الجمعة 12 ديسمبر 2025 م - 21 جمادى الآخرة 1447 هـ
أخبار عاجلة

قراءة فـي المشهد الوطني «معالجة قضية الباحثين»

قراءة فـي المشهد الوطني «معالجة قضية الباحثين»
الأربعاء - 10 ديسمبر 2025 09:15 ص

خميس بن عبيد القطيطي

80


قد يفهم من العنوان أنَّ هناك فكرة شاملة لمعالجة قضيَّة الباحثين عن عمل والمُسرَّحِين. ولكن في الحقيقة أنَّ المعالجة (الشَّاملة) تتطلب مصادر اقتصاديَّة وقرارات معزّزة لمجالات الدَّخل الوطني وتنويع مصادره. لكن بالمقابل لا بُدَّ من الاعتراف بأنَّ هناك حالةً وطنيَّة ضاغطة، ومعالجة محدودة جدًّا لقضيَّة الباحثين لا تُلبِّي الأهداف الوطنيَّة. ويتزايد هذا الهَمُّ الوطني، بل يقلق مع تقادُم الزَّمن، وفئة الباحثين من أبناء الوطن هُمْ مَن يعيش المعاناة ويفقدون سنوات من أعمارهم، ويُشكِّلون ضغطًا ماديًّا ومعنويًّا على أسرهم، وبالتَّالي أصبح هناك حالة إجهاد وطنيَّة يدركها الجميع ولا يُمكِن أن نغطيَ أعيُننا عنها إذا أردنا أن نكُونَ صادقِين ومنصفِين تجاه هذا الوطن العزيز وأبنائه الكرام.

فئة الباحثين عن عمل تتزايد باستمرار، ومع نهاية العام الماضي 2024م تجاوز العدد الـ(90) ألف باحث. وأعتقد جازمًا اليوم أنَّها تجاوزت الـ(100) ألف بنهاية هذا العام. وهنا أقدِّم مقترحًا بسيطًا، وأعتقد أنَّ الفكرة ليست غائبة عن جهات صُنع القرار الوطني، وخصوصًا في مجلس عُمان والجهة المعنيَّة بالحماية الاجتماعيَّة، والمقترح يَقُوم على الآتي: صرف مبلغ نقدي لكُلِّ باحث عن عمل يساوي (100) ريال عُماني شهريًّا لمواجهةِ متطلبات الحياة، وتخفيف الضغط عن كاهل الوطن، ورفع مستوى الروح المعنويَّة، ونَشْر السَّعادة نسبيًّا بَيْنَ هذه الفئة من أبناء الوطن حتَّى يتمكن من الحصول على وظيفة يستكمل بها مستقبله الوطني. فكم ستُخفِّف هذه الـ(100) ريال عن كاهل الأُسر وعن هؤلاء الباحثين عن عمل. أمَّا المُسرَّحُون ـ وهُمْ بلا شك نسبة قليلة ـ فيُمكِن تشكيل لجنة فرعيَّة خاصَّة لمتابعة ظروفهم وأحوالهم، وخصوصًا المرتبطين بأُسر، والَّذين يقبعون تحت ظروف ماديَّة صعبة. فهؤلاء من الأوْلى ومن المسؤوليَّة الوطنيَّة أن يتمَّ معالجة ظروفهم بشكلٍ عاجل.

الـ(100) ريال المقترحة إذا ضُربت في (100) ألف باحث مثلًا سيكُونُ النَّاتج (10) ملايين ريال عُماني شهريًّا؛ أي ما يُعادل (120) مليون ريال سنويًّا، وهذا الرَّقم عادي طالما سوف يُزيح حالة وطنيَّة مُهمَّة ولو بشكلٍ مؤقت، كما أنَّ هذا الرَّقم المالي لن يخففَ عن كاهل الشَّعب والمُجتمع والأُسر فحسب، بل سيُخفف أيضًا عن كاهل الوطن همًّا كبيرًا، وسوف يُعزِّز مستوى الروح المعنويَّة ويُحقِّق انفراجة مهمَّة في المشهد الوطني. وهذه السُّيولة الماليَّة المحدودة سوف يتمُّ ضخُّها في الاقتصاد المحلِّي، وتُخفِّف العبء عن هذه الفئة وأُسرهم. ومن المُهمِّ هنا التَّأكيد على أنَّ قانون الحماية الاجتماعيَّة مشكورًا عالَج الكثير من الجوانب الاجتماعيَّة لدَى فئات كثيرة في المُجتمع. ولا شكَّ أنَّ هذه الفئة هي من الأَوْلى والأجدر أنْ يقدَّمَ لها الدَّعم، فهي تفقد من العمر والمستقبل سنوات شدادًا ما قد يُحدث تداعيات مستقبليَّة على حياتها، كما أنَّه من الأهميَّة الإسراع في المعالجة الشَّاملة للقضيَّة لِنرَى هذا الوطن العزيز في وضع كريم على الدوام بإذن الله.

نأمل أن يتمَّ النَّظر إلى هذا المقترح، وأعلم أنَّه ليس غائبًا عن صنَّاع القرار الوطني، ولكن التَّذكير بالأمر يأتي نابعًا من دواعٍ وطنيَّة.. نسأل الله الخير والسَّداد والتَّوفيق والعزَّة والكرامة لبلدنا العزيز سلطنة عُمان في ظلِّ قيادته الحكيمة، والله وليُّ التَّوفيق والسَّداد.

خميس بن عبيد القطيطي

[email protected]