الأربعاء 17 ديسمبر 2025 م - 26 جمادى الآخرة 1447 هـ
أخبار عاجلة

ديمومة السعادة فـي الزواج «2»

الأربعاء - 17 ديسمبر 2025 11:40 ص

أيها الأحباب: توقفنا في الحديث السابق عن حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكنا عند الجزء الأخير من الحديث الذي أخبَرَهم النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ـ فيه:(أنَّ الرَّجلَ إذا أَتى امرأَتَه - وهو كِنايةٌ عن جِماعِ الرَّجلِ زَوجتَه ومُعاشرتِها - فإنَّ ذلكَ يكونُ صَدقةً، فتَعجَّبوا، وَقالوا: يا رسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحدُنا شَهوتَه مِن الجماعِ، ويَكونُ لَه فيها أَجرٌ؟! فَقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: أَرأيتُم لَو وَضعَها في حَرامٍ، أكانَ عليه فيها وِزرٌ؟ ـ يَعني: لَو زَنا ووَضَعَ الشَّهوةَ في الحَرامِ؛ هلْ يَكونُ عَليهِ إثمٌ وعُقوبةٌ؟ ـ فكَذلكَ إذا وَضَعَها في الحَلالِ كانَ له أَجرٌ) فإنَّ المُباحاتِ تَصيرُ طاعاتٍ بالنِّيَّاتِ الصَّادقاتِ، وفي رِوايةٍ لمُسلمٍ أيضًا عن أبي هُرَيرةَ ـ رَضِي اللهُ عنه:(فرجَعَ فُقراءُ المهاجرينَ إلى رسولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ـ فقالوا: سَمِعَ إخوانُنا أهلُ الأموالِ بما فعَلْنا، ففَعَلوا مِثلَه، فقال رسولُ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ذلك فضْلُ اللهِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ)، وفي حَديثٍ آخر:(أنَّ الرَّجلَ إذا استَغنَى بالحَلالِ عنِ الحَرامِ كانَ له بِهذا الِاستِغناءِ أَجرٌ).

إذن فالزواج سكن لكل من الزوجين، يقول تعالى مُخبرًا عن أبينا آدم عليه السلام:(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (الأعراف ـ189)، سبحان الله!! جعل الله آدم - عليه السلام - وهو في الجنة يحتاج إلى زوجة يسكن إليها، ونقلت تلك الحاجة إلى السكن إلى ذريته من بعده، وحتى تتحقق ديمومة الزواج الهانئ السعيد الذي تقربه عيني كل من الزجين، ولهذا فقد حث الإسلام راغبي الزواج أن يختاروا الزوجة الصالحة المتدينة الخلوقة ذات التعامل الراقي والسلوك الطيب، وهنا سؤال يطرح علينا نفسه قائلًا: ما مقومات الاختيار الصحيح عند الزواج؟ والإجابة مهمة جدًّا، لأنه ستكون حياة يترتب عليها سمعة بين الناس وراحة نفسية وأولاد وصلة رحم أو عكس هذا كله، ومن هنا وجب عن الخاطب والمخطوبة على حد سواء أن يسأل كل واحد منهما عن الآخر بدقة وحرص شديد، ويسأل أهل العدل والفضل، الذين عرفوا بالصدق الأمانة، فهو أمر لازم لمعرفة الطباع الحقيقة في السلوك الأسري، وقد يخفى أحدهما مساوئه عن الآخر، رغبة في الارتباط وتظهر بعد ذلك تلم المساوئ بعد الزواج وقد فات الأوان، ولكن بسؤال الصادقين من الناس يكشف لكلا الزوجين المحاسن والمساوئ، الأمر الذي يجعل المسؤول في دائرة الأمانة الشديدة مما يوجب عليه الصدق في الجواب، والبيان للغوامض بكل دقة وأمانة ووضوح، وقد يظن المسئول عن أحد الزوجين أنه لا يظهر حقيقة الطباع خوفًا من أن يكون سببًا في إعاقة تلك الزيجة، فيتحرج من أن يقول الحقيقة فيكتم عيوب أحدهما عن الآخر، وهذا منهي عنه لأنه غش للمسلمين.. وللحديث بقية.

د.محمود عدلي الشريف 

[email protected]