يفتحُ الاحتفالُ باليومِ الوطنيِّ لسلطنةِ عُمانَ المَجيدِ بابًا واسعًا لِفَهْمِ الطَّريقةِ الَّتي يَقُودُ بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطانُ هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ مشروعَ الدَّولةِ في مسار التَّنميةِ الاجتماعيَّة، حيثُ تتقدَّمُ رؤيةُ جلالتِه من منطلَقٍ يَعدُّ الإنسانَ أساسَ البناءِ، وأوَّلَ عناصرِ القوَّةِ في أيِّ مشروعٍ وطني؛ لِيتحوَّلَ هذا اليومُ إلى مرآةٍ نرَى فيها كيف جرَى تطويرُ العملِ الاجتماعيِّ لِيصبحَ منظومةً حديثة تحمي الأُسرة، وتمنحُ المُجتمعَ قدرةً أعلى على الصُّمود، وتُعِيدُ رسْمَ العلاقةِ بَيْنَ المواطِنِ ودَولتِه من خلالِ شبكاتِ دعمٍ تمتدُّ عَبْرَ مراحلِ العمرِ، وتستندُ إلى معاييرَ واضحةٍ تَضْمنُ العدالةَ والإنصاف. وتظهرُ ملامحُ هذه الرُّؤيةِ في القرارات الَّتي أعادتْ تعريفَ دَوْرِ المؤسَّساتِ الاجتماعيَّة، وفي البرامج الَّتي تُعزِّزُ التَّمكينَ وترفعُ جودةَ الخدماتِ، وتَبْني بيئةً تدعمُ الاستقرارَ الأُسريَّ، وتمنحُ الفئاتِ الأكثرَ احتياجًا فرصًا حقيقيَّة للعيشِ بكرامة، كما يكشفُ هذا المشهدُ عن نهجٍ قياديٍّ يضعُ التَّنميةَ الاجتماعيَّة في قلبِ النَّهضةِ المُتجدِّدة، ويُحوِّلُها إلى ركيزةٍ تُسهمُ في صياغةِ مستقبلٍ يَليقُ بالمواطنِ العُمانيِّ.
إنَّ مسارَ التَّنميةِ الاجتماعيَّةِ الَّذي تَقُودُه الدَّولةُ يظهرُ حجمُه الحقيقيُّ عِندَ قراءةِ منظومةِ الحمايةِ الاجتماعيَّة عَبْرَ الأرقامِ الَّتي تعكسُ مدَى اتِّساعِها داخلَ المُجتمعِ العُمانيّ، إذ تجاوزَ عددُ المستفيدِين من هذه المنظومةِ نسبةَ (63.6) بالمئة، ما يعكسُ قدرةَ الدَّولةِ على الوصولِ إلى الشَّرائحِ الأكثرِ احتياجًا، وتقديمَ دعمٍ فعليّ يُعزِّزُ الأمنَ الاجتماعيّ. وتتقدَّمُ الجهودُ من خلالِ برامجَ مِثل منفعةِ دعمِ دخلِ الأُسر الَّتي صيغتْ لِتضمنَ وصولَ الدَّعمِ بدقَّة، إضافةً إلى التَّوسُّع في منظومةِ التَّقاعدِ وإعادةَ هيكلةِ الصَّناديقِ بما يتناسبُ مع تطلُّعاتِ المرحلةِ الانتقاليَّةِ (2024ـ2025) الَّتي تجاوزتْ نسبةُ الإنجازِ فيها (90) بالمئة، كما تُشيرُ الإحصاءاتُ الأخيرة إلى وجود (92) جهةَ عملٍ نشطةً في القِطاع العامِّ و(29370) جهةَ عملٍ من القِطاع الخاص، فيما بلغَ عددُ العُمانيِّينَ المؤمَّن عَلَيْهم أكثرَ من (604) آلافِ مواطِن، وصرفِ ما يزيدُ على (121) ألفَ معاشٍ نشط، ما يمنحُ المُجتمعَ شبكةَ حمايةٍ واسعةً تمتدُّ إلى مختلفِ الفئاتِ. ويكشفُ هذا الحضورُ الرَّقميُّ المتماسك عن قدرة الدَّولةِ على تحويل إطارِ الحمايةِ إلى واقع ملموسٍ يرفعُ جودةَ الحياةِ، ويُعزِّزُ ثقةَ المواطِنِ في دَوْرِ مؤسَّساتِه. لعلَّ التَّوجُّهَ المتقدِّم في برامج الرِّعايةِ الموَجَّهةِ للفئاتِ الخاصَّة يُقدِّمُ صورةً واضحة عن العُمق الإنسانيِّ، الَّذي تتأسَّسُ عَلَيْه منظومةُ التَّنميةِ الاجتماعيَّة في سلطنة عُمان، حيثُ تعملُ الدَّولةُ على بناء بيئةٍ تَضْمنُ لكُلِّ فردٍ حقَّه الكامل في الرِّعاية والتَّمكينِ. ويبرزُ هذا المسارُ في القرار السَّامي الَّذي رفعَ قِطاعَ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ إلى مستوى وكيلِ وزارةٍ داخلَ الهيكلِ الإداريِّ لوزارةِ التَّنميةِ الاجتماعيَّة، ما يُعزِّزُ قدرةَ المؤسَّساتِ على تقديم خدماتٍ نَوْعيَّة تتناسبُ مع احتياجاتِ هذه الفئةِ. ويأتي صدورُ قانونِ حقوقِ الأشخاصِ ذوي الإعاقةِ لِيمنحَ إطارًا تشريعيًّا شاملًا يحفظُ الكرامةَ الإنسانيَّة، ويدعمُ الاندماجَ المُجتمعيَّ، إلى جانبِ المبادرةِ السَّامية الَّتي اعتمدتْ سبعةَ ملايين ريال لإنشاء مركزِ اضطرابِ طَيْفِ التَّوَحُّدِ للرِّعاية والتَّأهيل. ويتواصلُ المشهدُ عَبْرَ برامجِ حمايةِ الطِّفلِ والأدلَّةِ المُنظِّمة للرِّعاية في الأُسر الحاضنة، إضافةً إلى مراكزِ الطفولةِ الَّتي بلغَ عددُ الملتحقين بها ثلاثةً وثمانينَ طفلًا حتَّى منتصفِ عام 2025، وبيوتِ الشَّباب الَّتي تحتضنُ سبعةً وسبعين شابًّا، وبرنامجِ الرِّعايةِ المنزليَّة لكبار السِّنِّ الَّذي وصلَ عددُ مستفيدِيه إلى ألفٍ وثلاثِمئةٍ وسبعةٍ وعشرين مستفيدًا. ويكشفُ هذا الامتدادُ الواسع للخدماتِ عن مُجتمعٍ يتحركُ نَحْوَ مزيدٍ من التَّماسكِ، ودَولةٍ تعملُ بروحٍ إنسانيَّة تُعلي قِيمةَ الإنسانِ، وتمنحُه القدرةَ على العيشِ في بيئةٍ اجتماعيَّة عادلةٍ وآمِنة.
إنَّ نتائجَ العملِ الاجتماعيِّ الواسع الَّذي تَبْنيه الدَّولةُ تتجلَّى في مؤشِّراتٍ واضحة تعكسُ حجمَ التَّحوُّلِ الَّذي يعيشُه المُجتمعُ العُمانيُّ، ما يمنحُ اليومَ الوطنيَّ المَجيد أبعادًا ترتبطُ بواقعِ النَّاسِ وتفاصيلِ حياتِهم اليوميَّة، وتبرزُ قِيمةُ هذا التَّحوُّلِ في توسُّعِ منظومةِ الحماية، وتنوُّعِ برامجِ الرِّعاية، وارتفاعِ حجمِ الفئاتِ المشمولة بالدَّعم، ما يكوِّنُ قاعدةً اجتماعيَّة مستقرَّةً تُواكبُ التَّطوُّرَ الاقتصاديَّ وتُعزِّزُه. ويتقدَّمُ هذا المسارُ عَبْرَ خدماتٍ ترتكزُ على معاييرَ دقيقةٍ تَبْني ثقةَ المواطِنِ في مؤسَّساته، وتمنحُ الأُسرةَ شعورًا أعلى بالأمان، وترفعُ جودةِ الحياةِ عَبْرَ شبكةِ دعمٍ تشملُ الطِّفلَ والشَّبابَ وكبارَ السِّنِّ وذوي الإعاقةِ والأُسرةَ بمختلفِ احتياجاتِها، ما يجعلُه ركيزةً تمنحُ السَّلطنة قدرةً أكبرَ على مواجهةِ المتغيِّراتِ، وتُعِيدُ صياغةَ العلاقةِ بَيْنَ التَّنميةِ الاقتصاديَّة والعدالةِ الاجتماعيَّة داخلَ مشروعِ النَّهضة. ويأخذُ اليومُ الوطنيُّ المَجيد مكانًا مميزًا داخلَ هذا السِّياقِ؛ لأنَّه يكشفُ عن دولةٍ تجعلُ الإنسانَ محورًا لرؤيتِها، وتمنحُه موقعًا مركزيًّا داخلَ معادلةِ المستقبلِ، وتُحوِّلُ الرِّعايةَ إلى قوَّةٍ تدعمُ استقرارَ المُجتمعِ، وتفتحُ أمامَه آفاقًا أوسعَ للتَّقدُّم.