الخميس 13 نوفمبر 2025 م - 22 جمادى الأولى 1447 هـ
أخبار عاجلة

الألف وتغييراتها فـي التراكيب اللغوية «دراسة صرفية» «1»

الأربعاء - 12 نوفمبر 2025 12:38 م

الألف في اللغة العربية لها تأثيراتٌ كبيرةٌ، ومعانٍ كثيرة، وتداخلات خطيرة، يعرفها المتخصصون في اللغة ، وذلك على المستويات:(النحوية، والصرفية، والبلاغية، والإملائية، ومَنْ ليس على صلة بها)، ومِنْ إدراكها، فقد لا يفهم قضيةَ الإعجازَ القرآنيَّ في وُرُودِهَا في سياقاتِها فَهْمًا حقيقيًّا، صحيحا، ودقيقًا، وقد لا يتأثر بقراءةِ مَا دخلتْ عليه تلك الألفُ، سواء أكانت ألفا زائدة، أم دَخَلَتْ لغرض صرفيٍّ، أو دلاليٍّ، أو غَيَّرَتْ صيغةَ البِنية التركيبية، وأحالتْ ـ على سبيل المثال، لا الحصر ـ اللازم إلى متعدٍّ، أو نقلتِ اللفظ إلى المشاركة، وغيرها من ألوان الألف، ودلالاتها، كما سنرى من خلال عرض تلك الأسطر.

وهنا أَدْرُسُ الألفَ على المستوى الصرفي فقط، وأرصدُ تأثيراتِها على الصيغ، وتغييراتِها التي تلحقها بسببٍ صرفيٍّ، لا غيرَ، ونؤجِّل تأثيراتها النحوية، والبلاغية، والإملائية إلى مقالات أُخَر، تنهض لها، وتبينها بإذن الله.

ومن تلك الأنواع للألف، وتأثيراتها ما يُسَمَّى بألف المفاعلة، أو ألف المشاركة، وهي تلك التي تتطلب فاعلين، كلٌّ منهما يشارك الآخر، أو تتطلب فاعلًا ومفعولًا، كلٌّ منهما شارك مع الآخر، فمن الأولى ما يأتي على وزن (تَفَاعَلَ) بزيادة ألف المفاعلة، نحو قولهم:(تهاتف محمدٌ وأحمدُ، وتعاون زيدٌ وعمرٌو، وتقاتَل عليٌّ ومحمودٌ) أي: كل منهما يصح أن يكون فاعلا، فالفعل الذي على وزن تفاعل الأصل أن يكون له فاعلان، بينهما واوُ العطف، ومن الثاني ما ورد على وزن فَاعَلَ(بزيادة ألف المفاعلة التي هي من وسائل تعدية الفعل اللازم)، نحو قولهم: شارك زيدٌ عَمْرًا، وقاتل المؤمنُ الكافرَ، وعَادَى المظلومُ ظالمَه، فهي تنقل الفعل اللازم إلى المتعدي، وتنقل الفعلَ المتعديَ لمفعول واحد إلى متعدٍّ إلى مفعولين، والفعلَ المتعديَ إلى مفعولين إلى متعدٍّ إلى ثلاثة مفعولات، فلها (وهي حرف زائد) تأثيرٌ كبير على الصيغة، وعملها في جملتها، ونقلها الفعل من الضعف إلى القوة.

ومنها الألفُ التي تنقلب واوًا لِضَمِّ ما قبلها، وذلك عند البناء للمجهول، نحو: كاتَبَ زيدٌ عمرًا، نقول في بنائها للمجهول:(كُوتِبَ عَمْرٌو)، ونحو:(عاون محمد زيادًا»، نقول: عُووِنَ زيادٌ)، ونحو:(كافحتِ الدولةُ الأمراضَ) نقول:(كُوفِحَتِ الأمراضُ) بقلب الألفِ واوا لقاعدة التناسب الصوتي من جانب؛ لكونها ألفا سبقت بضم، فتقلب واوا لتناسب حركة ما قبلها، ولبيان أن ما بعدها قد فُعِلَ به الفعلُ.

ومنها الألف التي تقلب ياءً؛ لكسر ما قبلها، وذلك يتمُّ في مواضع عدة، منها:(1) عند البناء للمجهول من الأجوف الواوي، نحو:(قال محمدٌ الحقَّ)، نقول فيها:(قيل الحقُّ)، ونحو: (قاد الرجلُ الركبَ)، نقول فيها:(قِيدَ الركبُ)، ونحو:(صال الرجلُ، وجال في الميدان)، نقول فيها:(صِيلَ وجِيلَ في الميدان)، بقلب الواو ياء لكسر ما قبلها، لبيان أنها قد بنيت للمجهول، ويحذف فاعلُها.

ومنها عند التصغير؛ حيث تقلب الواوُ ياءً؛ لكسر ما قبلها كتصغير:(عُصْفُور، ودَبُّور، وصُنبور)، نقول فيها:(عُصَيْفِير، ودُبَيْبِير، وصُنَيْبِير) بقلب الواو ياء دلالة على التصغير، وأنها أشياءُ صغيرة، وليستْ كبيرة، فقد أدَّتِ الألف المنقلبة ياء دلالةً لم تكن موجودةً قبل قلبها ياء، وحدوث التصغير.

ومنها الألفُ التي تقلَب ياءً للتصغير، نحو: (كتاب، وعُنَّاب، وسراج، ومثقاب، ومفتاح)، نقول فيها عند تصغيرها، وبيان دقتها، وصغر حجمها، أو وزنها العلمي:(كُتَيِّب، وعُنَيْنِيب، وسُرَيِّج، ومُثَيْقِيب، ومُفَيْتِيح)، فندلُّ بقلب الألفِ ياءً على صغرها، وقلة حجمها، أو عدم خطورة وزنها العلمي، وضِيقِ فكرتها، وكذا في نحو:(غُلام، وحُطام، وسلام)، نقول فيها: (غُلَيِّم، وحُطَيِّم، وسُلَيِّم).. وهكذا.

ومنها عند الكلمات المفردة التي ستُجْمَعُ، مثل:(مسمار، ومخبار، ومنشار، ومنقار)، نقول فيها عند جمعها:(مسامير، ومخابير، ومناشير، ومناقير)، وكذا عند تصغيرها: مفردةً، أو مجموعة، نحو:(مسمار، ومخبار، ومنقار، ومسبار، ومثقاب، ومنشار)، نقول فيها: (مُسَيْمِير، ومُخَيْبِير، ومُنَيْقِير، ومُسَيْبِير، ومُثَيْقِيب)، و(مُسَيْمِيرِات، ومخيبيرات، ومنيقيرات، ومسيبيرات).. وهكذا.

د.جمال عبدالعزيز أحمد

 كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة - جمهورية مصر العربية

[email protected]