الأحد 28 ديسمبر 2025 م - 7 رجب 1447 هـ
أخبار عاجلة

شراع : 2026 لن يكون عاما استثنائيا

شراع : 2026 لن يكون عاما استثنائيا
الأحد - 28 ديسمبر 2025 02:45 م

خميس بن حبيب التوبي

كُلُّ المؤشِّرات تَشي بأنَّ العام الميلادي الجديد (2026) ـ الَّذي يستعدُّ العالم لاستقباله ـ لن يكُونَ مختلفًا عن شقيقه العام 2025م الَّذي يتهيَّأ لِيطويَ خَيْمتَه إيذانًا بالرحيل؛ ذلك أنَّ جميع الإرهاصات تُشير إلى أنَّ العام الجديد ستُرافق أيَّامه ولياليه أحداث وتفاعلات العام 2025م بكُلِّ لواعجها وويلاتها.

ومِثلما كانت حصيلة العام 2025م مخيِّبةً لآمال الشعوب، وخصوصًا الشعوب العربيَّة، فإنَّ العام الجديد مرشَّح لأنْ يكُونَ عامًا مخيِّبًا للآمال أيضًا، وقابلًا لمضاعفة حجم الضَّيم والمآسي والآلام؛ ذلك أنَّه لا يوجد في الأُفُق ما يُوحِي بأنَّ رحى الحروب والنَّزعة الاستعماريَّة ـ الَّتي تَقُودها الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة وحليفها الاستراتيجي كيان الاحتلال الصهيوني ـ ستتوقف عن طحن آمال الشعوب وأحلامها وتطلُّعاتها، وتدمير أوطانها؛ فكُلُّ يوم يأتي تصحو فيه الشعوب على نكبة أكبر من أُختها.

اليوم لا تحتاج صورة الأحداث المتسارعة للكثير من التدقيق والتمحيص للاستنتاج بأنَّ الولايات المُتَّحدة مع حليفها الاستراتيجي كيان الاحتلال الصهيوني يعملان على توظيف قدراتهما العسكريَّة والاستخباريَّة والسياسيَّة والدبلوماسيَّة وأدوات العمالة والخيانة لترتيب خرائط العالم وهذا الإقليم؛ سعيًا إلى تحقيق أمرَيْنِ اثنَيْنِ لا ثالث لهما، وهما: الأوَّل: سعي الولايات المُتَّحدة إلى استعادة هيمنتها على العالم الَّتي تُدرك أنَّها باتتْ تغرق حتَّى أخمص قدمَيْها في مستنقع إخفاقاتها المتكررة في هذا الإقليم والعالم، وما يمور خلْفَ هواجس حالة فقدان الهيمنة يجعلها اليوم تلهث وراء إيجاد هوامش للمناورة تلعب من خلالها على أوتار الترهيب والترغيب؛ لِتبقَى ممسكةً بخيوط اللُّعبة. كما تَعْلَم تمامًا أنَّ أحَد أهمِّ أسباب استعادة هيمنتها وسطوتها هو السيطرة على جميع مصادر الطَّاقة والثَّروات في العالم؛ لذلك تعمل جاهدةً على وضعِ يَدِها على كُلِّ بقعة من جهات الأرض الأربع تمتلك مصادر الطَّاقة والثَّروات، وليس فنزويلا ونيجيريا وأوكرانيا، وهذا الإقليم سوى مثال على ذلك.

أمَّا الثَّاني فهو سَعي كيان الاحتلال الصهيوني إلى تفادي عقدة أو لعنة العقد الثامن بأيِّ صورة كانت وبأيِّ ثَمَنٍ كان. وفي سبيل ذلك، يعمل مع حليفه الأميركي على إبقاء وضعِ الإقليم على ما هو عليه الآن في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا والسودان وليبيا والصومال وغيرها؛ أي في حالة غير مستقرَّة وغير سلميَّة؛ لا تستطيع معها هذه الدول أو الإقليم بأكمله استعادة الهدوء والاستقرار، واستغلال العدوِّ الصُّهيوني الحالة الشَّاذَّة الَّتي باتتْ عليها أوضاع الشعوب في الدول المستهدفة، أو بالأحرى الَّتي أوصلها إليها (العدوُّ الصُّهيوني) من تشرذُم وفِتَن.

لذلك إذا كان العام 2025م حصيلته مُرَّة ومخيِّبة للآمال بالنِّسبة للعرب وللإقليم، فإنَّ العام الميلادي الجديد 2026م لن يكُونَ استثناء، بل هو نسخة مكرَّرة وبحصيلة ليست إيجابيَّة، خصوصًا بعد أنْ تمَّ إخراج مجلس الأمن الدّولي والمنظَّمة الدوليَّة بِرُمَّتها من المعادلة لأجْلِ تحقيق المساعي الصُّهيوـ أميركيَّة في العالم والإقليم.

الحقيقة الَّتي يَجِبُ أنْ يعترفَ بها العرب قَبل غيرهم هي أنَّ العالم يَسير مع العام الجديد ـ ورُبَّما إلى ما بعده ـ في ركاب الفوضى الصُّهيوـ أميركيَّة ذاتها السَّاعية إلى تحقيق الطُّموحات الاستعماريَّة؛ بسبب تجاهل أُسُس السَّلام العالمي وضرب عرض الحائط بقوانين ومعاهدات حقوق الإنسان، واحترام سيادة الدول، الأمر الَّذي يستدعي من العرب إجراء مراجعات شاملة وجذريَّة تُعِيد توجيه بوصلة السِّياسات الداخليَّة والخارجيَّة العربيَّة إلى اتِّجاهها الصَّحيح، لِتدارُكِ الأخطار المُحدقة.

خميس بن حبيب التوبي

[email protected]