عمّان ـ العُمانية : تجذب قصص استروجين للكاتبة الأردنية هند سليمان القارئ الصادرة عن دار أزمنة للنشر والتوزيع حاثةً إياه على مواصلة تتبع الأحداث ومصائر الشخصيات حتى الصفحة الأخيرة حيث تنهال حكايات النساء، لا سيما تلك المغلفة بالألم والشجن والأسى. ويعرف القارئ أنه أمام سرد يعكس مزاج ذلك الهرمون الأنثوي المتقلب؛ والذي يؤدي وظائف متعددة أهمها أنه مانح الحياة للأرواح التي تتشكل في الرحم، ومانع السعادة حين تنقص مع تقدم العمر، خالعا عن الأنوثة صفتها ومعناها حيث المرأة التي غاب عنها هرمون الاستروجين تفكر بالماضي الذي عاشته في حضرته منذ بدأت تتشكل أنوثتها، مرورا بزواجها وحملها، وانتهاء بتقدم العمر الذي غيب هذا الهرمون عنها، لكنها رغم ذلك وجدت في النهاية طريقة للتصالح مع جسدها كي تتمكن من التصالح مع ذاتها الأنثوية وآثرت الكاتبة أن تكون نهايات القصص في أغلبها مفتوحة على التأويل، كما في آي لاينر التي تصور امرأة تهتم بجمال كحل عينيها وزينتها، لكن حين يرتبط زوجها بأخرى يتركها بجسد متهالك آيل للسقوط، ورغم ذلك تؤكد الساردة: حين رفعتْ وجهها لم أجد مساحيق التجميل التي اعتدتها، لم أجد غير الحزن والشرود، ثم تضيف: المرأة لا يمكن أن تكون امرأة دون أن تتزاحم حولها علامات الاستفهام بلا إجابة واحدة لكل ما يجري في داخلها من غموض. وتستحضر الكاتبة بعض العادات التي تمارسها المرأة خلال رحلتها في البحث عن مخرج لها من اتهامات المجتمع الطاعنة لها في أنوثتها، وهي تحت ذلك الضغط قد تغيّب عقلها ووعيها وتسعى وراء الأوهام كما في قصة «شَعر من شوك»: «تزوجت وهي في أواخر ثلاثينياتها، ذلك العمر الذي حمله الناس سوطًا يلسعونها به في نظراتهم وإيحاءاتهم كلما سألوها صراحةً أو تلميحًا عن الحمل، فكان أن لجأت بعد الطب الذي لم يشخص فيها عيبًا إلى شخص يزعم أنه يرد الحبيب الجافي ويحنّن قلب الزوج القاسي». ويتسم أسلوب هند سليمان بالسخرية المرة القائمة على المفارقة في الأحداث والمواقف، وعلى التلاعب بالعواطف والمشاعر، والتضارب بين الوعي الذي يمكن امتلاكه بالعمل والمعرفة، وبين محددات المجتمع التي تجعل من الوعي شيئًا لا قيمة له، ليتسيد الجهل والخرافة والسحر والشعوذة حياة الناس.