أيها الأحباب.. توقفنا في اللقاء السابق عند الدراسة الذاتية لكل من الزوجين للأخر شخصيًا وسلوكيًا ونفسيًا، ومما يجب على كل من الزوجين أن يلاحظ سلوك الآخر في فترة الخطبة، فكما قيل: (ما فيك يظهر على فيك)، فإذا لاحظ أحدهما ما لا يرغب فيه في فترة الخطبة سارع إلى الفسخ حتى لا يتغاضى عنه فيحزنه طيلة حياته أو يفسده عليه، وما نرى اليوم من مشكلات بين الزوجين خير دليل على ذلك، لهذا وجب عليهما عند البناء أن يبنياه على أساس قوي متين متماسك فهو بناء حياتهما الطويلة والتي ينبغي أن توم على أعمدة الصدق والوضوح، والمحبة والصفاء، والمودة والرحمة والعشرة بالمعروف والمعاملة الحسنة، وعلى تلك الأسس وأمثالها تتماسك لبنات الأسرة فتقوى حوائطها، فلا يمكن لأحد أن يظهرها أو أن يستطيعا لها نقبًا، وإن يكن من خطأ أو غضب أو زلل أو تضجر، امتثل كل منهما في الآخر ما أمر الله تعالى به ورسوله، فإذا غضب الزوج سكتت عنه زوجته واسترضته، وإذا غضبت الزوجة سكت عنها واسترضاها، ويا حبذا إذا كان هذا منهجًا ينتهجه كلاهما مــن أول زواجـهـما، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، وبوجودها في منهج الحياة ييسر كل صعب، ويزرع التفاهم بين أفراد الأسرة، وبعدم المنهاجية في التعامل تطل الفتنة برأسها، وتنبت المشاكل تحت ظلها، فكثير من البيوت تهدمت، وكم من الأسر تفككت، وكم من بيوت لم تبنى على السعادة انهارت، بأسباب قد يعجب من يسمعها عند سماعها، ومنها الغضب الذي ينتج عن المعاملة السيئة بين الزوجين، وبعدم المنهجية لا يتحمل أحدهما الآخر، ويتناسيا أن من طبيعة البشر الصواب والخطأ والتكامل والنقص، وبفهم هذه الطبيعة البشرية إن وقع منهما أو من أحدهما خطأ أو تقصير فسرعان من ينتج عن أحد الزوجين أو هما معا العفو والصفح في حق الطرف الآخر فورا، خاصة إذا استحضر كل منهما للأخر حسنات قدمها له دهرا فلا يمكن أن تزلزل تلك الجبال من الحسنات ريح خفيفة من زلة يوم عارض، فلابد أن يتغاضى عن تلك الزلة، بل ويجب أن يغض الـطرف عنها، فكيف تستمر الحياة وكل منهما يترقب الهفوات الصغيرة، فإن كان ولابد فبالتنبيه اللين الذي يصحبه الأسلوب اللطيف، الذي ليس فيه جرح ولا تعنيف، ولتحفظ للجميع الكرامة، ويبتعد الجميع عن أية إهانة فعن أبي هريرة يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر) (رواه مسلم، برقم: 1469). ولو أخذ الزوجان هذا الحديث الشريف لقاسوا المشكلات الهوادة والحكمة فانهارت أمامهما كل العقبات وانحلت أصعب المشكلات، ولو أخذا بهذا الحديث لما رأى أي منهما أي عيوب أو نقائــص في شريك حياته، ولتكن هذه المعالم لكل من الزوجين منذ أن يقبلا على الزواج وهما يبغيان ديمومة السعادة الزوجية بينهما وعلى طول طريقها. وأخيرًا: أقول لكم من الزوجين المختلفين اتقيا الله وسيرا على نهج نبيكما تسعدا وتنالا رضا من الله عميم ومنهاج لحياتكما قويم وصراط لعشكما البيتي مستقيم.. والله الهادي إلى سواء السبيل.
د.محمود عدلي الشريف