات وخصائص لم تكن في سواه من الأرض، فمن مميزاته أنه تشرف بغزوة قوية كانت بين الإسلام والكفر بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن خصائصه أن الله امتحن فيه المسلمون امتحانا شديدا وقاسيا،( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِين ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ) التوبة: 26،25، قول تعالى ذكره: «لقد نصركم الله» أي في أماكن ومشاهد وحرب «كثيرة» توطِّنون فيها أنفسكم على لقاء عدوّكم، وفي يوم حنين أيضًا قد نصركم، وحنين وادٍ فيما ذكر بين مكة والطائف وهو اسم للبلدة التي هو بها، وكانت وقعةُ حُنين والطائف في شوال من سنة ثمان من مقدمه المدينة وهجرته إليها، عن قتادة قال: «حنين»، ماء بين مكة والطائف، قاتل عليها نبيُّ الله هوازن وثقيفَ، وذُكر لنا أنه خرج يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر ألفًا: عشرة آلافٍ من المهاجرين والأنصار، وألفان من الطُّلقَاء، وذكر لنا أنَّ رجلا قال يومئذٍ: «لن نغلب اليوم بكَثْرة»! قال: وذكر لنا أن الطُّلقَاء انجفَلوا يومئذ بالناس، وجلَوْا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل عن بغلته الشهباء. وذكر لنا أن نبيَّ الله قال: «أي رب، آتني ما وعدتني»! قال: والعباسُ آخذ بلجام بغلةِ رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ناد يا معشر الأنصار، ويا معشر المهاجرين! «، فجعل ينادي الأنصار فَخِذًا فخِذًا، ثم قال: «نادِ بأصحاب سورة البقرة! «. قال: فجاء الناس عُنُقًا واحدًا. فالتفت نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، وإذا عصابة من الأنصار، فقال: هل معكم غيركم؟ فقالوا: يا نبي الله، والله لو عمدت إلى بَرْك الغِمادِ من ذي يَمَنٍ لكنَّا مَعَك، ثم أنزل الله نصره، وهزَمَ عدوّهم، وتراجع المسلمون. قال: وأخذ رسول الله كفًّا من تراب أو: قبضةً من حَصْباء فرمى بها وجوه الكفار، وقال: «شاهت الوجوه! «، فانهزموا. فلما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم، وأتى الجعرَّانة، فقسم بها مغانم حنين». انظر «تفسير الطبري (4/‏ 315)». ويقول الفراء «في» معاني القرآن (1/‏ 429) «حُنَيْن وادٍ بين مكة والطائف. وجرى (حُنَيْنٍ) لأنه اسم لِمذكَّر. وَإِذَا سميت ماء أو واديًا أو جبلا باسم مذكر لا علة فِيهِ أجريته. ومن ذَلِكَ حنين، وبَدْر، وأُحُد، وحِرَاء، وربما جعلت العرب حُنين وبدر، اسمًا لبلدته التي هُوَ بِهَا فلا يَجرونه

، فجعل حراء اسمًا للبلدة التي هُوَ بِهَا، فكان مذكرًا يسمى بِهِ مؤنّث فلم يُجْرَ، وقوله: «إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ» قَالَ يومئذ رجل من المسلمين: والله لا نُغْلَب، وكره ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهزموا هزيمة شديدة وهو قوله: «وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ» والباء هاهنا بمنزلة «فِي» كما تَقُولُ: ضاقت عليكم الأرض فِي رُحْبها وبُرحْبها». وحدد الإمام المراغي مكان حنين، فقال» وحنين: واد على ثلاثة أميال من الطائف، وغزوته تسمى غزوة أوطاس وغزوة هوازن، وروي «أن ناسا منهم جاءوا إلى رسول الله وبايعوه على الإسلام وقالوا: يا رسول الله أنت خير الناس وأبرّ الناس وقد سبى أهلونا وأولادنا وأخذت أموالنا، «وقد سبى يومئذ ستة آلاف وأخذ من الإبل والغنم ما لا يحصى» فقال عليه الصلاة والسلام: إن عندي من ترون، إنّ خير القول أصدقه، اختاروا إما ذراريكم ونساءكم وإما أموالكم، قالوا ما كنا نعدل بالأحساب شيئا، فقام النبي فقال: هؤلاء جاءونا مسلمين، وإنا خيرناهم بين الذراري والأموال، فلم يعدلوا بالأحساب شيئا، فمن كان بيده شيء وطابت به نفسه أن يرده فشأنه، ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيئا فنعطيه مكانه، قالوا رضينا وسلّمنا». انظر «تفسير المراغي (10/‏ 85)». وللحديث بقية.

محمود عدلي الشريف

[email protected]