يوفر فرص عمل نوعية للمواطنين ويحقق التوازن بين احتياجات القطاعين العام والخاص
مسقط ـ «الوطن»:
تجسد وزارة العمل التزامًا وطنيًا راسخًا بتطوير سوق العمل وتعزيز منظومة التشغيل بما يتناغم مع مستهدفات رؤية عُمان 2040، سعيًا نحو بناء بيئة عمل متكاملة وآمنة تمكّن القوى الوطنية من استثمار مهاراتهم وإبداعاتهم بكفاءة عالية، وتحافظ على حقوقهم وتوسّع آفاق تطورهم المهني بما يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة.
وتعمل الوزارة على بناء سوق عمل ديناميكي ومستدام قائم على الكفاءة والإنتاجية، يوفر فرص عمل نوعية للمواطنين، ويحقق التوازن بين احتياجات القطاعين العام والخاص، مع التركيز على تنمية الكفاءات البشرية بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وتعزيز مكانة سلطنة عمان كبيئة عمل جاذبة إقليميًا ودوليًا.
وانطلاقًا من مسؤولياتها الوطنية، تضم وزارة العمل منظومة متكاملة من المديريات والإدارات المعنية بالتخطيط وتقنية المعلومات، وسياسات العمل، والشؤون الإدارية والمالية، والتنظيم وتصنيف الوظائف، والتطوير وضمان الجودة، إضافة إلى المؤسسات التدريبية والكليات المهنية ومديريات العمل في المحافظات. ويُسهم هذا الهيكل المؤسسي في تحقيق التكامل بين مختلف الاختصاصات ورفع كفاءة إدارة سوق العمل من خلال تفعيل السياسات والاستراتيجيات الوطنية الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة.
وتواصل الوزارة تنفيذ التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بتخصيص 100 مليون ريال عُماني لدعم برامج التشغيل ودعم الأجور، تأكيدًا لحرص جلالته على تمكين الشباب العُماني وتعزيز فرصهم في سوق العمل. وحققت هذه البرامج منذ انطلاقها نتائج إيجابية ملموسة في القطاعين الحكومي والخاص، من خلال سد الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق، ورفع كفاءة الباحثين عن عمل عبر التدريب والتأهيل الميداني، وتوفير بيئة عمل مستقرة ومستدامة.
وتُعد برامج التدريب المقرون بالتشغيل أحد أبرز مسارات الوزارة، إذ تهدف إلى تأهيل الباحثين عن عمل من خلال التدريب المهني المتخصص، تمهيدًا لتوظيفهم في المؤسسات الحكومية والخاصة. كما يشمل برنامج التدريب على رأس العمل إكساب المتدربين خبرة عملية مباشرة داخل بيئات العمل، بالإضافة إلى برامج الإحلال الحكومي، والعمل الجزئي والحر، ودعم الأجور، وتمكين المشاريع الريادية في مختلف المحافظات. وتتحمل الحكومة تكاليف التدريب بالكامل، مع تقديم منح مالية شهرية للمشاركين بحسب مؤهلاتهم الأكاديمية، بما يعكس التزام الدولة بدعم الشباب وتأهيلهم وفق أعلى المعايير.
كما تسهم هذه البرامج في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر حوافز مرنة، وتشجع على استيعاب الكفاءات الوطنية ضمن بيئة عمل جاذبة. وتُعزز هذه الجهود من استقرار سوق العمل، وتوجد فرصًا نوعية مستدامة تسهم في تحقيق العدالة المهنية والتوازن بين مصالح العامل وصاحب العمل.
وفي إطار توسيع الشراكات الوطنية، وقّعت وزارة العمل اتفاقيات تعاون نوعية، منها اتفاقيتها مع الجمعية العُمانية لتقنية المعلومات لتطوير المعايير المهنية الوطنية في قطاع التقنية وإعداد الدراسات والخرائط المهنية، إلى جانب اتفاقية تعاون مع شركة ثواني الرائدة في الحلول الرقمية لتطبيق الحوافز المعنوية ضمن منظومة “إجادة”، بما يعزز بيئة العمل المؤسسية ويُسهم في تحسين جودة حياة الموظفين. ومن المتوقع أن يستفيد من هذه المبادرة أكثر من 210 آلاف موظف حكومي وأسرهم عبر باقات متنوعة تشمل مجالات السياحة والترفيه والسفر والخدمات.
وتؤكد هذه المبادرات على التزام الوزارة بتبني الحلول الرقمية والابتكارية التي تدعم التحول نحو الاقتصاد المعرفي والرقمي، وتُسهم في رفع تنافسية السلطنة إقليميًا ودوليًا، وتُمكّن المؤسسات من توظيف التقنيات الحديثة في تطوير الأداء ورفع الكفاءة التشغيلية.
كما تُولي الوزارة اهتمامًا خاصًا بالعلاوة السنوية في القطاع الخاص بوصفها حقًا وظيفيًا يرسخ العدالة المهنية ويحفز الأداء والإنتاجية، ويسهم في استقرار العامل ورفع رضاه الوظيفي، ويعزز من ثقة الكفاءات الوطنية في بيئة العمل الخاصة، بما ينعكس إيجابًا على جودة الأداء والتنمية المؤسسية.
وفي موازاة ذلك، تولي الوزارة التعليم والتدريب المهني اهتمامًا استراتيجيًا بوصفه رافعةً أساسية لتحقيق أهداف رؤية عُمان 2040. وقد تطور هذا القطاع منذ تأسيس أول معهد للتدريب المهني عام 1969 ليصبح اليوم منظومة متكاملة من الكليات المهنية التي تنتشر في مختلف محافظات السلطنة، وتعمل وفق رؤية تقوم على “الريادة في التعليم والتدريب المهني محليًا وإقليميًا لتحقيق التنمية المستدامة”. وتُسهم الكليات المهنية في إعداد كفاءات وطنية تمتلك المهارة والمعرفة، وتمنح مؤهلات معترفًا بها ضمن الإطار الوطني للمؤهلات، مما يتيح للطلبة مرونة الانتقال بين التعليم المهني والجامعي أو الالتحاق المباشر بسوق العمل. كما يعزز التوزيع الجغرافي العادل لهذه الكليات من التنمية الإقليمية المتوازنة عبر رفد كل محافظة بكوادر فنية مؤهلة تدعم اقتصادها المحلي.
ويمثل التعليم المهني ركيزة أساسية لتنويع الاقتصاد الوطني عبر إعداد فنيين وتقنيين يسدّون فجوة المهارات، وزيادة نسب التعمين في القطاعات الحيوية، ورفع الإنتاجية المؤسسية. كما يواكب التوجه العالمي نحو الاقتصاد الأخضر من خلال برامج متخصصة في الطاقة المتجددة وإدارة الموارد الطبيعية وإعادة التدوير، بما يرسخ مفهوم التنمية المستدامة.
وتأتي منصة «توطين» الوطنية كأحد أبرز المشاريع التحولية التي أطلقتها وزارة العمل لتنظيم التشغيل الوطني، وترسيخ مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص. تمثل المنصة نموذجًا متقدمًا في التحول الرقمي لسوق العمل العُماني، إذ تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية في تحليل اتجاهات العرض والطلب، وتحديد فرص العمل المستقبلية في القطاعات الاقتصادية المختلفة. صُممت “توطين” لتكون أداة مركزية لتنظيم التشغيل في ثمانية عشر قطاعًا اقتصاديًا حيويًا، من خلال ربط بيانات الباحثين عن عمل بالمؤسسات، وتوحيد الجهود الوطنية في التخطيط والإحلال، وتعزيز كفاءة توزيع القوى العاملة.
كما تُسهم المنصة في رفع جودة البيانات، وتحقيق الشفافية في إجراءات التوظيف، وتمكين متخذي القرار من صياغة سياسات تشغيل أكثر فاعلية واستدامة. ومن خلال هذه المبادرة الوطنية، تؤكد وزارة العمل التزامها بتوظيف التقنيات الحديثة في خدمة المواطن، وتحقيق أهداف رؤية عُمان 2040 عبر سوق عمل أكثر تنظيمًا وعدالةً وكفاءة.
كما أن وزارة العمل في سلطنة عُمان تواصل بخطى واثقة تنفيذ سياساتها وبرامجها التي تهدف إلى تمكين الإنسان العُماني بوصفه محور التنمية وغايتها، وترسيخ بيئة عمل مرنة وعادلة تواكب المتغيرات العالمية، وتُحقق التوازن بين الكفاءة والعدالة، وبين الإبداع والإنتاج، بما يجعل سلطنة عمان نموذجًا إقليميًا رائدًا في إدارة سوق العمل وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية.