الاثنين 22 ديسمبر 2025 م - 2 رجب 1447 هـ
أخبار عاجلة

المجتمع بحاجة إلى مسؤول مستمع متفهم فـي المؤسسات الخدمية العامة

المجتمع بحاجة إلى مسؤول مستمع متفهم فـي المؤسسات الخدمية العامة
الأحد - 21 ديسمبر 2025 10:27 ص

محمد بن سعيد الفطيسي

10


لا شكَّ أنَّني كمواطن وعندما أدخل إلى أيِّ مؤسَّسة خدميَّة من مؤسَّسات الدَّولة فذلك يعني أنَّني بحاجة إلى خدمة تقدِّمها الحكومة وحدها ومن خلالها فقط. من زاوية أخرى فإنَّ ذلك يعني أنَّني إن لم أحصل على تلك الخدمة الحكوميَّة فقد أتضرَّر بطريقة ما.

قد يقول قائل: قد تكُونُ المستندات غير كاملة، أو إنَّني غير مستوفٍ للشروط القانونيَّة للحصول على تلك الخدمة، أو غيرها من الأسباب الَّتي قد تؤخر أو تمنع حصول المواطن على الخدمة المطلوبة.

أقول: نعم إنَّ العديد من الخدمات الحكوميَّة تنظِّمها قوانين وإجراءات لا بُدَّ من احترامها ومراعاتها؛ لأنَّ ذلك التنظيم هو الطريق الصحيح للتمدُّن والتحضُّر، ولكن، دائمًا ما نؤكِّد على أنَّ الأنظمة والتشريعات لم توجدْ إلَّا لخدمة الإنسان وتحقيق غايات سامية مثل المساواة والكرامة والتنظيم.

ودائمًا وأبدًا ما كانت توجيهات القيادة الحكيمة تَقُوم على تلك القِيَم السابقة والَّتي ركيزتها المواطن أولًا وأخيرًا، وأنَّ كُلَّ شيء في هذا الوطن الكريم وجد لأجْلِه ومن أجْلِ خدمته، وأنَّ المؤسَّسات الحكوميَّة وجدت لخدمة هذا الشَّعب العزيز، وهو ما تربَّيْنا عليه سياسيًّا وفكريًّا، وأكد عليه جلالة السُّلطان الراحل «طيَّب الله ثراه» ومن بعده عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق (أعزَّه الله وحفظه).

وأقول ذلك دائمًا وأكرِّر ما تعلَّمناه من الآباء والأجداد في هذا السياق وبتصرف: إنَّك أيُّها المسؤول الكريم في وطننا الجميل العزيز: كُلّ في موقعه وصفته، إن كان مقدّرًا رفض معاملة ابن وطنك لسبب أو لآخر، فعلى أقلّ تقدير ليخرج عنك أو من مع موظفي الخدمة لدى المؤسَّسة الَّتي أنتْ مسؤول عنها قانونًا، وقد أعطي البال وسعة الصدر وتمَّ الاستماع إليه بكُلِّ تقدير واحترام، إن كان ولا بُدَّ أن ترفض معاملته وطلبه استنادًا إلى القوانين أو الأنظمة بسبب نقص في مستند فليكُنْ ذلك بمَحبَّة وابتسامة صادقة نؤكد من خلالها إجلالنا لوطننا ومَحبَّتنا وأخلاقنا العُمانيَّة في التعامل مع بعضنا البعض، خصوصًا ما يتعلق منها بالواجبات والالتزامات.

أخي المسؤول: لعلَّك لا تَعْلَم حال ووضع صاحب الحاجة الَّذي راجعك أو راجع بعض الموظفين العاملين في المؤسَّسة الَّتي أنتَ مسؤول عنها، لا تَعْلَم هل وصل إلى المؤسَّسة بمَركبته الخاصَّة أم جاء بمَركبة أُجرة رُبَّما تَديَّن قِيمتها لمراجعة المؤسَّسة وطلب الخدمة؟ لا تَعْلَم ظروفه المعيشيَّة وحال أُسرته! لا تَعْلَم عن صحَّته وكيف وصل إليك ومدى حاجته إلى طلبه حتَّى وإن كان غير مستوفٍ للشروط القانونيَّة!

إذًا قد يمرُّ عليك البعض من المراجعين غير المستوفين لشروط الحصول على الخدمة، فخُذْ بيدهم بالكلمة الطيِّبة عند الرفض، أوصل لهم المعلومة بالحُسن وسعة البال، لا تغلق عليهم أبواب الأمل بالواقع والصِّدق.

ختامًا، هذا المقال دعوة وطنيَّة صادقة لكُلِّ ابن بار أمين مُحب لهذا الوطن ممَّن قدَّر الله له أن يكُونَ مسؤولًا عن خدمة من الخدمات الَّتي تقدِّمها الحكومة عَبْرَ مؤسَّسات الدولة الخدميَّة: ابن وطني. لِنُحسن لهذا الوطن إجلالًا ومَحبَّة وطنيَّة صادقة، ولنثبت ولاءنا لعاهل البلاد ـ حفظه الله وأعزَّه ويسَّر له البطانة الصادقة الَّتي تُعِينه على أمر دِينه ودُنياه وخدمة وطنه ـ عَبْرَ صِدْق مَحبَّتنا لبعضنا البعض، وتوحّدنا وتقاربنا في خدمة وطننا وأبناء وطننا بما مكَّننا الله عزَّ وجلَّ، ولنترفَّق في تعاملنا مع بعضنا البعض؛ فعُمان وأهلها يستحقون منَّا كُلَّ المَحبَّة والتقدير والاحترام، ولتَعْلَم أنَّ ما بَيْنَ يديك أمانة عظيمة ستُسأل عنها يوم القيامة، وكما قال المبعوث رحمة للعالمين ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» صدَق رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم.

محمد بن سعيد الفطيسي

باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

[email protected]

MSHD999 @