الحادي عشر من ديسمبر، يوم قوَّات السُّلطان المُسلَّحة، رمز العزَّة والكرامة والنَّصر، ذاكرة وطن الأمجاد والبطولات، تاريخ عظيم صنع عُمان القوَّة، استحقاقات أُمَّة، ومفخرة وطن، تضحيات جليلة، مآثر ومواقف مشهودة، إنجازات سجَّلها التَّاريخ في ذاكرة الوطن الماجد، وفاء لباني نهضة عُمان الحديثة السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ، وتجديدًا لعهد الولاء والطَّاعة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم القائد الأعلى للقوَّات المُسلَّحة ـ حفظه الله ورعاه ـ، مدد يجسِّد معاني الفخر والاعتزاز في الأجيال الحاضرة والقادمة، وهي تواصل مَسيرة البناء، وتحقيق رؤية «عُمان 2040»، استشعارًا لرسالة قوَّات السُّلطان المُسلَّحة في الدِّفاع عن مكتسبات النَّهضة، والحفاظ على منجزات الوطن، وصون مقدراته، وسلامة أراضيه، شموخ وطن، وسموق مَجد، ومنهج إباء، وروح وثَّابة للعطاء من أجْلِ عُمان، أقسمت بوفائها للوطن وولائها للقائد الأعلى للقوَّات المُسلَّحة ـ حفظه الله ورعاه ـ، بأن تحمي كُلَّ شِبر في أرض عُمان العصماء، وتسهر على حدودها، ترعى حقوق المواطنين وتحفظ منجز الوطني الحضاري، وتعمل مع الأجهزة الأمنيَّة الأخرى على تحقيق الأمن والأمان، والتَّقدُّم والازدهار، مواصلة مَسيرة الخير، ماضية في سبيل رفعة هذا الوطن، محقِّقةً آماله وطموحاته، حافظةً نهضته وأمجاده، فانتصر بها الوطن وقويت بصمودها وثباتها ومبادئها وحضورها إرادة المواطن، نماذج رائعة في الوفاء للوطن والإسهام في التَّنمية، والمشاركة في بناء لبنات التَّطوير، يد تبني ويد تحمل السِّلاح، فكان لها في مضمار العطاء خير شاهد، وفي منصَّات الإنجاز وميادين المنافسة أصدق دليل.
وشكَّل الحضور المهيب لقوَّات السُّلطان المُسلَّحة بتشكيلاتها المختلفة في العرض العسكري الكبير في احتفالات سلطنة عُمان باليوم الوطني، فرصةً سانحة للتَّعبير عن ولائها للقائد الأعلى، وللوقوف على جاهزيَّتها وكفاءتها، مصونة مهابة في عين القائد الأعلى وأوامره السَّامية، واعترافًا بما تحظى به من عناية ورعاية من لدن المقام السَّامي، وتأكيدًا للدَّوْر الاستراتيجي والمسؤوليَّة الوطنيَّة الَّتي تلقي على عاتقها حماية الوطن والذَّوْد عن مقدَّساته والحفاظ على موارده وممتلكاته، والَّذي لم يكُنْ أن يتحقق لعُمان هذا الفضل العظيم والخير الكثير، إلَّا بفضل الله وقيادتها الحكيمة وإنسانها المخلِص وجنودها البواسل وأعيُنها السَّاهرة في مختلف المواقع والمسؤوليَّات، وعَبْرَ وجود قوَّات مُسلَّحة وأجهزة آمنة ذات جاهزيَّة عالية في الحفاظ على الأمن، وتحقيق النِّظام، وترسيخ الوعي، وتطبيق القانون، ورعاية الحقوق، وصون المكتسبات، وقد جاء في عاطر النُّطق السَّامي قوله: «ما كان لبلادنا عُمان أن تُحقق كُلَّ ذلك لولا القيادة الفذَّة للمغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ حضرة صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ رحمه الله ـ والأُسُس الثَّابتة الَّتي أقام عليها بنيان هذه الدَّولة العصريَّة، والتفافكم حَوْلَ قيادته واعتزازكم بما أنجزناه جميعًا تحت قيادته الحكيمة، ولولا ثبات ورسوخ الأمن وانتشار الأمان في رُبوع هذه البلاد الَّذي ما كان لِيتحققَ إلَّا بوجود قوَّات مُسلَّحة جاهزة وعصريَّة ومعدَّة إعدادًا عاليًا بكُلِّ فروعها وقِطاعاتها وأجهزة أمنيَّة ضمنت استقرار البلاد واحترام المواطنين فنحن نقدِّر دَوْرها العظيم لضمانِ منجزات ومكتسبات البلاد ونؤكِّد على دعمنا لها واعتزازنا بِدَوْرها».
ولم يغبْ عن أبناء عُمان الدَّوْر البطولي الَّذي قدَّمه قوَّات السُّلطان المُسلَّحة بتشكيلاتها المختلفة: الجيش السُّلطاني العُماني وسلاح الجوِّ السُّلطاني العُماني والبحريَّة السُّلطانيَّة العُمانيَّة وقوَّات الفِرق، ورئاسة أركان قوَّات السُّلطان المُسلَّحة ووزارة الدِّفاع، من أجْل عُمان الأرض والدَّولة والإنسان، في كُلِّ قِطاعات التَّنمية وبرامجها المختلفة، وأدركتْ أنَّ مسؤوليَّتها في حماية مقدَّسات الوطن وترابه الطَّاهر يعني استدامة مَسيرة العطاء وإسهامها في تعزيز مسارات التَّنمية المستدامة، وتحقيق أولويَّات رؤية عُمان وترسيخ بيئة الأمن والأمان والاستقرار، بما يحفظ منجز التَّنمية ويضع الأجيال العُمانيَّة المتعاقبة أمام مسؤوليَّة حمايته والمحافظة عليه، وإعادة إنتاجه ورسم معالمه عملًا بالواجب، واستشعارًا للمسؤوليَّة، وحرصًا على أداء الأمانة، وتجديدًا لعهد الولاء للوطن وجلالة السُّلطان، والعمل معًا من أجْل ضمان استحقاقات الإنسان العُماني الَّذي هو هدف التَّنمية وغايتها من خلال ما أتاحته له من فرص الانتساب إلى قوَّات السُّلطان المُسلَّحة؛ وأدَّت تشكيلاتها ووحداتها المختلفة أدوارًا تنمويَّة؛ اقتصاديَّة واجتماعيَّة وبيئيَّة وتنظيميَّة، وكان لها حضورها في التَّعامل مع الأزمات والحالات الطَّارئة الَّتي واجهتها سلطنة عُمان في فترات سابقة، حيثُ شاركت في كُلِّ مراحل التَّطوُّر، وأسهمت في ظلِّ اختصاصاتها ومسؤوليَّاتها في بناء الوطن في كُلِّ تفاصيله، كما أسَّست في الإنسان روح التَّغييـر، ومنهج العمل الصَّادق والولاء المتفرد، جسَّدت مفاهيم وقِيَم وفلسفة الحياة العسكريَّة والأمنيَّة ومبادئها في الواقع الاجتماعي للمواطن، لِتكُونَ بمثابة موجِّهات يعتمد عليها المُجتمع في تعزيز اللُّحمة المُجتمعيَّة وترسيخ قِيَم الوعي المُجتمعي، وتعميق روح المسؤوليَّة الَّتي يتَّسم بها الإنسان العُماني نَحْوَ وطنه، وإعداده وتهيئته في التَّعامل مع مختلف الأبعاد الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثَّقافيَّة والفكريَّة الَّتي يموج بها عالمه الواسع، مستنهضةً في فِقه الإنسان العُماني حسَّ المواطنة المتفرِّد، مستنطقةً فيه قِيَم البذل والعطاء، والتَّعاون والتَّكافل، والتَّضحية والفداء، وترسيخ الولاء والانتماء لعُمان، ويسطِّر في حروفه خيوط اتصال آمنة مترابطة تصنع أبجديَّات البناء الفكري الرَّصين والثَّقافة الأصيلة، مجسِّدةً ترابطها وتناغمها معاني الوحدة الوطنيَّة وحماية الوطن والمحافظة على مكتسباته، وتلبية الواجب الوطني في كُلِّ الظُّروف والأحوال؛ فإنَّ ملامح هذا الدَّوْر الاستراتيجي الَّذي تؤدِّيه قوَّات السُّلطان المُسلَّحة في التَّصاقها بالمُجتمع، وارتباطها بمقدَّرات الإنسان العُماني، وتناغمها مع التَّفكير الجمعي لصناعة مُجتمع السَّلام والأمن والتَّنمية، يسطِّر في حروفه معاني الولاء لنهضة عُمان المتجدِّدة ومَسيرتها المظفَّرة، نماذج من العطاء الممتدِّ والمبتكر، والإنجاز المتواصل، والجاهزيَّة الفائقة في التَّعامل مع كُلِّ الظُّروف، تستشعر بذلك عظمة الأمانة الَّتي تؤدِّيها، وتجسِّد روح الانتماء في تفانيها وإخلاصها لله والوطن والسُّلطان، وهي في كُلِّ ذلك تعكس مدلولات استثنائيَّة في العمل الوطني الرَّصين، الَّذي تتجلى فيه قِيَم الجودة والكفاءة والمنافسة في أداء الجنديَّة العُمانيَّة وشخصيَّتها المتفردة، في انضباطها وإخلاصها وولائها ووفائها وكفاءتها وجاهزيَّتها وحضورها المستمر في حياة المُجتمع وجهود التَّنمية، تجاوزت حدود الكمِّ وتعدَّت أبجديَّات الإحصاء وحساباته لِتقفَ على التَّطوير من أوسع أبوابه؛ تجسيدًا لفلسفة البناء والتَّطوير والشَّراكة الَّتي انتهجتها في مَسيرة العمل الوطني، بما يعكس دَوْرها المتجدِّد، ومَسيرتها النَّضاليَّة، وفلسفتها الإنسانيَّة القائمة على مبادئ الشَّراكة والتَّطوير وصناعة القوَّة.
عليه، يبقى الاحتفال بيوم الحادي عشر من ديسمبر نقطة تحوُّل في مَسيرة البناء والتَّطوير، وتاريخًا ماجدًا في ذاكرة الوطن الخالدة، يصنع لحياة المخلِصين الأوفياء من أبناء هذا الوطن الغالي، حضورًا قادمًا في كُلِّ محطَّات الإنجاز الوطنيَّة لِتقرأَ في الدَّوْر البطولي لقوَّات السُّلطان المُسلَّحة أعظم التَّضحيات وأصدق ملامح الحُب الخالد لعُمان وترابها الطَّاهر؛ ومحطَّة تأريخيَّة في ذاكرة الأيَّام تسترجع فيها عظيم التَّضحيات ونُبل الآمال والأحلام والأُمنيات الَّتي حمَلتها قوَّات السُّلطان المُسلَّحة في يوم النَّصر المظفَّر، واستراحة محارب لتذكير الأجيال القادمة من أبناء هذا الوطن بما عليهم من مسؤوليَّات معقودة تجاه وطنهم، وما يستدعيه ذلك من حضورهم الفاعل في عمليَّة البناء والتَّنمية، والدَّوْر البطولي الَّذي قدَّمته وتقدِّمه قوَّات السُّلطان المُسلَّحة من أجْل الوطن والإنسان في مختلف قِطاعات التَّنمية، وما حقَّقته من استحقاقات للجنديَّة العُمانيَّة في الدَّاخل والخارج، شهد بذلك ما حصلت عليه من تقدير وتميُّز وحقَّقته من جوائز في مشاركاتها الخارجيَّة، وإسهاماتها النَّموذجيَّة في بناء حاضر عُمان الزَّاهر. واحتفالنا بهذا اليوم الخالد محطَّة لقراءة تجلِّيات الوطن، وتعزيز الولاء والانتماء، والوقوف على تضحيات أبناء عُمان المخلِصين، ورجالها الأشاوس وجنودها المغاوير؛ تاريخًا حضاريًّا، ووقفة بطوليَّة في حياة الأُمَّة العُمانيَّة، رسمَتْ معالم التَّحوُّل، وأوقدت روح العزيمة والإرادة، وفتَحتْ أبواب الأمل بالنَّصر المؤزَّر والتَّنمية المستدامة.
د.رجب بن علي العويسي