السبت 27 ديسمبر 2025 م - 6 رجب 1447 هـ
أخبار عاجلة

المصطلح الأجنبي وتعقيدات تعريبه وتوحيده وتعميمه

المصطلح الأجنبي وتعقيدات تعريبه وتوحيده وتعميمه
السبت - 27 ديسمبر 2025 08:28 ص

أ.د. محمد الدعمي



لا شكَّ في أنَّ عمليَّة تعريب المصطلح الأجنبي وتوطينه وإشاعته على المستوى القومي العام هو واحد من أهم عوائق بلوغ طفرة علميَّة وطفرة صناعيَّة، توازي الثورة الصناعيَّة في أوروبا عَبْرَ القرن التاسع عشر، وعَبْرَ دول العالم العربي الَّذي لا يولي هذا الموضوع المهمَّ ما يستحق من اهتمام مختص.

وإذا كانت جهود المجامع العلميَّة في القاهرة ودمشق وبغداد (لاحظ أنشطة «فريق الترجمة» ببيت الحكمة ـ بغداد) قد شخَّصت ولاحظت هذه المُشْكلة المعقَّدة، فإنَّها (لبالغ الأسف) لم تتمكن حتَّى اليوم من تحقيق إنجاز علمي قومي كبير في هذا الحق لأسباب عدَّة، إذ تُعَدُّ تعدديَّة المراجع أعلاه واختلاف الاجتهادات في أعمالها وخلاصتها من أهم مُعوِّقات توحيد المصطلحات في العالم العربي، خصوصًا وأنَّها راحت تتراكم بالآلاف وعشرات الآلاف بعد الثورة التقنيَّة الجارية الآن حتَّى ظهور الـ AI أو ما يُسمَّى بـ»الذَّكاء الاصطناعي»، حيثُ يجد المرء صعوبة أو عجزًا في مواكبة العصر من خلال إيجاد مكافآت (مرادفات) صحيحة ودقيقة تمكِّن العالِم والمهندس والعامل العربي، ليس فقط من توظيفها في سياق العمل والاستخدام، بل كذلك، من تمكين هذا الإنسان الَّذي ينبغي أن يتعامل معها من أجلِ حضور دَوْرات وبرامج التطوير التقني للكوادر العلميَّة المتخصِّصة. أقول هذا وأنا أبتئس على عشرات، بل ومئات الدَّوْرات العلميَّة الَّتي ترسل بموجبها الكوادر العربيَّة إلى الدول المتقدمة تقنيًّا وعلميًّا، ولكنَّها تَعُود للأوطان «بخُفَّي حُنين» نظرًا لعدم تمكُّنها من فهمِ وإدراك المصطلح العلمي الدقيق. علمًا أنَّ هذا الأمر يشمل كافَّة الحقول العلميَّة والتقنيَّة الحديثة، وأهمّها المصطلح العلمي والعسكري الدقيق الَّذي لم تتمكن اللجان «القوميَّة» من توحيده بَيْنَ مشرق عربي واقع تحت طائلة المصطلح الإنجليزي، ومغرب عربي يئنُّ تحت أعباء المصطلح الإيطالي والفرنسي!

وهنا لا بُدَّ من الإشارة إلى ضرورة اضطلاع جامعة الدول العربيَّة (بوصفها المنظَّمة الأكثر تأهيلًا وقدرة) للقيام باستقطاب أهمِّ المختصِّين في العالم العربي لبدء مشروع قومي موحَّد لتأليف ونشر وتعميم معجم المصطلحات الأكثر شيوعًا الآن، على أن تتمَّ مهام وعمليَّات تحديثه وتطويره بما يجايل ويتواءم مع طوفان المصطلحات الأجنبيَّة الَّتي راحت تغرق ثقافتنا وعالمنا العربي حدَّ الاختناق، البالغ الأسف!

أ.د. محمد الدعمي

كاتب وباحث أكاديمي عراقي