خلال ملتقى «فـي ضيافة المحافظ»
نزوى ـ «الوطن»:
كشفت محافظة الداخلية في ملتقى «في ضيافة المحافظ» بنسخته الخامسة الذي أُقيم أمس في ولاية سمائل، عن حجم المشاريع التنموية التي تشهدها الولاية، وبالغة قيمتها الإجمالية أكثر من 60 مليون ريال عُماني، بين مشاريع تنفذها محافظة الداخلية ضمن اختصاصاتها، وأخرى تنفذها المؤسسات الحكومية في مختلف القطاعات، في إطار رؤية متكاملة تهدف إلى تحسين جودة الحياة والخدمات العامة وتعزيز التنمية، خاصة في قطاعات البنية الأساسية والصحة والسياحة.
يهدف الملتقى الذي جاء تحت عنوان “تواصل ورؤى مشتركة”، إلى استعراض المشروعات التنموية والخطط المستقبلية في الولاية، وتعزيز التكامل بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المحلي في صياغة البرامج والمبادرات التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم مستهدفات رؤية “عُمان 2040”. ويأتي تنظيمه استمرارًا لنهج المحافظة في ترسيخ مبدأ الشراكة المجتمعية وتعزيز التواصل المباشر مع أبناء الولايات لمناقشة أولويات التنمية المحلية ومتابعة سير تنفيذ المشاريع، إلى جانب طرح المقترحات التطويرية التي تخدم مختلف القطاعات.
وقال سعادة الشيخ هلال بن سعيد الحجري محافظ الداخلية أن الملتقى يجسد منصة حوارية فاعلة تجمع المسؤولين وأبناء المجتمع في بيئة تشاركية بنّاءة، لمتابعة سير المشروعات التنموية ومناقشة التحديات، ووضع رؤى مشتركة تُسهم في تحقيق التنمية المستدامة في مختلف ولايات المحافظة. مردفا أن المحافظة تولي أهمية كبيرة لإشراك المجتمع في صياغة خطط التنمية، إدراكا منها لدور المشاركة المجتمعية في تحديد الأولويات وصنع القرار التنموي بما يتواءم مع الخطط الخمسية القادمة. وأضاف سعادة الشيخ أن الملتقى يسعى إلى تحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المحلي في تنفيذ البرامج والمبادرات، وتشجيع الاستثمار في المجالات الخدمية والسياحية والحضرية، بما يُسهم في تنويع الأنشطة الاقتصادية وتعزيز مقومات التنمية المحلية.
وأكد سعادته أن اللقاءات الميدانية التي تنظمها المحافظة في مختلف ولاياتها أصبحت من الأدوات الفاعلة لتقييم سير المشاريع التنموية، والوقوف على التحديات التي تواجه تنفيذها، ومتابعة مؤشرات الأداء لضمان كفاءة الإنجاز وجودة المخرجات، مشيرا إلى أن المحافظة تعمل على تعزيز منظومة التواصل المؤسسي والتنسيق المتكامل بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة تُلبي تطلعات المواطنين وتسهم في ازدهار المحافظة.
بدوره قال سعادة علي بن محمد التميمي والي سمائل: "إن استضافة الولاية لملتقى «في ضيافة المحافظ» تمثّل فرصةً مهمةً لتعزيز التواصل المباشر بين الجهات الحكومية والمجتمع المحلي، والاطّلاع على ما تحقق من منجزات ومشروعات تنموية في مختلف القطاعات، إلى جانب مناقشة تطلعات الأهالي واحتياجاتهم المستقبلية، بما يسهم في مواصلة مسيرة التنمية المتكاملة التي تشهدها الولاية. وأكَّد سعادته أن اللقاء يأتي امتدادًا للجهود المتواصلة التي تبذلها محافظة الداخلية لتطوير العمل الإداري والبلدي في إطار من الشفافية والتكامل، وبما يتماشى مع مستهدفات رؤية عُمان 2040، مشيرًا إلى أن تبادل الرؤى والمقترحات بين المسؤولين والمجتمع يشكّل ركيزةً أساسيةً لدفع عجلة التنمية وتحقيق التنمية المستدامة في مختلف المجالات".
شهد الملتقى عرضًا تفصيليًا لعدد من المشروعات المنفّذة وجارية التنفيذ في الولاية، من أبرزها مشروعات الطرق الداخلية التي بلغت تكلفتها الإجمالية أكثر من 8.6 مليون ريال عُماني، شملت تنفيذ وصيانة طرق بطول 62 كيلومترًا في قرى الولاية، منها 26.5كيلومترا استلامها الولاية، و26.7 كيلومترا قيد التنفيذ، إلى جانب 10 كيلومتر في إجراءات التعاقد، بالإضافة إلى مشروعات الإنارة العامة حيث استلمت الولاية مشاريع تركيب عدد 245 عمود إنارة، وتركيب 136 عمود إنارة في قرى مختلفة بالتعاون مع الأهالي والقطاع الخاص.
كما استعرضت بلدية الداخلية خلال الملتقى عددًا من المشروعات الاستثمارية بولاية سمائل تضمنت 5 مشروعات بقيمة استثمارية تجاوزت 900 ألف ريال عُماني، إلى جانب مشروعات التطوير الحضري، حيث استلمت الولاية مشروع تطوير وتأهيل متنزّه هصاص، وشمل إنشاء جلسات عائلية وممرات مشاة ومساحات خضراء وخدمات عامة، ومشروع إنشاء سوق الأهالي بمنطقة الدسر بمساحة بناء بلغت 413 متر مربع، تضمن إنشاء 8 محلات تجارية مع دورات مياه ومصليين للرجال والنساء.
وأوضح الملتقى أن من ضمن مشروعات التطوير الحضري المخطط تنفيذها خلال الخطة الخمسية القادمة مشروع تطوير المنطقة التجارية بالمدرة، الذي يتضمن إنشاء مسطحات خضراء وممشى عام وجلسات، إلى جانب تطوير وتفعيل السوق المركزي بالمدرة ويشمل إنشاء وتشغيل سوق الحرفيين وإنشاء محلات تجارية وميدان مفتوح ومكونات أخرى بنظام الاستثمار، وهي مطروحة حاليًا عبر منصة “تطوير” في مرحلة التحليل والإسناد،إلى جانب مشروع تطوير سوق سمائل الشرقي (لزغ) الذي يُقام على مساحة 94,611 ألف متر مربع بين منطقتي السوق الحالية وسرور، ويهدف إلى تنظيم الأنشطة التجارية وتوفير بيئة صحية وتشجيع الاستثمار المحلي. يضم المشروع عرصة لبيع المواشي والأعلاف والخضراوات والفواكه والمشغولات اليدوية، ومنطقة تجارية استثمارية على مساحة 35 ألف متر مربع، إضافة إلى مبانٍ خدمية وعيادة بيطرية ومساحات خضراء وممشى عام، ومشروع متنزه منال السياحي وهو من مشروعات التطوير الحضري المقترحة، الذي يقع في منطقة جبلية ذات مناخ معتدل وإطلالة بانورامية خلّابة، وتبلغ مساحته 20,950 ألف متر مربع، ويتضمن جلسات وممرات ومرافق خدمية، كما يطرح فرصًا استثمارية متنوعة تشمل إقامة منتجع جبلي ومغامرات سياحية ومسارات مشي وحديقة مغامرات للأطفال.
كما قدّمت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات عرضًا مرئيًا تناول أبرز المشاريع الكبرى جارية التنفيذ في ولاية سمائل، ضمن جهودها الرامية إلى تطوير شبكة الطرق وتحسين كفاءتها بما يواكب النموّ العُمراني والتنموي في الولاية.
حيث استعرض مشروع طريق عقبة عافري وقرية السقاري الذي يُعدُّ من أهم المشاريع الحيوية الجاري تنفيذها حاليًا، إذ تجاوزت تكلفته الإجمالية 4,5 مليون ريال عُماني، بطول 6.2 كيلومتر، وقد بلغت نسبة الإنجاز فيه 49.6 % حتى نهاية الربع الثالث من عام 2025م. ويهدف المشروع إلى تسهيل الحركة المرورية بين القرى الجبلية وربطها بالمراكز السكنية والخدمية، إضافة إلى تعزيز السلامة المرورية وتحسين مستوى الوصول إلى المناطق الزراعية والسياحية التي تشتهر بها الولاية.
كما تناول العرض مشروع ازدواجية طريق سمائل – المدرة الذي يبلغ طوله 2.3 كيلومتر ضمن مرحلته الأولى، ويشمل تنفيذ نظام إنارة حديث بتقنية (LED)، وطرق خدمية بطول 3 كيلومترات على جانبي الطريق، ومداخل ومخارج منظمة، ومواقف للمركبات، إلى جانب شبكة لتصريف مياه الأمطار، وحمايات للأفلاج والمرافق المجاورة للطريق، بما يضمن انسيابية الحركة المرورية ورفع مستوى الأمان، ورُفِعَ المشروع إلى وزارة الاقتصاد لاعتماده ضمن مصفوفة مشاريع عام 2026.
وفي القطاع الصحي، تتسارع الأعمال في تنفيذ مشروع مستشفى سمائل الجديد الذي يعدُّ من أبرز المشروعات الاستراتيجية بطاقة استيعابية تبلغ 170 سريرًا وبتكلفة تتجاوز 45 مليون ريال عُماني، ووصلت نسبة الإنجاز في المشروع 73 بالمائة حتى نهاية أكتوبر الماضي.
وقدّم البروفيسور محمود بن حمد الوهيبي الخبير الدولي في التخطيط الحضري والتنمية المستدامة والرئيس التنفيذي لشركة عُمان ثنك أوربان خلال الملتقى عرضًا مرئيًا تناول فيه الخطة الاستراتيجية لمحافظة الداخلية، التي تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة في مختلف القطاعات بما يتوافق مع مستهدفات رؤية عُمان 2040، ويعزز من دور المحافظة في دعم مسار التنمية الوطنية.
وأوضح البروفيسور محمود الوهيبي أن إعداد الخطة جاء في إطار تمكين المحافظات من وضع استراتيجياتها التنموية الخاصة وفق التوجهات الوطنية للامركزية الإدارية، وبالتنسيق مع مختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة، لتكون بمثابة خارطة طريق واضحة تسهم في تحسين كفاءة التخطيط التنموي، وتطوير الخدمات، ورفع جودة الحياة للمواطنين في ولايات المحافظة.
وبيّن أن الخطة الاستراتيجية لمحافظة الداخلية تستند إلى أربعة محاور أساسية تشمل التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال تحفيز الاستثمار وتنويع القاعدة الاقتصادية، ودعم القطاعات الواعدة كالزراعة والسياحة والصناعات الحرفية، إضافة إلى التنمية الحضرية المتوازنة التي تركّز على تطوير المراكز الحضرية وتحسين جودة البنية الأساسية والخدمات وفق المعايير الحديثة. كما تتناول الخطة محور التنمية الاجتماعية والثقافية عبر تمكين المجتمع المحلي وتعزيز الهوية العُمانية، إلى جانب محور الاستدامة البيئية والإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية لضمان الاستخدام الأمثل للأراضي والمياه والطاقة.
وأشار البروفيسور الوهيبي إلى أن الخطة تسعى إلى تحقيق التكامل بين ولايات المحافظة من خلال تحديد أدوار كل ولاية ضمن منظومة تنموية مترابطة تراعي الميزات النسبية لكل منطقة. فولاية سمائل -على سبيل المثال- تمثل محورًا اقتصاديًا وتجاريًا رئيسيًا بحكم موقعها الاستراتيجي بين مسقط والولايات الداخلية، وهو ما يجعلها نقطة ارتكاز مهمة في تعزيز النشاط الاقتصادي والخدمي في المحافظة.
وأكدَّ أن إعداد الخطة جاء عبر منهجية تشاركية اعتمدت على عقد ورش عمل وجلسات نقاشية مع مختلف فئات المجتمع المحلي وممثلي المؤسسات الحكومية والخاصة، بهدف رصد التحدّيات وتحديد الأولويات التنموية وصياغة الأهداف بدقة وفق الاحتياجات الواقعية لكلّ ولاية، بما يضمن مشاركة المجتمع في صياغة مستقبل محافظته.
وأضاف أن الخطة تتضمن برامج ومشروعات عملية قابلة للتنفيذ موزعة على مراحل زمنية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، مع تحديد مؤشرات لقياس الأداء ومتابعة الأثر التنموي لكل مشروع، بما يسهم في رفع كفاءة الأداء المؤسسي وتحقيق تنمية متوازنة بين الولايات.
وفي جانب المبادرات المجتمعية، استعرض الملتقى مشروع تطوير قرية سيجاء التراثية الذي يهدف إلى إعادة إحياء الحارة القديمة وتحويلها إلى وجهة سياحية وثقافية تعزز الهوية العُمانية الأصيلة، إلى جانب مبادرة تطوير قرية سرور التي تسعى إلى ترميم المساكن التراثية وتطوير الممشى العام وإقامة مرافق خدمية وسياحية تبرز تاريخ القرية وتراثها العريق، وتشجع الاستثمار المجتمعي في السياحة الريفية والحرف التقليدية. ومشروع إدارة وتشغيل حصن سمائل الذي يسعى إلى تنشيط الحركة السياحية وتوفير فرص عمل لأبناء الولاية ودعم الحرفيين والأسر المنتجة.
وأكَّد سعادة الشيخ محافظ الداخلية أن ما دار خلال الملتقى من نقاشات ومقترحات مثري، ويعبّر عن وعي أبناء الولاية وحرصهم على المشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية، مشيرًا إلى أن المحافظة ماضية في تنفيذ توصيات الملتقى ومتابعة مخرجاته لتحقيق التنمية الشاملة في جميع ولاياتها.
ويأتي تنظيم ملتقى «في ضيافة المحافظ» ضمن جهود محافظة الداخلية لتعزيز الحوار المجتمعي وتكامل الأدوار بين مختلف الجهات الحكومية والمجتمعية في رسم خارطة التنمية المحلية، بما يترجم تطلعات رؤية «عُمان 2040» نحو اللامركزية وتمكين المحافظات من إدارة أولوياتها التنموية بما يحقق الرفاه والاستدامة.