السبت 27 ديسمبر 2025 م - 6 رجب 1447 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : شراكة مؤسسية فـي قلب القرار الوطني

السبت - 27 ديسمبر 2025 04:25 م

رأي الوطن

10


جاء لقاء حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ برئيس وأعضاء مكتب مجلس الشورى لِيؤكِّدَ مسارًا واضحًا في ترسيخ دَوْر المؤسَّسات المنتَخبة داخل بنية القرار الوطني؛ فحديث جلالته عن التطوُّر الَّذي يشهده مجلس الشورى في آليَّات عمله يعكس رؤية ثاقبة تتعامل مع المجلس؛ باعتباره أداةً فاعلةً في قراءة الواقع والمشاركة في صياغة مساراته، لا إطارًا شكليًّا يكتفي بإبداء الرأي، هذا التوصيف يحمل اعترافًا بأهميَّة التحوُّل في الأداء، حيثُ تُقاس قِيمة المؤسَّسة بقدرتها على التأثير العملي، ومواكبة متطلبات التنمية الشَّاملة، كما أضحى مجلس الشورى حلقة اتصال حقيقيَّة بَيْنَ المُجتمع ومؤسَّسات الدَّولة، ينقل التحدِّيات، ويقترح الحلول، ويطوِّر أدواته بما يتناسب مع حجم المسؤوليَّة المُلقاة على عاتقه. والإشارة إلى هذا التطوُّر تعكس قناعة بأنَّ المشاركة الوطنيَّة الفاعلة تُمثِّل عنصر قوَّة للدَّولة، وأنَّ البناء المؤسَّسي القائم على الأداء والتَّكامل يُشكِّل قاعدةً صلبةً لأيِّ مشروع تنموي طويل المدى.

ويكتسب تأكيد جلالة السُّلطان المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ على مستوى التَّعاون القائم بَيْنَ الحكومة ومجلس الشورى أهميَّة خاصَّة في هذه المرحلة؛ إذ يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة الحكم القائم على التَّكامل المؤسَّسي لا على توزيع أدوار معزولة؛ فتوصيف مجلس الشورى كشريك أساسي في منظومة عمل الدَّولة يضع العلاقة بَيْنَ الجانبَيْنِ في إطار وظيفي واضح، تحكمه النُّصوص والصلاحيَّات الممنوحة بموجب النِّظام الأساسي للدَّولة وقانون مجلس عُمان، بما يَضْمن توازن المسؤوليَّات واتِّساقها مع المصلحة العامَّة، وهو ما يُعزِّز فكرة العمل بروح الفريق الواحد، حيثُ تتلاقى الرؤى، وتتشابك الجهود، وتُصاغ السِّياسات في بيئة تشاركيَّة تسعى إلى الوصول لأفضل النَّتائج الممكنة، كما تتحوَّل الشَّراكة المؤسَّسيَّة من مفهوم تنظيمي إلى ممارسة عمليَّة، تُقاس بقدرتها على حلِّ الإشكاليَّات، ورفع كفاءة القرار، وتوفير أرضيَّة مستقرَّة لإدارة الملفات الوطنيَّة بكفاءة ووضوح، بما يخدم المواطن ويُعزِّز الثِّقة في مؤسَّسات الدَّولة.

إنَّ تأكيد جلالة السُّلطان المُعظَّم ـ أبقاه الله ـ على أهميَّة مرئيَّات ومقترحات مجلس الشورى يعكس إدراكًا دقيقًا لطبيعة الدَّوْر المنتظر من المجلس في المرحلة الدَّقيقة الَّتي يمرُّ بها الوطن، دَوْر يتجاوز تسجيل الآراء إلى الإسهام الفعلي في تطوير مجالات العمل الوطني وصناعة الأثر الحقيقي. فقِيمة هذه المرئيَّات ترتبط بقدرتها على تشخيص التحدِّيات بعُمق، وصياغة حلول واقعيَّة قابلة للتَّطبيق، تنطلق من معايشة الملفَّات، وتلامس احتياجات المُجتمع الفعليَّة، هذا التَّوَجُّه يضع مجلس الشورى أمام مسؤوليَّة تطوير أدواته التحليليَّة، وتعزيز كفاءة قراءته للملفَّات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وربط مقترحاته بمسارات تنفيذ واضحة داخل منظومة العمل الحكومي، ليتحوَّلَ المجلس إلى شريك معرفي في عمليَّة صنع القرار، يُضيف قِيمة نوعيَّة للنقاش الوطني، ويُسهم في توجيه السِّياسات العامَّة نَحْوَ تحقيق مصلحة الوطن والمواطن، ضِمن رؤية تَقُوم على التَّراكُم المؤسَّسي والخبرة العمليَّة، وتوازن بَيْنَ الطُّموح ومتطلبات التَّنفيذ. إنَّ تأكيد عاهل البلاد المُفدَّى على أهميَّة اضطلاع مجلس الشورى بِدَوْره في توعية المُجتمع بالتحدِّيات القائمة والأهداف المرحليَّة والمستقبليَّة، يضع الوعي العام في قلب معادلة العمل الوطني؛ باعتباره عنصرًا حاسمًا في نجاح السِّياسات واستدامة أثرها، فهو توجُّه سامٍ ينطلق من إدراك بأنَّ القرارات العامَّة لا تكتمل فعاليَّتها دُونَ فَهْمٍ مُجتمعي واعٍ بسياقاتها وأسبابها ومآلاتها، وهو ما يُعزِّز الثِّقة ويُقلِّل الفجوة بَيْنَ القرار والتَّنفيذ. فقيام مجلس الشورى بِدَوْر تفسيري وتواصُلي تجاه المُجتمع يمنحه بُعدًا يتجاوز الوظيفة الرقابيَّة إلى بناء وعي جماعي قادر على استيعاب التَّحوُّلات وإدراك التحدِّيات دُونَ تهويل أو تبسيط مخلٍّ، وهنا تتجلى أهميَّة المحافظة على ما تحقَّق من منجزات ومكتسبات وطنيَّة بوصفها مسؤوليَّة مشتركة تتطلب وعيًا مؤسَّسيًّا ومُجتمعيًا يحميها ويطوِّرها ويصونُها من التَّآكل، وهكذا تتكامل الأدوار بَيْنَ مؤسَّسة تشريعيَّة فاعلة، وحكومة تعمل بكفاءة، ومُجتمع مدرِك لمسار وطنه ضِمن نموذج يرسِّخ الاستقرار ويؤسِّس لمرحلةٍ تنمويَّة أكثر رسوخًا واستدامة.